طلحة جبريل

 

يقال هناك من يراهن على الوسائل، وهناك من يراهن على الأفكار.

إقترح علي شخص عزيز زيارة متحف الدمى في الرباط العتيقة، في حي “بوقرون”.

وجدت المتحف تنطبق عليه المراهنة على الأفكار.

لم يترك لي الركض بين المدن مساحة زمنية للبحث عن أمكنة الوقت الثالث. من أين لي ذلك وأنا أقفز من قطار إلى آخر، مسافر زاده الخيال، لا أشتكي بل سعيداً أقولها.

نعود إلى قصة المتحف الذي يحمل إسم “دمى العالم”.

كانت هواية عبد الجليل حفار وزوجته ماري ميشال شراء دمى من مختلف أنحاء العالم، وجميعها من الحجم الصغير.

من خلال هذه الهواية استطاعوا جمع عدداً لا بأس به من الدمى.

تبلورت لديهما فكرة إنشاء متحف لهذه الدمى، ووقع اختيارهما على الرباط العتيقة.

وهي منطقة يفترض الحفاظ عليها وتحويلها إلى منطقة سياحية، إذ أنها تجر خلفها تاريخاً عريقًاً، وفي معظمه تاريخ معمار.

هكذا سيقرر عبد الجليل وماري الإنتقال إلى هناك من حي النهضة الذي كانوا يقطنونه ويحملون الدمى إلى دار تقليدية.

لكن هذا الانتقال كان يتطلب صيانة الدار العتيقة، لقرابة سنة ونصف.

يقول عبد الجليل “كانت الدمى تسكن معنا فقررنا أن نسكن معها “.

فكرة مدهشة أليس كذلك.

 أفتتح المعرض في يونيو من العام الماضي

ويقول عبد الجليل بنبرة أسف “لم يحضر حفل الافتتاح أي أحد من وزارتي الثقافة والسياحة أو إدارة المتاحف أو مجلس مدينة الرباط”.

لكن ذلك لم يؤثر على طموحهما ومواصلة عملهما في العناية بالمتحف.

وزعت الدمى داخل المتحف على فترينات زجاجيه، طبقا لتقسيم جغرافي.

دمى من جميع القارات، من غواتيمالا غرباً حتى فيتنام شرقاً.

دمى من دول عربية وإفريقية وأوروبية وآسيوية ومن أميركا الشمالية والجنوبية.

دمى الدول العربية من المغرب وتونس وموريتانيا ومصر ولبنان .

دمى لنساء ورجال وأطفال بأزيائهم التقليدية.

إضافة إلى جناح وضعت بداخله الدمى طبقاً لتقسيم تبعاً لموضوعاتها، مثل الموسيقى والرقص والنسيج والتاريخ أيضاً.

هناك كذلك صناديق زجاجية بداخلها مجسمات صغيرة، لمتجر بائع الحرير، وبائع الحلزون، ومنزل روسي تقليدي، وصالون عثماني.

يمر الوقت سريعاً في هذا المتحف، الذي يضم 2500 دمية بأزياء تقليدية، متحف يمنح الزائر كما يقول شعاره “فرصة السفر في الزمان والمكان وإكتشاف تراث الملابس لأزيد من 90 دولة”.

أثناء التجول بين أجنحته تسمع الصمت، إذ الدمى الصامتة تتحدث لك عن نفسها دون أن تنبس ببنت شفة.

غادرت المتحف بمزاج رائق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *