طلحة جبريل

 

إنه حقا أكبر هروب في التاريخ. 

تشير التقديرات إلى أن 22 ألف أفغاني يفترض إجلاؤهم من أفغانستان نحو أميركا وكندا وبعض الدول الأوروبية.

كان المشهد الأخير في “حرب أفغانستان” أكثر من سوريالي.

مقاتلو طالبان داخل القصر الرئاسي في كابول يلهون ويلعبون مثل أطفال داخل ساحة ملحقة بالقصر.

“شرطي” من طالبان ينظم حركة المرور في أحد شوارع كابول، وهو يحمل رشاشا يطلق منه رصاصات لإجبار السائقين على احترام “تعليماته”.

 آلاف الأفغان في “مطار حامد كرزاي” في كابول يركضون خلف طائرة أميركية ضخمة متحركة فوق مدرج، عسى ولعل تقف وتفتح أبوابها لهم.

حاصر الأفغان الطائرة وحاولوا ركوبها مع انتشار الذعر عقب سيطرة طالبان على العاصمة بعد 20 سنة من الإطاحة بنظامهم من قبل القوات الأميركية.

 أظهر مقطع فيديو طائرة عسكرية أميركية أخرى تحاول التحليق بينما كان عشرات الأفغان يركضون بجانبها، في محاولة على ما يبدو لمنعها من الإقلاع بدونهم. حتى أن البعض صعد على متنها، وتشبثوا بها مع زيادة سرعة الطائرة.

في يوم “الهروب الكبير” كانت عناوين أكبر ثلاث صحف  أميركية  كالتالي:

“وول ستريت جورنال”: ” عنف في مطار كابول في وقت يحاول الأفغان الهروب من طالبان “.

“نيويورك تايمز”: “الأفغان اليائسون يسعون إلى الفرار”. 

“واشنطن بوست”: “الأفغان يتدافعون للفرار من كابول”.

هذه العناوين تكاد تكون متطابقة مع عناوين الصحف الثلاث عندما انتهت حرب فيتنام.

يقال إن التاريخ لا يعيد نفسه، ولا يكرر نفسه. إذا فعل فان المرة الأولى تكون دراما مؤثرة، وأما المرة الثانية فأنها تصبح ملهاة مضحكة. 

أقول إن التاريخ يبقى دوماً هو التاريخ يظهر كما يجب ومتى يجب وأين يجب.

في دراما “الهروب الكبير من كابول” أعاد التاريخ نفسه، وكان المشهد مطابقا لما حدث في فيتنام.

 في عام 1975، التقط مصور صورة أصبحت “تاريخية” لأفراد يتدافعون نحو مروحية على سطح أحد المنازل في مدينة سايغون بعد إعلان انتهاء الحرب في فيتنام.

المفارقة أن صحافي في مطار كابول صور مقطع فيديو”تاريخيا” لمئات الأفغان اليائسين الذين يحاولون التسلق على متن طائرة عسكرية أميركية أثناء استعدادها للإقلاع، هذا المقطع الذي كانت صحيفة “وول ستريت جورنال” أول من نشرته على موقعها الإلكتروني، يمكن أن يطارد الذاكرة الأميركية، كما حدث مع صورة الأشخاص الذين كانوا يحاولون ركوب طائرة مروحية على سطح منزل في سايغون وأضحت من يومها رمزا للانسحاب الأميركي المهين من فيتنام.

لكن السؤال الذي يسبق ما عداه من الأسئلة: لماذا يغامر الأفغان بحياتهم للهروب من بلادهم؟

الجواب:إنها طالبان، وما أدراك ما طالبان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *