*كريم شوكري
تساءل الدكتور عبد الرحيم العطري ضمن مؤلفه الجديد “سوسيولوجيا الحياة اليومية..الرمزي أفقا للتفكير” في معرض تشريحه العلمي للمسالك الرمزية الكامنة في تفاصيل المعيش اليومي للمغاربة: “نحن المغاربة، ألسنا مجتمعا شكاء؟، يشكو كثيرًا و بدون مناسبة، يستحبالمظلومية و يفسر كل شيء بنظرية المؤامرة، نرى في الآخر مسؤولًا عن كل الخيبات و ننزه الذات عن كل الخسارات؟“..
لا غرو في إعتقادنا بأن الشخصية المهووسة بالإستثمار في بورصة الضحية و المظلومية ظلت دوما محور إنشغال الدراسات النفسية الحديثة التي حشدت عدتها المعرفية لإفساد الطقوس التنكرية لدى بعض مدمني خطاب المؤامرة الميال إلى تنزيه الذات و تسفيه الآخر..
ولنا في أطروحة الباحث السيكولوجي في مؤسسة “ولكام بريست” البريطانية دانييل فريمان خير مؤيد لفرضية إقتران لغة المظلومية بالنفسية المهزوزة لمستعمليها الباحثين عن قسط من التوازن السيكولوجي..
و غالبا ما يستعمل متقمص دور الضحية سحر الكلمة و بلاغة الأئمة لإستدرار عطف “القطيع” الذي تنطلي عليه هذه اللغة الماكرة الشبيهة بحديث“الكساء” لدى الشيعة عندما يحصرون العفة و التقوى في بعض مقربيهم من آل البيت دون غيرهم من خلق الله..
فالحامل لعباءة الضحية و المدمن على المظلومية غالبًا ما يستطيب لا شعوريًا تعليق إنكساراته على مشجب متربص إفتراضي يعفيه من حرج مساءلة الذات..إنها سيكولوجية الفشل و متلازمة العجز عن تحرير الذات من قفصها الدوغمائي..
وانتصارًا للروح العلمية تبقى هذه المعطيات مشفوعة طبعا بقسط من النسبية لكونها قد تنطبق على حالات بعينها دون أخرى تبعا لمنطقالعلوم الإنسانية..
رأينا صواب يحتمل الخطأ و رأي من يختلف معنا خطأ يحتمل الصواب..