محمد سليكي

وجه المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان والعلاقة مع البرلمان، مساء اليوم الجمعة، رسالة إستقالة من عضوية الحكومة، إلى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة.

وحسب نص رسالة الاستقالة التي حصلت جريدة le12.ma عربية على نسخة منها، فقد إلتمس الوزير الرميد، من رئيس الحكومة، التفضل برفع كتاب إستقالته من عضوية الحكومة إلى الملك محمد السادس.

و رد  الوزير المصطفى الرميد، وهو قيادي بارز في حزب العدالة والتنمية قائد الائتلاف الحكومي، إستقالته الى ظروف صحية، لا تسمح له بمواصلة تحمل أعباء المسوولية الحكومية.

وجاء في إستقالة الرميد قوله :”نظرا لحالتي الصحية، وعدم قدرتي على الاستمرار في تحمل أعباء المسوؤليات المنوطة بي، فإنني أقدم لكم إستقالتي من العضوية في الحكومة، راجيًا رفعها إلى جلالة الملك حفظه الله“.

وحاولت جريدتنا، التحدث إلى الوزير الرميد، حول الموضوع، غير أن هاتفه المحمول ظل يرن دون مجيب، فيما أكد مصدر جيد الإطلاع صحة وثيقة الاستقالة.

وفي قراءة لاستقالة الوزير الرميد، يظهر أنها جاءت بغض النظر عن اللبوس الصحي الذي لفت به، في ظل تراكمات عديدة تتعلق بالوزيرالرميد نفسه، وبالتماسك الحكومي، وباللحظة السياسية، التي يوقع خلالها حزب العدالة والتنمية، من يوم الآخر قرارات هزت أركانه، وضربت في العمق مبادئه، وناقضت توجهاته.

فعلى مستوى شخص الوزير، تؤكد مجموعة من المحطات في الزمن الحكومي طوال نحو 10 سنوات من قيادة البيجيدي للحكومة، أن إختلافاته مع رئاسة الحكومة على عهدي عبد الاله ابن كيران، أو سعد الدين العثماني، الى جانب إختلافاته مع بعض أعضاء الحكومتين، لم تكن سرا من أسرار الدولة، حتى أنه هدد في مناسبات عدة، بالزهد في المنصب الحكومي، بل قاطع عدد من جلسات مجالس حكومية عديدة.

وعلى مستوى دوره في التماسك الحكومي، فالرجل ظل ربما غير متحمس لتزكية، طبيعة الائتلاف الحكومي في حكومتي ابن كيران والعثماني، ما جعل عدد من ردوده تساهم في توسيع هوة الخلافات بين مكونات الأغلبية، حتى أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي يشارك في حكومة العثماني، لم يخفي إتهامه المباشر، إلى الوزير الرميد، على خلفية قضيةتسريب ما سمي بقانون تكميم، بكونهيقطرالشمععلى وزير العدل نكاية في إدريس لشكر.

المعطى الثالث في قراءة هذه الاستقالة، هوالزمن السياسيللإعلان عنها، فالمغرب على أبواب إنتخابات عامة، وحزب العدالة والتنمية،المنهك بقرارات حكومية تناقض مبادئه كقضية التطبيع مع إسرائيل، أمام نهاية ولاية الأمين العام سعد الدين العثماني، وبحث ربما عن مشجب لمسح أخطائه الحكومية،  قبل دخول المعركة الانتخابية.

لذلك ففرضية، رمي الرميد بورقة الاستقالة لأسباب صحية، قد تكون مجرد مناورة لخلط الأوراق السياسية، بمطامع إنتخابية، خاصة أن الاستقالة  تحدثت عن الاستقالة من عضوية الحكومة لا من قيادة العدالة والتنمية وهياكله التنظيمية.

بيد أنه في قراءات للنصف الآخر من كأس الاستقالة، سنقف ربما أمام حقيقة اخرى، بكون الوزير كرجل دولة، مكلف بحقوق الانسان والعلاقات مع  البرلمان، لايمكنه، الدفع بإستقالته من أجل مناورة سياسية، وأن الرجل بالفعل، كان صادقا مع نفسه ووطنه، وقدم إستقالته لأنه لم يعد قادرًا  على تحمل المسؤولية.

ولعل ما يشد بعضد هذا الطرح القريب الى الواقع إن لم يكن كذلك، هو المضاعفات الصحية التي مست الرميد في ظل تداعيات الازمة الصحية  التي تمر منها البلاد والعباد، وسده باب التأويلات عندما رد سبب الاستقالة لحالته الصحية.

المعطى الاخر، هو كون الوزير وفق مصدر جريدة le12.ma عربية، يتوفر بالفعل على ملف طبي، يحدد بوضوح حالة الصحية، التي تبقى في حاجة إلى الراحة.

وبين هذه القراءات وتلك، هناك محدد دستوري وقانوني ومسطري مهم في حسم إستقالة الرميد بقبولها، أو الدفع برفضها.

فمعلوم، أن من يملك سلطة التعيين، يملك سلطة الاقالة وقبول او رفض الاستقالة، والدستور واضح هذا الباب حيث أن الملك بإعتباره رئيس للدولة، هو من يملك سلطة التعيين والاقالة وقبول أو رفض ملتمس الاستقالة في المناصب الوزارية، وذلك بإقتراح من رئيس الحكومة.

ولما كان الأمر كذلك والحالة هاته، فإن كتاب إستقالة الوزير الرميد، لايعدو أن يكون لحد الساعة سوى تعبير عن النوايا، حيث لا إستقالة من عضوية الحكومة، إلا بقبولها أولًا من رئيس الحكومة، وإقتراح منه على رئيس الدولة، الذي هو الملك، من أجل إتخاذ ما يراه نظره السامي السديد ملائما بشأنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *