تقي الدين تاجي

يعود الحديث عن «الهوية المغربية» ليُطل برأسه، كلما رأينا مهرجانا خطابيا أو تجمعا سياسيا، لحزب العدالة والتنمية، الذي لا ينفك يشنف أسماعنا بالحديث عن الاختراق الغربي و العلماني، وضرب الهوية المغربية، بينما نرى قادته يرقصون على أنغام الدبكة الشامية، وتصدح حناجرهم بالأناشيد الرسمية للحزب والحركة، التي تتخذ لها ألحانا تركية/عثمانية.

ويبدو أن الإمبراطورية العثمانية، التي ظل المغرب عصيا عليها، على مدى قرون من محاولاتها لاختراقه، أخيرا وجدت شقا في الجدار، تتسلل من خلاله الى ثقافتنا المغربية، بمكوناتها “العربية الامأزيغية الصحراوية الحسانية”، وبروافدها “الإفريقية الأندلسية العبرية المتوسطية”، من خلال هذا الحزب الذي يصر إصرارا غريبا، على استيراد، كل ما هو تركماني إخونجي الى بلادنا.

لقد سجلت المصادر التاريخية، أن الدولة المغربية لم تخضع للحكم العثماني الذي توغل شرقا وغربا، فلماذا يصر هؤلاء الكراغلة الجدد، على الحنين الى أمجاد هاته الإمبراطورية الغريبة عن ثقافتنا المغربية ؟

وربما لم نكن لنقدم هاته القراءة، لولا أن  92 في المائة من الطلبة المغاربة الذين يتابعون دراستهم، في الجامعات التركية منتمون إلى البيجيدي وأبناء قيادييه، بشكل يثير الشكوك ويدعو الى الاستغراب. حيث وصل عدد هؤلاء إلى حدود العام الماضي 752 طالب من البيجيدي وحركة التوحيد والإصلاح – حسب إحصاءات تركية – يدرسون حاليا في الجامعات التركية الخاصة، التابعة للجناح الدعوي لحزب رجب طيب أردوغان.

ويتكلف الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية في تركيا وتحديدا “جماعة النورسيين”، بتوفير اقامات لإيواء طلبة البيجيدي وحركة التوحيد والإصلاح، في اسطنبول ومدن تركية أخرى، وكذا توفير كل مستلزماتهم، الى جانب حضورهم دورات تكوينية في مقرات النورسيين لتكوينهم وتأطيرهم. ( على ماذا ؟ الله أعلم )

وبالعودة الى موضوعنا، يستعصي صراحةً على المرء أن يفهم، هذا الانبطاح والارتماء الغريب في أحضان كل ما هو تركي،  وكيف لا يخجل “عزيز الرباح” من نفسه، وهو القيادي بحزب مغربي، ووزير يتلقى راتبه، من أموال دافعي الضرائب المغاربة، أن يلبس الكوفية، ويقفز منتشيا على أنغام الدبكات المشرقية والتركية ؟ أين الافتخار بالهوية المغربية ؟ أين الشلحية  والجبلية والعيطة المرساوية، والهيت الغرباوي،وباقي الألحان المغربية بتلاوينها المختلفة ؟

وشخصيا أُفضل حزبا مغربيا، يتحدث قياديوه بلكنة سوسية أو جبلية، أو دارجة مغربية رباطية أو قنيطرية، يوظفون موسيقى مغربية في تجمعاتهم، ويتحدثون بشكل مباشر ومفهوم عن قضايا تخص المغاربة، “الصبيطار” و”التغطية الصحية” و”القروض بدون فوائد”، و “التعويضات العائلية”، عوضا عن حزب “اسمه” يشبه “اسم حزب أردوغان”، بهوى غريب عنا، يتمايل قياديوه على مقامات “النهوند” و “السيكاه”، ولا ينتفضون الا للحديث عن قضايا دول بعيدة عنا.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *