أعدها للنشر: المصطفى الحروشي

“رجاء لا تطلب مني أن أصمت”.. “اسمح لي بأن أتنفس”… بمثل هذه العبارات يخاطب “اللاجئ” مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، القائد السابق لما يسمى بجهاز الشرطة لدى ملشيات جبهة “البوريساريو” من يطالبونه الكف عن خط حكايات بخط اليد حول أهوال الجحيم، هناك في مخيمات الحديد والنار والقمع والحصار في تندوف فوق التراب الجزائري.

جريدة “le12.ma” تنشر طوال الشهر الفضيل حلقات سيرة ذاتية بطلها إنسان بعنوان “الخروج من فم الثعبان” يروي أسرار تفاصيلها مع عاش تفاصيلها.

*لا تطلبوا مني أن أصمت

بدأنا مناقشة التهم الموجهة لي واحدة، واحدة:

1- الفرار إلى العدو.. تجادلنا في تعريف مصطلح الفرار.. قلت إنه لا ينطبق على أفعالي. فأنا ذهبت في رحلة عادية ككل البشر، بجواز سفر، وطلبت تأشيرة دخول من قنصلية المغرب في نواذيبو، مثل كل الناس. ولما حصلت على التأشيرة، استأجرت مقعدا في سيارة أجرة من مدينة نواذيبو الموريتانية إلى مدينة العيون المغربية، ومنها إلى السمارة، حيث يقيم والدي. لم أفرّ، بل كانت رحلتي عادية، وذهبت إلى والدي، ووالدي ليس عدوي.

وإذا كنت تعدّ رحلتي جريمة، وأنت المسؤول عن تحريك الدعوة العمومية، فإني أخبرك بأن أخويك الأصغرين ذهبا معي في رحلة واحدة، وعادا قبلي إلى المخيمات، وهذان “المجرمان” سيكونان حاليا عند منزل والدتي، الذي لا يبعد عنا بأكثر من كيلومتر واحد أو أقلّ. ويمكنك إرسال بعض الجنود للتحقق. وهناك، أيضا، مئات الشبّان ذهبوا تلك السنة عائدين إلى المغرب، ومنهم من عادوا إلى المخيمات. رد السيد الوكيل بأنه على علم بكل هؤلاء، فقلت له أستسمحك سيدي، فأنت تعترف أمامي بارتكابك جرم التستّر على أفعال جنائية.

2- التخابر مع العدو.. ما دليل “تخابري” مع العدو؟

-الوكيل: قلت في المقابلة الصحافية مع الصحفي السالك رحال، التي أذيعت في تلفزة العيون، إن قبيلة لبيهات التي تنتمي إليها، يوجد منها أكثر من 20 ألفا في المخيمات، وإن هناك مسؤولين في الجبهة لا يوجد من عائلاتهم فوق 5 آلاف وبعضهم أقل من ألف. وهذا التصريح يعدّ جريمة تخابر وتسريب معلومات سرية تمسّ أمن ((الدولة الصحراوية)).

-أنا: الحمد لله أن التهم نقصت بواحدة.. فقد عرفنا الآن أن التخابر وتسريب المعلومات جريمة واحدة.. وإذا كان ما قلتَ يعدّ جريمة، فاعتبرها عن سبق إصرار وترصد. فقط لا تنسَ أنه إن كانت محاكمة فأنت، ولد مولاي الزين، من سيمثل الادّعاء، وتقول في مرافعتك، للصحراويين قبل العالم، إني مجرم لأني قلت إن لبيهات هم الأكثر في المخيمات. واكرر إصراري على هذا الجرم. فقط قبل أن أوقّع محضر الاستجواب، أريدك أن تكون دقيقا في صياغتك، وأطلب منك أن تعيد صياغة التهمة وتكتب: بقولك في المقابلة الصحافية (…) تكون قد ارتكبت جريمة (…)

3- تسريب معلومات سرية تمسّ أمن ((الدولة الصحراوية)) للعدو.. لم تعد جريمة منفصلة، فقد ضُمّت إلى ما قبلها.

4- المساس بمعنويات ((الجيش الصحراوي)).

-الوكيل: قلت في لقائك مع السالك رحال إن الشباب الذين يفرّون إلى المغرب شجعان، وهذا يعدّ مساسا بمعنويات الجيش.

-أنا: عفوا السيد الوكيل، فأنا لم أكن في الجيش ولا أعرف ما يرفع من معنويات أو ما يخفضها، لكنك أوردت تصريحي مبتورا، كمن يقول ويل للمصلّين ويصمت.

أعدّ كل أبناء الصحراويات شجعاناً. وقد قلت إن الشبان الذين التحقوا بالمغرب عبر الأحزمة الدفاعية شجعان، بل انتهت عندهم الشّجاعة، لأننا نقول إن الحزام المغربي فيه الألغام والأسلاك الشّائكة. ليس هذا فقط. وراء ذلك المغرب “الوحش”!.. ألا تعدّ الأمر أكثر من شجاعة؟ وأيضا، كما الجريمة السابقة، أنا أعترف بأني قلت إن أبناء الصحراويات شجعان وعن سبق إصرار .

5- المساس بالوحدة الوطنية

-الوكيل: قلت في لقائك مع السالك رحال إن الوحدة الوطنية على حساب قبيلتك لبيهات، وهذا يعدّ مساسا بالوحدة.

-أنا: لا أذكر العبارة التي قلت تحديدا.. ولكني أتحمل مسؤولية كل كلمة قلتُ في ذلك التصريح وأبصم عليها.

6- التجنيد لخدمة العدو

-الوكيل:قلت إنك تؤمن بخيار الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب وإنك مستعد للدفاع عنه، وهذا يعدّ جريمة التجنيد لخدمة العدو.

-أنا: أصر أيضا على أني ما زلت مؤمنا بأن خيار الحكم الذاتي هو الحلّ الأنسب للقضية الصحراوية.

ووقع ووقعنا…     

ومنك لله يا السالك رحال، فلم أكن أعرف أنك فصل من فصول قانون عقوبات ((الجمهورية الصحراوية))…

وللحكاية بقية..

الصورة للمعسكر الذي أجري فيه الاستجواب بمنطقة امهيريز

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *