أشرف الحاج

 

رد عبد الدين حمروش، الشاعر والكاتب المغربي على مقالة للكاتب أحمد عصيد  تحت عنوان لماذا فشل العقل العربي في حل القضية الفلسطنية؟.

الجريدة الإلكترونية “le12.ma” عربية، تنشر رد حمروش إلى جانب مقالة عصيد لكل غاية مفيدة.

قرأت مقال الأخ أحمد عصيد عن “فشل العقل العربي في حل القضية الفلسطينية”، فأثارني أن يحيل ذلك إلى “العقل العربي”، وكأن في هذا العقل جينات التخلف والقصور، دون عقول الشعوب الأخرى في العالم. لا أدري ما هو موقع “العقل العربي”، فيما كتب عصيد، أسفله، اللهم إلا الزراية على هذا العقل، عبر وصله بالهزيمة والخسران والانحطاط. 

بدل تسمية الأشياء بأسمائها، من خلال الحديث عن استبداد الأظمة الحاكمة، إضافة إلى تحالف الامبرياليات الغربية الصهيونية (الخ)، صار عصيد إلى موضوعه الأثير، ولازمته الراسخة: عربي غير عربي (امازيغي؟). 

لو كان عزيزنا أحمد قد تحدث عن مسؤولية الأنظمة العربية، في ما آلت إليه الأوضاع من إفلاس وضياع، ما كان مقاله يستحق كل هذا الرد منا. 

وحتى إن شئنا الحديث عن “العقل العربي”، بحصر المعنى، فلا ينبغي ان نغفل عن كونه عقلا مخالطا لـ”عقول” أخرى: أمازيغية، كردية، شركسية، خزرية، الخ. الحديث عن العقل العربي، بالمعنى العنصري الخالص، فيه شطط من حيث استعمال المصطلحات والمفاهيم.

خلف كل تلك القيم المسوقة سوقًا، في إطار من النقد والتحليل لأاوضاع العربية، اختزال لأسباب الفشل العربي من جهة، وتغليط  للرأي بالحديث عن العقل العربي من جهة ثانية. السؤال يظل معلقا: ما محل “العربي” في كل ما ساقه عصيد؟.

أحمد عصيد

لماذا فشل العقل العربي في حلّ القضية الفلسطينية؟

على مدى 72 سنة، فشل العقل العربي في حل القضية الفلسطينية، لكنه قبل ذلك وخلاله فشل في جميع القضايا التي تخصه والمهام التي طرحت عليه:

ـ فشل في بناء الديمقراطية والتداول على السلطة في ظل تعاقد اجتماعي عادل.

ـ فشل في توزيع الثروة وتقليص الفوارق الطبقية الفاحشة وإنهاء اقتصاد الريع.

ـ فشل في تحقيق المساواة بين النساء والرجال والاعتراف للمرأة بكفاءتها.

ـ فشل في فهم معنى الخصوصية ومعنى التنوع والاختلاف واحترام الآخر.

ـ فشل في ضمان السلم وحُسن الجوار وحلّ النزاعات بين العرب والمسلمين أنفسهم. وعندما تبنى خطاب “الوحدة العربية” صنع به الشتات وبؤر التوتر.

ـ فشل في جعل “الربيع العربي” يُزهر ويثمر وحوله إلى عوسج وأشواك .

ـ فشل في محاربة الجهل والخرافة وأسباب التخلف في الأذهان والسلوكات.

ـ فشل في محاربة الرشوة والفساد والزبونية وثقافة الأنساب والشجرات.

ـ فشل في إقامة دول ناهضة وناجحة تنمويا مبنية على احترام العمل والمردودية. ـ فشل في تقديم نموذج ناجح من داخل ثقافته وأصالته الحضارية.

ـ فشل في الاستفادة من النماذج الناجحة المحيطة به في آسيا أو أوروبا أو إفريقيا.

ـ فشل في وضع أسس وطنية للبحث العلمي ودعم العلوم وبناء مجتمع المعرفة.

ـ فشل في إعطاء صورة مشرفة عن الإسلام وعن العروبة سلوكيا وقيميا.

ـ فشل في تربية الأجيال على احترام البيئة ونظافة الفضاء العمومي ومحاربة الأزبال والأوساخ.

ـ فشل في بناء وعي مواطن يخدم الصالح العام وينبذ الأنانية والجشع الفردي والرغبة في الإثراء السريع.

ـ فشل في خلق أجواء الطمأنينة الاجتماعية المنتجة فأشاع الخوف والنفاق.

ـ فشل في فهم أسس قيام الدولة الحديثة فاخترع الإخوانية والوهابية لهدمها.

عقل فشل فشلا ذريعا في حلّ كل هذه القضايا المصيرية، ويعتمد في تبرير ذلك على نظرية المؤامرة، لماذا نريد منه أن يحلّ القضية الفلسطينية ؟

لقد دشن العقل العربي بداية المشكل الفلسطيني ببيع فلسطين لليهود بعد وعد “بلفور“، محتكما إلى ثقافته البدوية، ثقافة “الغنيمة“، ثم عندما بدأت المقاومة الفلسطينية جعلها العقل العربي وفق ثقافة “داحس والغبراء” تتحول إلى شيع وطوائف وجزر منعزلة متناحرة فيما بينها،، وفشلت الثورة الفلسطينية.

وعندما فشل وهو يرتدي قبعة القومية العربية استعاض عنها بالعمامة الدينية فلم يزد الطين إلا بلة.

لم يستطع العقل العربي أن يربح حربا ضدّ إسرائيل لا بالعروبة ولا بالإسلام، ولم يستطع إيجاد حلّ سياسي للقضية، يرفض التطبيع ويرفض التفاوض، يريد فلسطين كلها بعاصمتها القدس، ولا يستطيع فعل أي شيء من أجل ذلك سوى صياغة البيانات والخطب.

بل ما زال العقل العربي عاجزًا حتى اليوم عن فهم وقائع ساهم في صنعها وينسبها إلى الأجانب.

لا حلّ يبدو في الأفق لمشاكل العقل العربي، سوى أن تتم إحالته على المعاش وترك الناس يتدبرون شؤونهم بعقل جديد وبأسلوب مغاير في الحياة، اعتمادًا على العلم وعلى الحسّ الإنساني السليم .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *