تقي الدين تاجي

تقي الدين تاجي*

إفتراءات وأراجيف وسقطات مهنية بالجملة، تضمنها تحقيق موقع Forbidden Stories ومنظمة العفو الدولية، الذي إتهم المغرب، بالتورط في عمليات تجسس على صحفيين ومسؤولين إعلاميين فرنسيين، باستخدام تقنيات شركة إسرائيلية.

والواقع أنها ليست المرة الأولى التي تتهم فيها “أمنستي” ، المغرب بالتجسس على هواتف صحافيين أو نشطاء، وهي المنظمة المعروفة بتقاريرها، المنحازة والمناوئة لمصالح المملكة المغربية، فمنذ سنة 2019 وهاته الهيأة تصر على إجترار نفس الأسطوانة المشروخة، لتنبري سنة 2020 إلى إتهام المخابرات المغربية، بإختراق هاتف الناشط المغربي، عمر الراضي، باعتماد تقنية “بيغاسوس”.

وقد نفت السلطات المغربية في حينه، هاته الإدعاءات نفياً قاطعاً، مؤكدة أن ما أسفرت عنه نتائج التحقيق لا أساس له من الصحة، وأكدت أنه لا تربطها علاقة بشركة NSO الإسرائيلية.

هي إذن اتهامات تتكرر في كل مرة، بالتزامن مع إندلاع توترات مع الجارة الشرقية الجزائر، المعروفة بإغداقها بسخاء على “لوبيات الضغط” والمنظمات الدولية المشبوهة، بغرض دفعها لإصدار تقارير و”تحقيقات”، تستهدف الإساءة الى سمعة المغرب الأمنية والاستخباراتية، المشهود لها بالكفاءة على الصعيد الدولي، وبغرض التشويش على المملكة المغربية، وعلى نجاحاتها الدبلوماسية.

ولعل ما يعزز ذلك، هو تزامن إدعاءات أمنستي و “فوربيدن ستوري”، مع السعار الذي أصاب نظام العسكر الجزائري، عقب إثارة المغرب لـقضية القبايل “وحق هاته المنطقة المحتلة من طرف الجزائر في تقرير مصيرها”، لتعمَدَ “الجارة الشرقية” الى استنفار إعلامها، ومعه بعض بائعي الذمم، الذين ما فتئت تغدق عليه بالعطايا، من أموال الشعب الجزائري، مقابل إصدار تقارير وتحقيقات مدفوعة الأجر، من طرف بعض المنظمات التي تشتغل تحت الطلب، شعارها : “مَن يدفع لي أصفق له وأشتم خصمه”.

وبالعودة إلى مزاعم آمنستي، فهل يقبل المنطق أن يتجسس المغرب على صحافيين ونشطاء فرنسيين، في مقابل عدم ورود إسم أي من نشطاء البوليساريو المقيمين على الأراضي الفرنسية، وقد كان من باب أوْلى لو كانت للمملكة المغربية نية في التجسس على أحد، أن يكون “قادة بوليساريو” على رأس قائمة المستهدفين، بالنظر إلى المؤامرات التي لا ينفكون يحيكونها ضد مصالحها الوطنية العليا”، ومن بينهم “آمينتو حيدر” على سبيل المثال لا الحصر، والتي تقيم بالمغرب وتدخل إليه متى شاءت، دون أن يعترضها أحد، برغم مواقفها العدائية التي تجاهر بها.

والحال أن جهل مُعدي هاته التقارير، بـ “جيوبوليتيك” المغرب، هو الذي دفع بهم في لحظة تسرع، أو ربما أيضا في لحظة إنتشاء “بتلقي تحويلات مالية”، وكذا تحت ضغط “الجهات إياها” إلى إقحام وبشكل عشوائي مجموعة أسماء، ضمن قائمة الضحايا، حتى دون طلب إذنهم، أو إخضاع هواتفهم للبحث كما تزعم المنظمة واتحاد فوربيدن.

ونورد هنا كمثال حالة الصحفي المغربي “أحمد نجيم”، مدير نشر موقع كود الذي استغرب من إقحام إسمه في اللائحة المذكورة، بدون علمه، بل وحتى دون إخضاع هاتفه المحمول، لأي خبرة تقنية.

وأيضا هناك الصحافي المغربي رضى زيرك، الذي تشاطر على صفحته الشخصية بفيسبوك، تغريدة، أكد من خلالها ظهور اسمه في القائمة “ضحايا التجسس”، قبل أن يتم حذف اسمه ، مباشرة بعد تعبيره عن استغرابه من إقحامه بهاته اللائحة المغرضة دون علمه.

هنا تنفضح النية المبيتة، لهاتين الهيأتين، في إستهداف المغرب، وأن الهدف الحقيقي من وراء ذلك، هو خدمة جهة معينة، تسعى الى تعكير مياه العلاقات المغربية الفرنسية، بما يتيح لها إبعاد أحد أبرز الدول الداعمة، لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.

وعلى الجانب الآخر، عرّت صحيفة لوبسرفاتور الفرنسية”، الثغرات الفادحة في تحقيق “امنستي” و”فوربين”، معتبرة أن كِلا الهيأتين “تفتقران إلى الموارد البشرية الكافية لإجراء تحقيقات لا غبار عليها”.

وقالت الأسبوعية الفرنسية الشهيرة، في مقال حمل عنوان “ثغرات بارزة في تحقيق ائتلاف Forbidden stories ومنظمة أمنستي”، أن هؤلاء “المحققون” يدّعون أن المغرب استهدف من خلال برنامج التجسس بيغاسوس رقم هاتف في ملكية المثير للجدل إريك زمور، الذي قدم في فبراير 2019 سكيتشات تهكمية عنيفة ضد المهاجرين المغاربة باستوديو قناة LCI الفرنسية.

وأضاف كاتب المقال قائلا: “لكن السؤال الذي يطرح نفسه منطقيا، لماذا يتجسس المغرب على هذا المفكر الذي يعرف الجميع أفكاره؟ وعلاوة على ذلك، كيف يمكن لمواقف واضحة مثل مواقف زمور بشأن المهاجرين المغاربة أن تبرر التجسس المفترض للشركة المغربية المجهولة؟

وزاد موضحا “أن السلطات في المغرب تندد دائما بعدم حياد هذه المنظمة التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان فيما يتعلق بقضايا مرتبطة بالمملكة المغربية.”

فمتى “يعفو الله” عن “منظمة العفو” من هاته “البْلية المشينة”ْ ؟

*صحفي متخصص في العلاقات الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *