تقي الدين تاجي*

كشفت جريدة إلموندو الاسبانية، في خبر حصري لها، نشرته اليوم الأحد، عن “طلب الجزائر من حكومة مدريد، التكتم على ادخال غالي الى اسبانيا، وذلك خوفا، من حدوث انشقاقات وتصدعات، بجبهة البوليساريو من جهة، وتفجر فضيحة، تهريب زعيم المرتزقة، على طريقة عصابات المافيا، وبجواز سفر جزائري مزور، ما يشكل خرقا سافرا لمقتضيات القانون الدولي.، من جهة أخرى.

وكل ذلك، الى جانب الانتقادات التي لاحقت، نظام العسكر، من طرف قادة الحراك الجزائري، الذين يطالبون الطغمة الحاكمة، بالتوقف عن تبذير أموال الشعب، في تمويل جبهة الوهم، وما قد يجره تسرب خبر مماثل، على سدنة العسكر من ويلات، هم في غنى عنها.

وباتت المملكة المغربية، تشكل صداعا في رأس العديد من الدول الأوروبية بالفترة الأخيرة، ليس آخرها سوى ألمانيا واسبانيا، بالنظر الى المواقف الدبلوماسية الصارمة، التي أضحت تتخذها، دفاعا عن مصالحها العليا، متبنية لهجة دبلوماسية لم يعهدوها منها، بعيدة كل البعد عن لغة التنديد والاستنكار، التي طبعت تعاطيها مع قضايا مماثلة في السنوات الماضية.

وأضحى المغرب، منذ العقدين الماضيين، يلعب أدوارا طلائعية، على عدة مستويات، سواء إقليميا أو دوليا، سياسيا أو اقتصاديا، الى جانب قوته المتمثلة في نظامه السياسي، المتجسد في ملكية شعبية تمتد لقرون طويلة، مستندة إلى جبهة داخلية متماسكة.

ومما لا شك فيه أن النظام الجزائري، يعيش هاته الأيام حالة ارتباك واستياء، جراء الانتصارات الدبلوماسية الأخيرة التي حققها المغرب، خاصة منها الاعتراف التاريخي للولايات المتحدة الامريكية، بسيادة المغرب على صحرائه، وتكسر أحلام نظام العسكر، الذي كان يمني النفس، بتراجع الرئيس المنتخب جو بايدن عن الاعتراف، ليثبت المغرب مرة أخرى، أنه أمة عظيمة، ضاربة جذورها في عمق التاريخ، وليس كجمهوريات الموز، التي يتم التعامل معها باستخفاف من طرف الدول العظمى.

أما اسبانيا، فقد تورطت فعلا، من خلال وضع يدها في يد العسكر الجزائري الفاسد، مضحية بعلاقات استراتيجية وتاريخية مع بلد جار، وحليف مهم. وقد أكدت الوقائع الأخيرة، أن حكومة “بيدرو سانشيز”، وقعت في خطأ دبلوماسي لا يقع فيه عادة، حتى الطلبة المبتدؤون بشعبة العلاقات الدولية،  من خلال مراهنتها على حصان خاسر، وتفضيلها الغاز الجزائري المجاني، على علاقات وطيدة، ومستمرة مع دولة عريقة، ونظام مغربي ممتد في التاريخ والجغرافيا.

وكان العرب قديما، قد حذروا في إحدى أمثالهم “من المراهنة على الأحصنة الخاسرة” ( الجزائر والبوليساريو) ، لكنهم للأسف الشديد، لم يقولوا “كيف العمل إذا ما فعلا تم الرهان”. وتلك حكاية أخرى.

 

صحفي متخصص بالعلاقات الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *