*محمد سليكي

 

لا شك في أن عدم تأخّر “مؤسسة جود للتنمية” في إصدار بيان لتبيان ما  لا يراه إلا العميان، قد أصاب، في مقتل، محاولات البعض إقحامها -قسرا وتعسّفا- في وحل السياسية، الآخذ في إغراق بعض الكائنات الحزبية من الفصيلة البنكيرانية، في انتظار أن تقبرها إرادة الناخبين في انتخابات 2021.

وبغضّ النظر عن وجاهة وحكمة شكل وموضوع بيان مؤسسة “جود”، التي من المؤكد أنه لا يعاديها  مستقبلا إلا حقود، فإن ما أثارني هو تأكيد عزمها مواصلة عملها التضامني بكل تجرّد ومسؤولية خدمة لأهدافها الاجتماعية ولقيم ديننا السمح، الذي يوصي بالتآزر والتضامن.

وأكاد أحزم بأن هذه الفقرة بالذات من نص البيان قد نزلت كحمام ثلج بارد على من كان يتوهّم أن ترويج مغالطات بشأن طبيعة عمل المؤسسة ورفع عقيرته بتهديدات لوقف أنشطتها سيجعلها تدفن رأسها في التراب وتدخل في حالة خوف ورعب.

ويبدو أن صدمة هؤلاء المتوهمين كانت ثلاثية الإبعاد: “أولا عندما لم تلتفت السلطة إلى ترهاتهم؛ ثانيا عندما خرجت “مؤسسة جود” بكل ثقة لتسفيه مزاعمهم؛ ثالثا عندما قال الوزير عزيز أخنوش، الاثنين الماضي في مجلس النواب قولته العميقة ومضى:”راه كاين اللي كيزرع الكلام وكاين اللي كيزرع العمل”.

والحقيقة أن المغاربة اليوم، خاصة الفئات الهشة والفقيرة والمهمشة، لا يحتاجون، في ظل الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها البلاد، من “يزرع الكلام”، خاصة الكلام المستوحى من قاموس” جيب آ فم وگول”، ولكن يحتاجون إلى من يزرع الأمل ويواظب على العمل معهم ومن أجلهم على مدار السنة ومنذ سنوات، كما تعمل مؤسسة جود للتنمية.

لذلك، واهم من يظنّ أن تقليد أسلوب مغرق البلاد في المديونية والمشاكل الاجتماعية، كملف الأساتذة المتعاقدين، والإجهاز على الأدوار الرئيسية لصندوق المقاصة، وضرب الطبقة المتوسطة، والاقتطاع من رواتب الموظفين، وفتح الأسواق أمام الشركات التركية لطحن البقّال ومول الحانوت، سيضحك على المغاربة بخطاب حلايقية جامع لفنا، مع احترامنا لرسالة هؤلاء الحلايقية، البعيدة عن بؤس السياسية في زمن المسخ الحزبي والكائنات الانتخابية الغريبة والعجيبة والهجينة النشأة والميلاد.

وليس خافيا على أحد أن مغرق البلاد، صاحب قولة “عفا الله عما سلف”، الذي يتسابق صديقه، الثقيل على قلب عائلته الحزبية الصغيرة قبل الكبيرة، إلى تقليده، كان قد لجأ إلى أسلوب التهريج ورمي الناس بالباطل والافتراء والبهتان طوال سنوات جلوسه على كرسي السلطة، ليس لأنه يمارس السياسة بشعبوية، بل لأن “زرگ” في إبداع سياسيات عمومية، على الأقل بما يعكس الشعار المفترى عليه الذي أوصله وحزبَه إلى تذوق حلاوة السلطة القائل: “هذه فرصتنا لمحاربة الفساد”.

كما ليس بسرّ ذلك المآل البئيس الذي انتهى إليه من كان يهدد من انتخبوه وحزبه بترديد قولته الجبانة “أين الدولة؟” فقط لأنهم واجهوه بحقيقة فشله في الوفاء بالوعود الوردية التي وزّعها على “الشعب” والشعارات التي كان يذغذع بها مشاعر البسطاء والمهمّشين وهو يمسح بطنه في البرلمان ويقول لها، مشتبها بالخليفة الصالح المصلح عمر رضي الله عنه: “غرغري أو لا تغرغري”.. وهو يعرف شاسعة الفرق بينه وبين من يستشهد بزهده ونبله وترفَعه عن “خنزْ الدّنيا” ولو غرغرت بطنه جوعا..

لذلك فالاستقواء بالسلطة، أيا كانت هذه السلطة، حتى ولو كانت سلطة اتهام أو دفاع وما تشاؤون، لتخويف أبناء الشعب، موظفين كانوا أو نشطاء في المجتمع المدني أو العمل الخيري.. أو إتّباع نهج مغرق البلاد، في تلفيق التهم للخصوم والافتراء على الأحياء، لا ينفع في مغرب ما بعد أزمة كورونا، حيث البلاد والعباد في حاجة إلى من يزرع العمل والأمل وليس إلى من يزرع الكلام..

وأكيد أننا، كباقي المغاربة، لسنا ضد حق المعارضة في الترافع وأداء أدوارها الدستورية، شريطة أن تكون معارضة قوية وحقيقة وذات مصداقية، وتسائل السياسيات العمومية.. وليس معارضة بنكيرانية، ما إن تصل إلى الحكومة والاستوزار حتى ترفع في وجه من كانت تلعب بالأمس مسرحية الدفاع عن مصالحهم في سيرك البرلمان، شعار القذافي المضحك/ المبكي: “من أنتم، من أنتم!؟”..

تعلمنا أن السياسة أخلاق أولأ، و إسثمالة قلوب المغاربة، تؤسس على الصدق وليس على المغالطات وتخلاط لعرارم،وتصفية حسابات سياسيوية بالإفتراء على مؤسسة خيرية مستقلة تشتغل في النور، و السكوت على قفف الإسلام السياسي المتحركة في جنح الظلام..

إيوا نوض عْلى سلامتك!..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *