سعيدة شريف 

 

يعيش مغاربة العالم في الفترة الأخيرة على أعصابهم، وتسود بينهم حالة من الغضب والاستياء بسبب غلاء تذاكر السفر عبر الطائرات والبواخر إلى المغرب، وتعقيد بعض الإجراءات الاحترازية المتعلقة بالحجر الصحي بالنسبة إلى غير الملقحين، وضرورة المكوث في فندق لمدة عشرة أيام.

وتعالت الكثير من أصوات الجالية المغربية بالخارج، منددة بهذه الإجراءات، وغموضها، ومطالبة بتوضيحات من الجهات المسؤولة عن كيفية سفرهم إلى المغرب، وإعادة النظر في سياسة التواصل، داعية الحكومة إلى التدخل من أجل تيسير سفرهم إلى المغرب والاجتماع بأحبابهم وأصدقائهم، خاصة أن أغلبهم لم يزوروا المغرب منذ سنتين بسبب جائحة كورونا، وأنه في ظل هذه الاجراءات ستكون زيارة الوطن والأهل أمرا مستحيلا.

وسجلت أسعار تذاكر السفر عبر الجو والبحر بين أوروبا والمغرب، حسبما نقل العديد من المغاربة المقيمين بالخارج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ارتفاعا قياسيا بالتزامن مع عملية عبور “مرحبا 2021” وفتح الحدود الجوية المغربية. وبلغ سعر الرحلة الجوية أزيد من 3000 يورو بينما تجاوز سعر الرحلة البحرية من فرنسا إلى المغرب أزيد من 4000 يورو.

ولهذا انتشرت هاشتاغات كثيرة من قبيل: “خليها تصدي”، “خليها تطير فارغة”، “ارحموا مغاربة العالم”، “ارحموا مغاربة الخليج وإفريقيا”، “ارحموا طلبة أوكرانيا”، وغيرها من الهاشتاغات المنددة بهذا الارتفاع الصاروخي لأسعار التذاكر، وبالاجراءات الاحترازية، ولكن فيديو لطفل مغربي مقيم بأوروبا مع والديه، يبكي بحرقة لأنه لن يتمكن من العودة بعد أن أخبره والده بأنهم لن يتمكنوا من السفر لرؤية العائلة، يدمي القلب ويسائل السلطات عن هذه الاجراءات، كما يناشد طلبة كمغاربة بأوكرانيا الحكومة المغربية من أجل إعادة النظر في وضعيتهم لأنهم لن يتمكنوا لا هم ولا عائلاتهم من تحمل غلاء تذاكر السفر، ولا حتى الإقامة في المغرب في فندق لمدة عشرة أيام، كإجراء احترازي ووقائي.

 

والشيء نفسه بالنسبة إلى مغاربة إفريقيا والخليج، الذين استثنت بلدانهم من القائمة “أ” من مثل دولة الإمارات العربية المتحدة السباقة للتطعيم، والأولى عالميا في هذا الشأن، ما دعاهم إلى مطالبة الجهات المسؤولة توضيح ذلك البلاغ الغامض وغير المفهوم لعموم الجالية، والذي يتحدث عن الحجر الصحي والرخصة الاستثنائية، وليست هناك أي تفاصيل أو معطيات توضيحية بخصوصه، وهل الحجر الصحي سيكون في البيت أم في الفندق.

ومما زاد الطين بلة، تضارب آراء بعض المسؤولين في تدوينات لهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يستدعي إعادة النظر في هذه القرارات أو على الأقل توضيحها للمغاربة المقيمين بالخارج، وهو ما طالبت به العديد من جمعيات المجتمع المدني والفاعلين من أجل تأمين مرور عملية عبور “مرحبا 2021” في أفضل الظروف.

ومن جهته وجه رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، نور الدين مضيان، سؤالا كتابيا في البرلمان إلى وزير التجهيز والنقل واللوجيستيك والماء، عبد القادر اعمارة، عن “الإجراءات الاستعجالية التي تعتزم الحكومة القيام بها لتخفيض أسعار تذاكر السفر عبر الخطوط الجوية الملكية والبواخر المخصصة لنقل الجالية المغربية المقيمة بالخارج إلى أرض الوطن، حتى يتمكنوا من زيارة وطنهم في ظروف مادية ومعنوية ملائمة”.

وأشار مضيان في سؤاله الكتابي إلى أن الجالية المغربية المقيمة بالخارج مرت بظروف اجتماعية وإنسانية ومادية صعبة طيلة السنتين الماضيتين بفعل تأثيرات تفشي جائحة كورونا، مبرزا أنها “أبانت عن حس وطني عال خلال الأزمة خاصة عبر الارتفاع المضطرد لتحويلاتها من العملة الصعبة نحو الوطن والتي شهدت أرقاما قياسية وغير مسبوقة”.

وعبر مضيان عن أسف حيال هذا الارتفاع غير المقبول في تكلفة العودة إلى أرض الوطن، خاصة أسعار الخطوط الملكية المغربية، وكذا البواخر المخصصة لنقل الجالية المغربية من موانئ دولتي إيطاليا وفرنسا.

وعن أسباب هذا الارتفاع المهول في تذاكر السفر، كشف مصدر مسؤول، رفض الإفصاح عن اسمه، أن هذا الأمر ناتج عن ارتفاع طلب السفر الكبير من طرف أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، ومن طرف الأجانب أيضا الذين يرغبون في زيارة المغرب، وأنه لا علاقة له بقرار المغرب الاستغناء عن نقاط العبور البحري على مستوى إسبانيا في عملية عبور “مرحبا 2021″، والاقتصار على نفس موانئ العبور التي تم العمل بها السنة الماضية، ويتعلق الأمر بميناء “جنوة” في إيطاليا و”سيت” بفرنسا، وذلك وفق الشروط الصحية المحددة، مع التنبيه إلى أنه بالإضافة إلى تحليل PCR الذي أدلوا به لركوب الباخرة، سيخضع الوافدون لتحليل PCR ثان خلال الرحلة توخيا لأقصى درجات السلامة الصحية لهم ولذويهم.

ويأتي هذا الطلب المتزايد على السفر إلى المغرب، بعد إعلان وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في بلاغ لها عن استئناف الرحلات الجوية من وإلى المملكة المغربية ابتداء من 15 يونيو 2021 في إطار تراخيص استثنائية، بالنظر إلى كون المجال الجوي للمملكة ما زال مغلقا، حيث تم تصنيف الدول إلى قائمتين: قائمة “أ” وقائمة “ب” على أساس توصيات وزارة الصحة، بناء على المعطيات الوبائية الرسمية التي تنشرها منظمة الصحة العالمية أو تلك الدول نفسها عبر مواقعها الرسمية.

وأشار البلاغ إلى أنه يتوجب على المسافرين القادمين من الدول المدرجة في هذه اللائحة، استصدار تراخيص استثنائية قبل السفر، والإدلاء باختبار PCR سلبي يعود لأقل من 48 ساعة من تاريخ ولوج التراب الوطني، ثم الخضوع لحجر صحي مدته 10 أيام.

وتشمل اللائحة “أ”، كل البلدان التي تتوفر على مؤشرات إيجابية فيما يتعلق بالتحكم في الحالة الوبائية، وخاصة انتشار الطفرات المتحورة للفيروس، حيث يمكن للمسافرين القادمين من هذه الدول – سواء كانوا مواطنين مغاربة، أو أجانب مقيمين في المغرب، أو مواطنين لتلك الدول أو أجانب مقيمين بها– الولوج إلى التراب المغربي إذا كانوا يتوفرون على شهادة التلقيح و/أو نتيجة سلبية لاختبار PCR يعود لأقل من 48 ساعة من تاريخ ولوج التراب الوطني. وسيستفيد الحاملون لشهادات التلقيح الأجنبية من نفس الامتيازات التي تمنحها شهادة التلقيح المغربية للمواطنين المغاربة داخل التراب الوطني.

أما اللائحة “ب” فتهم لائحة حصرية لمجموع الدول غير المعنية بإجراءات التخفيف الواردة في اللائحة “أ”، والتي تعرف انتشارا للسلالات المتحورة أو غياب إحصائيات دقيقة حول الوضعية الوبائية لديها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *