*يونس الخراشي
 
في نونبر 2019، كان المغرب على موعد مع “ديربي العرب”. وطلب مني، أحد الأصدقاء بقناة أبو ظبي، الناقلة للحدث، حينها، أن أتولى كتابة ربورتاج عن مدينة الدار البيضاء، وآخر عن المغرب.
استصعبت المسؤولية الكبيرة، ذلك أن الربورتاجين سيشاهدهما الملايين، وسيكون لزاما علي في الآن نفسه أن أكون سخيا في حق بلدي ومدينتي الحبيبة، وأن أكون موضوعيا أيضا. 
قلت له:”أنت تطلب مني شيئا صعبا جدا”. قال لي:”توكل على الله، إن أعجبني ما ستكتبه، فمرحبا، وإلا سنرى”. وتوكلت على الله، وكانت ليال صعبة بالفعل، أكتب، وأدقق، وأمحو، وأعيد، وأقول في الأخير:”يونس.. القضية صعيبة.. عرفتي أشنو هو تكتب على بلادك، وتكتب على مدينتك.. خصك تكون في المستوى”، ورحت أسأل الله:”يا ربي لهلا تحشمني، بغيت ننجح، والناس تفتخر بما كتبته، بقدر افتخارها ببلدي ومدينتي”.
نعم. أحب بلدي، وأحب كازا، مدينتي، وإن كنت أقسو، أحيانا، في النقد. وها قد جاءت الفرصة كي أقتسم معكم الربورتاج، أو لنسمه التقرير المطول.
إقرأوا.. ولكم واسع النظر..
 
الدار البيضاء.. المغرب في كلمتين
 
هناك مدينة مغربية واحدة تَجمَّع فيها كل ما تفرق في غيرها من مدن المغرب الأخرى.. هي عملاق المغرب.. وعاصمته الاقتصادية.. وقلبه النابض.. وأكبر تجمعاته السكنية.. إنها الدار البيضاء.. أو كازبلانكا.. أو كازا، كما يحلو لأهلها أن يسمونها.. ففيها شيء من فاس، ومراكش، وأكادير، وطنجة، ووجدة، والعيون، ومن كل ما تبقى من حواضر المغرب وقراه شمالا وجنوبا.. وفيها أكثر من ذلك بكثير.. سحر يفوق الخيال، ويتجدد كل يوم، ليبهر أهلها والزائر..
**
للدار البيضاء، أو آنفا، وهو اسمها القديم، تاريخ عريق جدا.. فبعض المؤرخين يعيد نشأتها إلى العهد الروماني.. ويمكن لزائرها أن يلمس عراقتها بيديه، ويشمها بأنفه، ويراها بعينيه، ويمشي عليها بقدميه.. فهي ليست مدينة تقدم نفسها للعالم كعمران حديث وحسب، بل وكتاريخ أيضا، وثقافة، وتنوع إنساني وحضاري.. إنها بحق مدينة بطابع خاص للغاية.. تستحق أن ترى، وتستحق أن تروى كذلك..
**
ولأنها ولدت على شاطئ المحيط الأطلسي، فقد كانت مدينتها القديمة هي الأصل.. وهي ما تزال إلى اليوم محجا لكل أهالي الدار البيضاء.. وبطبيعة الحال، فهي مزار لكل السياح من أنحاء العالم.. تأسر من يتجه إليها بسورها العظيم الذي يحضنها بدورها الصغيرة، وأزقتها الضيقة، وعالمها الخاص، بتلك الأسواق التي تبدأ دون أن تنتهي، وتلك الدروب التي تفضي بك في كل مرة إلى دروب أخرى، وكأنك في متاهة جميلة لا تمل من التطواف بها..
**
في الجانب الآخر، حيث المركز العصري للدار البيضاء، توجد البنايات التي انطلق إنشاؤها مع دخول المغرب في عهد الحماية الفرنسية سنة 1912.. حين فتح المقيم العام، الماريشال ليوطي، المدينة في وجه كل المهندسين الفرنسيين خريجي معهد الفنون الحديثة.. وهناك تحتار العيون أتنظر إلى الأسفل، حيث محلات بيع الألبسة، والمقاهي، ودور السينما، والمكتبات، أم إلى الفوق، حيث تتحدث العمارات بأشكال مختلفة، وزخارف عجيبة، وهندسات رائعة، ونوافذ عجيبة، كلها أوروبية الهوى، بيضاوية النفس والروح، عن تاريخ طويل من فن العمارة، وفن الحياة..
**
وكي تؤكد الدار البيضاء لزائرها أنها مدينة عصرية، تتطور وفق ما يتطلبه منها المستقبل، فإنها تقدم له الأحياء الحديثة، حيث البنايات الشاهقة جدا، والمساكن الفاخرة، والفنادق الممتازة.. وحيث تنجز المدينة المالية، الأبرز على الإطلاق في إفريقيا كلها.. وهي المدينة التي يتوسطها برج عجيب، بشكل هندسي يأخذ ألباب الناظرين؛ سيما وهم يعبرون بالترامواي، في اتجاه الحي الحسني أو نحو حي المعاريف.. وتقدم له أكثر من ذلك.. شوارع فسيحة جدا، بعمران حديث للغاية.. وبمركبات من كل حدث وصوب، من آخر ما أنتجت مصانعها، وحتى مصانع الغرب كله..
**
الدار البيضاء، التي سماها البرتغاليون في القرن السادس عشر “كازابلانكا”، وزكى الإسبان التسمية، مزيج من الأحياء التي تتناغم مع بعضها البعض.. ليس بينها مسافات كبيرة جدا. وليست منزوية عن بعضها البعض.. فالزائر سرعان ما يجد نفسه وقد خرج من حي راق جدا، ليدخل إلى حي شعبي.. وهكذا، فإنه سيكتشف، دون أن يسعى إلى ذلك، وبكل سلاسة، أنه عبر من ليرميتاج إلى درب السلطان، أو من عين الشق إلى كاليفورنيا، أو من الحي المحمدي إلى روش نوار.. ليعيش التنوع في أبهى صوره.. نابضا بالحياة، متوجا بالتعايش المطمئن بين فئات ثرية وأخرى متوسطة، وغيرها فقيرة أو معوزة..
**
وبينما هو يمضي في طريقه، سيكتشف الزائر أن الدار البيضاء، الممتدة على مساحة 220 كيلومتر مربع، هي بالفعل العاصمة الاقتصادية للمغرب.. فليس عبثا أنها تحتوي على أكبر مطار، وأكبر ميناء، وعلى طريقين سيارين، وأكبر محطة طرقية، وأكبر محطة للسكك الحديدية، وأكبر الأحياء الصناعية، فهي تجذب إليها 32 في المائة من وحدات الإنتاج في المغرب، بما يجعلها تحتكر 33 في المائة من الصادرات الصناعية، مستخدمة في ذلك 60 في المائة من اليد العاملة الحرفية، و30 في المائة من إنتاج الطاقة الكهرباية الوطنية، ومسهمة بنسبة 44 في المائة من إنتاجه الصناعي بأنواعه المختلفة.. إنها تحتكر أزيد من 50 في المائة من عمليات الاستثمار والتجارة، فضلا عن نصف المعاملات المصرفية التجارية في المغرب، إذ تحتوي على 30 في المائة من الشبكة البنكية، ومعظم الإدارات المركزية للبنوك والتأمينات..
**
ومع أنها مدينة الصناعة والتجارة والاستثمار، فإن لها قلبا كبيرا للغاية.. فهي تؤوي عُشُر سكان المغرب.. وتضمهم إليها بكل اختلافهم الثقافي، والعرقي، واللغوي، في حضن واحد.. فتمد اليد لمن يحسنون صنعا، وتعلي شأن من يجتهدون، ويريدون أن يكتبوا أسماءهم في سجلها الذهبي.. مهما كانت الجهة التي يتحدرون منها، أو اللسان الذي ينطقون به، أو الدين الذي يعتنقونه، أو لون بشرتهم.. فهي لهم جميعا.. مثل الأم لأبنائها.. فقد مهدت طريق النجاح لعدد لا يحصى من الذين جاؤوها من كل حدب وصوب يبحثون عن المال والجاه والنفوذ، حتى صارت بعض الأسماء نموذجا في كل جهاتها، بل وفي العالم، بفعل ما تحقق لها من نجاحات عظيمة، جعلتها في صدارة الساحة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أيضا..
**
أغلبية أهل الدار البيضاء مسلمون.. ولكن الميدنة الميتروبول، التي يفوق عدد سكانا ثلاثة ملايين، حسب آخر إحصاء سكاني، لسنة 2014، تؤوي أقلية يهودية، تعيش بسلام وطمأنينة في وطنها.. ولها بِيَعُها التي تؤدي فيها صلواتها.. ولها حتى محلات الجزارة الخاصة بها.. وبعض الأحياء التي تعرف بها، وأشهرها على الإطلاق حي كوتيي الشهير.. كما أن هناك أقلية مسيحية، غير أنها ضعيفة العدد، بالنظر إلى أن الوجود اليهودي قديم قدم المغرب، يرجعه مؤرخون إلى ما قبل الدولة الإدريسية، حتى إن تعايش المسلمين واليهود المغاربة يعد مضربا للأمثال في العالم.. وبالنسبة إلى البيضاويين، والمغاربة، فهو شيء منهم، مثل لون الوجه، واليد، والعينين..
**
هناك من صار يقرن صورة الدار البيضاء بمجسد الحسن الثاني.. تلك المعلمة الروحية التي شرع في بنائها سنة 1987، وانتهي منه في سنة 1993، بعناية خاصة وإشراف شخصي من الملك الراحل، وبتصميم للمهندس المعماري الفرنسي ميشال بانصو، وكلفت ما يناهز 420 مليون يورو.. وهو محق في ذلك.. فهذا المسجد، الذي يقف شامخا على مساحة 9 هكتار، مطلا على المحيط الأطلسي، بمنارة هي الأعلى في العالم، بعلو 210 متر عن سطح البحر، يستحق أن تشد إليه الرحال.. ففيه من كل فن عريق طرف.. ومن كل فن حديث أيضا طرف.. ففضلا عن التحفة المتمثلة في قاعة الصلاة، التي تؤوي 25 ألف مصل، وتعلوها قبة تفتح بضغطة على زر، فهو يتوفر على ساحة تؤوي أزيد من 80 ألف مصل.. أما الضوء الذي ينبعث من منارته ليلا باتجاه الكعبة المشرفة، فيمتد على مسافة 30 كيلومترا، بلون أخضر يبهر الناظرين..
وبجولة بسيطة في أرجاء المسجد الأكبر في المغرب، سيكتشف الزائر أنه أمام صرح معماري عظيم.. فكل فنون الصناعة التقليدية المغربية بارزة، من الثريات العجيبة، إلى النقوش المثيرة على الجبس والخشب، إلى الزليج الفيسفسائي، إلى الأرضيات الرخامية المبهرة، إلى الزرابي المزركشة، إلى الخطوط القرآنية المشعبة من كل الأرجاء..
**
هناك مساجد أخرى كثيرة لها وزنها الكبير في الدار البيضاء.. لعل أشهرها المسجد المحمدي في حي الأحباس.. فهو مسجد بني غير بعيد عن القصر الملكي، على عهد الملك الراحل محمد الخامس.. ويتوسط حيا بناه المستعمر الفرنسي بطراز تقليدي ليرى فيه بعضا من فاس ومراكش داخل الدار البيضاء.. فكان وما يزال إلى اليوم، يحمل أنفاس التاريخ، بعرق من بنوه، ونضالات من قاوموا المستعمر، والتزام من جعلوا منه محجا لصلوات الأعياد.. وهو بموقعه وسط حي الأحباس، يشكل القلب لمجموعة سكنية ساحرة، بدورها الفسيحة، ودروبها الضيقة، وأقواسها القوية، ومقاهيها التراثية، ومكتباتها المميزة، وبناية المشور التي تعد هي الأخرى تحفة تستحق زيارات، وليس زيارة واحدة فقط.
**
للدار البيضاء، المتشبثة بالروحانيات، أولياؤها الصالحون، وزواياها أيضا.. ومن العجيب جدا أن أسماء الأولياء تجري على كل لسان بشكل يومي وقد فرضت نفسها تسمية للأمكنة عوض أسمائها الفعلية.. فسيكتشف الزائر ببساطة، وهو ينتقل من مكان إلى آخر في العاصمة الاقتصادية، أنه يطل على سيدي عبدالرحمن، في جزيرته المعزولة بشاطئ عين الذئاب، كما أنه سيشاهد قبة سيدي بليوط، أو أبو الليوث، أشهر الأولياء، وهو يعبر من جانب محطة الميناء السككية، ثم سيقال له إنك عبرت للتو من جانب سيدي بوسمارة غير بعيد، ثم سيعرف أن هناك في الجانب الآخر شمالا سيدي محمد وسيدي البرنوصي، وليس آخرا سيدي مسعود في الجانب الجنوبي الشرقي..
**
ومخطئ من يظن بأن الدار البيضاء مجرد عاصمة صناعية ومالية وحسب.. بل هي أيضا عاصمة سياحية بامتياز، بما تتوفر عليه من معالم حاضرية كبرى تستحق المشاهدة.. ففضلا عن مسجد الحسن الثاني، وساحة محمد الخامس، وحديقة الجامعة العربية، وباب مراكش، والسقالة، والكورنيش، هناك أشياء كثيرة تستحق أن تشاهد بالعين المجردة.. فلا يمكن للزائر أن يأتي إليها دون أن يعبر شارع محمد الخامس، ويملي العينين بالكثير من عبق التاريخ في صفحات عمران ساحر..
والدار البيضاء عاصمة فلاحية بامتياز، باعتبارها قطب سهل الشاوية؛ أحد ابرز سهول المغرب.. وهي أيضا عاصمة ثقافية، بما تحتوي عليه من متاحف ومعارض ودور ثقافة، فضلا عن المسرح الكبير؛ أحد أكبر وأجمل المسارح في العالم..
**
مستحيل أن ياتي الحديث عن الدار البيضاء من دون أن تذكر الظاهرة الغيوانية، والمتمثلة في تلك المجموعات الغنائية التي خرجت مستهل السبعينات من القرن الماضي من “معطف” المسرح البلدي، بقيادة المسرحي الرائد الطيب الصديقي، لتنتج “الغيوان” و”لمشاهب” و”جيل جيلالة” و”السهام”، ومجموعات أخرى تغنت بكل ما هو مجتمعي وقومي وإنساني، مستثمرة الإيقاعات المغربية الكثيفة التنوع، وبعض الأزجال التراثية، لتصل إلى العالمية، وتصير موضوع دراسات كثيرة لعلماء اجتماع ونقاد أدبيين، ومحط أفلام لعدد من أعظم المخرجين العالميين..
ولا يمكن أن يعبر زائر الدار البيضاء جانبا منها دون أن يطرق أذنيه بعض من تلك الأغاني الخالدات، التي أرخت لزمن مضى، وأراد لها القدر أن تخلد في الزمن الباقي.. فهو سيسمعها في الأحياء الراقية مثلما ستصله وهو في حي شعبي.. سيان.. وفي الحي المحمدة على الخصوص، مهد الظاهرة، آثر الشباب أن يؤرخوا لمجموعة الغيوان برسم يعلو جدار أشهر دار سينما هناك، وهي سينما السعادة، ويتضمن وجوه الرواد العربي بطمة وعلال يعلى وعمر السيد وعبد الرحمن باكو.. وكلهم ظاهرة في حد ذاته..
**
من ضمن الأشياء التي تميز الدار البيضاء عن غيرها في المغرب أنها قطب رياضي بدون منازع.. فهي فوق أنها تتوفر على واحد من أشهر الملاعب الكروية في العالم، وهو ملعب مجمع محمد الخامس، فهي التي خرجت أبرز الرياضيين المغاربة، وضمنهم على الخصوص اللاعبون الذين أنتجهم فريقاها الوداد والرجاء؛ الغريمان التقليديان، صاحبا مباراة الديربي الشهيرة بجماهيرها، وحماسها.. تلك المباراة التي تحبس أنفاس المغاربة.. وتقطع السير في كل أرجاء العاصمة الاقتصادية لما يزيد عن الساعتين..
الديربي بدوره صار، مع مرور الوقت، معلما من معالم العاصمة الاقتصادية للمغرب.. فمنذ بداياته أواسط الخمسينات من القرن العشرين، وهو يشكل قبلة لأنصار الفريقين الكبيرين الوداد والرجاء في المغرب وخارجه.. حتى إنه أصبح مادة دسمة للصحافة بما أنتجه من لاعبين، ومشاهد، وأحداث.. وبلغ به الشأن أن استدعى إنتاج أفلام سينمائية تدور كلها حول المباراة الأشهر في الدوري المغربي..
**
الفريقان الغريمان يشبهان أخوين بينهما عشر سنوات كفارق في العمر.. وهذا يشعل نار الغيرة على الأرجح.. ويؤججها مع مرور الوقت.. فقد سبق الوداد إلى الوجود سنة 1939.. أسسه رجال وطنيون مناضلون، ضمنهم الكبيران محمد بنجلون ومحمد بلحسن العفاني.. فاز بألقاب كثيرة وبطولات محلية وعلى مستوى شمال إفريقيا.. وشكل صفعة قوية للمستعمر حين وصف بأنه وداد الأمة، بما أن معظم الفرق الأخرى تشكلت من لاعبين فرنسيين وأوروبيين، فيما تشكل هو في معظمه من لاعبين مغاربة، مما جعله يتحول إلى فريق محبوب حتى عند جماهير الفرق التي يواجهها في معقلها.. وحين جاء الرجاء إلى الوجود سنة 1949، وأسسه وطنيون مناضلون أيضا، ضمنهم على الخصوص كريم حجاج والمحجوب بن الصديق، فقد بدأ يتخذ لنفسه مكانة في الدار البيضاء.. أما وقد التحق به العفاني، أحد مؤسسي الوداد، بصفته مدربا، في سنة 1956؛ أي سنة حصول المغرب على الاستقلال، وغير أسلوبه في اللعب، فقد اقتسم هواء المدينة الكبيرة مع شققه الوداد.
وهكذا، وبفعل انقسام الجماهير بين عاشق للوداد وآخر عاشق للرجاء، فقد أصبحت المباراة التي تجمعهما عبارة عن لقاء مشوق ومثير، لا ينتهي أبدا حتى مع الصافرة الأخيرة للحكام، بل يبدأ بشكل من الأشكال في كل أحياء الدار البيضاء، وعلى الخصوص في المدينة القديمة معقل الوداديين، ودرب السلطان معقل الرجاويين.. عبارة عن منقارات وتحديات ومراهنات بفعل العشق الكبير.. ويتجسد ذلك العشق على أيامنا بالألتراس، فللوداد ألترا وينرز، وللرجاء ألترا إيغلز وغرين بويز.. وكل يغني على ليلاه، ويراها الأحلى والأفضل والأكمل..
**
هل حظيت الدار البيضاء بعناية خاصة من ملوك المغرب؟
أي نعم، لا شك في ذلك.. فبعد الاستقلال أصر الملك الراحل محمد الخامس على الاحتفاء بكاريير سانطرال، الحي القصديري الذي شكل عصب الحي المحمدي؛ الحي العمالي، الذي نهض أبناؤه، مع الباقين، بمسؤولية النضال لتحرير البلاد.. وأصر على أن يمنح اسمه لذلك المكان.. وفي منتصف الثمانينات من القرن الماضي، قال الملك الراحل الحسن الثاني في خطاب رسمي إنه يحب أن يخص الدار البيضاء بمسجد عظيم، بعد أن خص الرباط العاصمة، التي تبعد عن كازابلانكا بحوالي 90 كيلومترا، بالضريح الملكي.. أما في عهد الملك محمد السادس، فقد شهدت الدار البيضاء نهضة غير مسبوقة.. فاقت ما شهدته في عهدي جده ووالده.. ويمكن لأي مراقب موضوعي أن يشهد على ذلك، وبالدليل.. ومن خلال جولة تقوده على مهل في أرجائها..
**
من شاطئ عين الذئاب الشهير، حيث لا تتوقف مباريات كرة القدم ولا يهدأ المشاؤون والمهرولون إلا مع مغرب الشمس، إلى شارع محمد الخامس العريق في المركز، حيث تنبض الأرض والسماء معا بأنفاس المتجولين والعاملين، صباح مساء، بين مترو ومسرع، إلى شارع الحسن الثاني، حيث العمارات الشاهقة، والحركية المفرطة، وأبواق السيارات والمركبات لا تتوقف عن الزعيق، إلى شارع محمد السادس الذي يقطع المدينة إلى شطرين هائلين، ويصلها بعمقها البدوي، سيجد المستكشف للدار البيضاء نفسه في رحلة عبر المكان والزمان معا.. من بدايات نشأة المدينة قبل قرون إلى حاضرها، بل وإلى مستقبلها أيضا الذي يبنيه بحس وطني لا مثيل له الملك محمد السادس، وهو يؤهل قلب المغرب النابض لتبوء مكانة كبيرة في العالم، وليس في المغرب وحسب.
*كاتب/صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *