رشيد نيني

 

الذين يؤاخذون بنكيران ويعاتبونه على عدم أخذه للتلقيح 

ليسوا منصفين في حق الرجل. فالتلقيح ليس إجباريا في المغرب، ومن أدرانا أن للرجل موانع صحية تجعله محروما من التلقيح. 

وفي الوقت الذي انصرف فيه الناس لمحاسبة بنكيران على شيء خاص وشخصي كالتلقيح نسوا أن يحاسبوا أمينة عامة لحزب سياسي على الكذب على المغاربة في التلفزيون بخصوص تلقيها للتلقيح. 

فخلال استضافتها في برنامج “حديث مع الصحافة” الذي بثته القناة الثانية على الهواء مباشرة مساء يوم الأربعاء 03 مارس 2021، قالت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، ردا على الصحافي الذي سألها عما إذا كانت ستتلقى التلقيح ضد كورونا “ملِّي غادي تجي النوبة ديالي حتى أنا غادي نتلقح”.

وهذا جواب لا يمكن أن نمر عليه مرور الكرام، لأنه يجعل صاحبته في قلب فضيحة سياسية وأخلاقية.

فكما هو معلوم فإن السيدة نبيلة منيب تشتغل أستاذة بكلية العلوم عين الشق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء. وكما هو معلوم أيضا، فإن نساء ورجال التعليم الذين يفوق عمرهم 45 سنة كانوا ضمن الفئات الأولى المستهدفة بعملية التطعيم، إلى جانب العاملين بقطاع الصحة وموظفي السلطات العمومية والجيش والمسنين الذين يبلغون 75 عاما فما فوق.

وعليه فإن أساتذة جامعة الحسن الثاني التي تنتسب إليها السيدة نبيلة منيب تلقوا الجرعة الأولى من اللقاح قبل حوالي شهر، في بداية الأسبوع الثاني من شهر فبراير (يومي 09 و10 فبراير 2021)، وقد تلقوا الجرعة الثانية قبل يومين. وقد تم تنظيم عملية التطعيم على مستوى المؤسسات التابعة للجامعة، حيث جرى تحديد الأساتذة الذين يفوق عمرهم 45 سنة، وتم إبلاغهم عن طريق إدارات مؤسساتهم ببرنامج التلقيح وبتاريخه. وتنقلت فرق مكلفة بالتلقيح إلى مؤسسات جامعية اختيرت كمقرات خاصة بعملية تطعيم الأساتذة. وكانت الكلية التي تشتغل فيها السيدة منيب مقرا لإحدى فرق التلقيح.

ومعلوم أيضا، وليس هذا سرا، أن السيدة نبيلة منيب تبلغ من العمر 61 سنة، وبالتالي فإنها من الفئات الأولى المستهدفة بالتلقيح، والتي تمت برمجتها لتلقي الجرعة الأولى قبل شهر من الآن. ثم فقط بحكم سنها بغض النظر عن مهنتها بالتعليم فقط لكونها تعدت الستين من عمرها فكل من هم في عمرها تمت برمجتهم كلهم لتلقي اللقاح منذ شهر فبراير.

وهكذا يتبين من خلال هذه المعطيات أن الجواب الذي قدمته السيدة نبيلة منيب، حين قالت “ملِّي غادي تجي النوبة ديالي حتى أنا غادي نتلقح”، ليس صحيحا البتة، وبالعربية تاعرابت هو جواب كاذب. فـ”النوبة ديالها” حددتها الجهة المعنية بتنظيم عملية التطعيم، ووجهت إليها الدعوة بالزمان المحدد قبل شهر، وبالمكان المحدد في مقر عملها، لكنها قررت أن تتخلف.

إذا كانت السيدة منيب قد رفضت الاستجابة للدعوة للتطعيم ولم تحضر لتلقي الجرعة الأولى، فإنها لم تقل الحقيقة. وإذا كانت قد استجابت للدعوة وحضرت وتلقت الجرعة الأولى من اللقاح ورفضت الاعتراف بذلك أمام المشاهدين حتى لا يحاسبوها على سقوطها في تناقض مهاجمة اللقاح ثم تلقيه، فإنها أيضا لم تقل الحقيقة.

ففي الحالتين معا لم تقل السيدة نبيلة منيب الحقيقة، خاصة أنها في جوابها صرحت بأنها تنتظر دورها ولم تتحدث عن مانع من موانع التلقيح ضد فيروس كورونا.

فإذا كانت في وضع الحالة الأولى كان عليها أن تتحلى بالشجاعة السياسية والأدبية وتخبر الرأي العام بأنها ترفض اللقاح ولا تريد أن تطعم نفسها وأنها تظل منسجمة مع قناعاتها التي عبرت عنها مرارا. وإذا كانت في وضع الحالة الثانية كان عليها أن تجيب بأنها تلقت جرعتها الأولى من اللقاح وتعترف أنها كانت مخطئة عندما هاجمت اللقاحات.

أما وأنها رمت بذلك الجواب في وجه الصحافي الذي سألها وفي وجه المشاهدين والمواطنين، بينما يعلم جميع زملائها من الأساتذة والعاملين بإدارة الجامعة وجميع المسؤولين على عملية التلقيح وكل متتبع لبرنامج التلقيح في المغرب أنه غير صحيح، فإنها تكون قد ارتكبت فضيحة أخلاقية وسياسية شنيعة. وتزداد شناعة هذه الفضيحة بالنظر إلى الصفة المهنية للسيدة منيب كأستاذة جامعية، وأيضا بالنظر إلى الصفة السياسية كرئيسة لحزب سياسي.

فهل يمكن للمغاربة أن يطمئنوا إلى من يكذب عليهم وبالعلالي؟ وكيف لهم أن يصدقوا الوعود التي يطلقها من يرتكب من السياسيين مثل هذه الفضائح؟ ومثل هؤلاء الذين يكذبون وهم في المعارضة ما الذي سيقومون به عندما يصلون إلى مواقع المسؤولية والتسيير؟

إن آثار ما صدر عن الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد تتجاوز شخصها لتصل إلى حزبها الذي أصبح معنيا بهذه الفضيحة، وأصبح هو الآخر يتحمل أمام المواطنين وأمام المجتمع المسؤولية عن الكذب وعدم قول الحقيقة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *