تقي الدين تاجي*

لم يكن مفاجئا تصويت البرلمان الأوروبي بالإجماع، على “قرار” يدين المغرب في قضية “استخدام ملف القاصرين” في أزمة الهجرة بمدينة سبتة المحتلة، واعتباره نزوح المهاجرين غير النظاميين الى هاته الأخيرة بمثابة “ضغط سياسي من الرباط على مدريد”.

وعبّرت الورقة المقدمة أمام البرلمان الأوروبي عن “رفضها لاستخدام المغرب ملف الهجرة، وعلى وجه الخصوص، للقصر غير المصحوبين بذويهم، كوسيلة لممارسة الضغط السياسي على دولة عضو في الاتحاد الأوروبي”.

والواقع أن الزخم الاعلامي، الذي رافق اجتماع البرلمان الأوروبي، لا يعكس قيمة القرارات الصادرة عن هاته الهيئة التشريعية الأوروبية، التي تبقى في الأول والأخير مجرد استشارات أو توصيات، “غير ملزمة” وغير تنفيذية، فضلا عن ارتهانها لاعتبارات سياسية، ومرامي انتخابية، هي المحرك الأساس، لأعضاء البرلمان، بصفاتهم الذاتية، أكثر من ارتهانها لمواقف الدول الأعضاء.

ولعل هذا ما يفسر لجوء اسبانيا، الى استصدار قرار من البرلمان الأوروبي، وليس المفوضية الأوربية، ليقينها المسبق بأن الفشل سيكون حليفها، بالنظر الى علاقات الشراكة الوطيدة التي تربط المغرب، بعدد كبير من الدول الأعضاء بالاتحاد.

والواقع أن البرلمان الأوروبي، اعتاد دائما، اإارة ضجة إعلامية حول قراراته، سعيا من “نوابه “، وراء حشد مزيد من الشعبية، في أوساط الناخبين الأوروبيين، بما يضمن اعادة انتخابهم لولايات انتدابية جديدة.

وكانت انتقادات سابقة، قد لاحقت، رؤساء المجموعات البرلمانية، الذين يقفون وراء صياغة مثل هاته القرارات، بسبب التغليط الذي يمارسونه، على باقي الأعضاء، بإعطائهم “نبذة مغلوطة” عن أسباب ودواعي مشاريع القرارات، دون تمكينهم من الاطلاع الكامل، على فحوى الوثائق المعروضة للتصويت، وذلك ليتمكنوا من  ضمان “نسبة كبيرة” من المصوتين لصالح القرار.

ويمكن تشبيه هذا الأمر، بنواب “أميين” في برلمان دولة “X “، يرفعون أيديهم للتصويت لصالح قرار معين، فقط لأن رئيس الفريق طلب منهم ذلك، وليس اقتناعا منهم بحيثيات الملف المثار.

وفي ظرف 5 سنوات فقط، أصدر البرلمان الأوروبي، ما يزيد عن الألف قرار، بشكل يعكس إسهالا وإستسهالا في اللجوء الى هاته التوصيات، بالنظر الى عدم قيمتها وعدم الزاميتها للدول الأعضاء.

وكان رئيس البرلمان الأوروبي، دافيد ساسولي، قد أكد في رسالة وجهها إلى رئيس وفد العلاقات مع البلدان المغاربية، أندريا كوزولينو، وإلى اللجان البرلمانية المشتركة الاتحاد الأوروبي-المغرب، الاتحاد الأوروبي-تونس، والاتحاد الأوروبي-الجزائر، أن المؤسسة التي يرأسها “حريصة بشكل خاص على تجنب أي خلط بين أنشطتها الرسمية وأنشطة المجموعات المشتركة أو أي تجمع غير رسمي للنواب”.

*صحفي متخصص في العلاقات الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *