الرباط: le12.ma

 

كما عودنا فلاسفة الرجاء على  توجيه بوصلة رُقي تفكير الرجاويات والرجاويين، صوب تعالي وسمو الفرجة الكروية، ظهرت لنا ملحاحية التدخل لفض الاشتباك الداخلي حول فهم “هزيمة” النسور الخضر، ووضعها في سياقها المنطقي دون مبالغات ولا مزايدات.

قبل الدخول في الموضوع، لا بد أن نحكي لكم قصة، من تاريخ الإبداع العالمي الفرجوي لكرة القدم، والذي تعتبر الرجاء ركنا أساسياً من تراثه الكروي.. كان في ماضي تاريخ الفرجة، حارس فرنسي مغمور يدعى جويل باتس، أصيب بسرطان مميت سنة 1982، وفقد الجميع أي أمل في استرجاعه.. قاوم باتس المرض اللعين، والجراحات المتكررة على جسمه المنهار بسبب الوباء.. وبعد مقاومة عنيدة للمرض وآمال مضنية بالشفاء.. استطاع الحارس باتس أن يقف على رجليه مرة ثانية.. وتشاء الصدف أن يضطر المنتخب الفرنسي لإدخال الحارس باتس رسميا في مقابلة كأس العالم لسنة 1986، التي جمعت بين البرازيل وفرنسا.. وتشاء الصدف مرة أخرى، أن يتم منح ضربتي جزاء لصالح إسمين من أشهر أساطير كرة القدم البرازيلية في العالم، الفيلسوف الحكيم سقراطيس، والفنان المبدع زيكو.. ويشاء مكر الحكي والتاريخ أن يتمكن الحارس باتس من صد ركلتي الجزاء لسقراطيس وزيكو ببراعة منقطعة النظير.. وليكون باتس سبب هزيمة البرازيل..

حين طُرِحَ السؤال على زيكو وسقراطيس، حول الهزيمة وتضييع ضربتي جزاء، أجاب الحكيم: “لماذا تستهينون بقدرات الحارس باتس ؟!”..

– أين الحكمة إذن في تاريخ فلسفة الفرجة الكروية، والتي اختار النسور الخضر تبني حِكْمَتِها وديمقراطية الكرة؟

الدرس البليغ لعمق فلسفة الفرجة الكروية، هو في تمثل مبدأ تقبل الهزيمة كما نشوة الانتصار، وهنا يظهر علو كعب الانتماء الصادق، بدون نزق المزايدات المتسرعة.. فنموذج رقينا نستمده من حكمة ونضج سقراطيس وزيكو في احترام الخصم وتقدير لحظة “الانهزام” حق قدرها اللحظي، بكل العِزة اللازمة، والتي تحتفظ بمكانتنا الصادقة في قلوب الملايين، فلنهنئ الفريق الخصم بفوزه.. فلا عيب في ذلك.. فنحن لا نحتاج لمن يضع لنا نياشين العالمية.. فهي في طبيعة عروق دمائنا..

إن الانهزام ظرفي كما الانتصار في منطق كرة القدم.. والفريق الكبير وأنصاره.. ونسطر بسطر أحمر على أنصاره، من يستطيع تجسيد حب الانتماء ونشوته وانتشاءه دون شروط واشتراطات ذاتية.. فالظرف الموضوعي يطغى أحيانا على نزعاتنا الذاتية وأحلامنا وآمالنا (وتسرب الوباء لبيتنا يقتضي التضامن بنفس قدر العتاب).

نفس الأمر، بصفة عامة، كلما اشتد الضغط الداخلي والخارجي على الوطن، سارعت أصوات للتنكر للبلاد والوطن تحت ذريعة “الله يلعن بوها بلاد!” ويبدأ السب في الوطن وروح الانتماء.. لن نقبل هذا في صفوفنا.. ولن نسمح أن تنفجر قنابل وهمية وسطنا.. ولن تتسرب إلينا “الهزائم” الداخلية فالانتماء أصيل ومتجذر رغم الكبوات الظرفية.. هاته الأخيرة تكون فرصة لتصحيح الخطوات وعقلنة الاستراتيجيات.. وكذا الاعتراف بالمجهودات.. مؤطرين ولاعبين وجمهوراً.. ولن نقبل أبدأ أن تكون لحظة “الهزيمة” العابرة ممراً للتجريح والسب، فهاته المسلكيات ليست من صميم تربية وفلسفة الرجاويات والرجاويين (آثرنا الابتداء بالإناث، لأن الرجاء وعشقها دخل كل البيوت المغربية).

لن نختم إلا بفلسفة الرجاء، التي انبثقت من عمق الحواري المغربية ونخبة المغرب الراقية وفلسفة عشق الانتماء الأخضر الذي خلاصته المبدعة :

“كي تربحي زاهية كي تخسري هانية”.

*فلاسفة الرجاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات