محمد الخدادي/ ضاحية تازة

لا معنى للتباعد الجسدي، فهدوء الخريف في نهاية موسم فلاحي ضعيف وسنة شبه جافة، جعل الحياة رتيبة، وقلل فرص اللقاء بين الناس، إلا في الأسواق الأسبوعية، حيث يتذكرون إلزامية استعمال الكمامة، للنجاة من “عقاب المخزن” أكثر من الخوف من كورونا.

ينصرفون إلى أشغالهم بقدرية مطمئنة، وألفوا حتى غارات الخنزير البري، الذي منع مع الجفاف زراعة الخضر الموسمية.

“ماء المخزن” كذلك غير محبب للشرب، ثمنه مناسب، درهم واحد لكل 100 لتر، لكنه يستعمل فقط للأغراض المنزلية وتوريد الدواب، ويفضلون ماء العين الصامدة للجفاف، على الجهة اليمنى من الصورة.

التشجير بالزيتون يكتسح مجالات الزراعة والرعي، لكن غلة هذا الموسم هزيلة، كسابقتها من الحبوب. وحدها أشجار اللوز لم تخيب الأمل، إذ استفادت من غياب الرياح والأمطار التي تسقط الأزهار في فترة الإزهار.

بدأ يظهر البناء بالإسمنت المسلح، بفعل الهجرة إلى أوروبا، وتحسن نسبي في مستوى العيش، وأصبحت السلطة تراقب البناء وتشترط الرخصة والتصميم.

استقرار بشري قديم في دوار باب جنان، بمقدمة الريف، 35 كلم شمال تازة، وحوالي 100 كلم جنوب الحسيمة، التي تزود المنطقة بسردين طري طيلة الأسبوع، بين السفح الشرقي لجبل أزدم (1400 م عن سطح البحر)، وامتداده الطبيعي الظاهر في الصورة على شكل تل شاهد (جبل أغولال)، وقد فصلتهما التعرية قبل ملايين السنين. 

وفي الأفق الجبال الفاصلة عن قبيلة كَزناية.

تقع المنطقة شرق قبيلة البرانس الأمازيغية، التي تعرّب لسان أهلها جزئيا بالتدريج بداية من القرن 14 م.

في الليل يمكن مشاهدة كوكب المريخ بحمرته المتألقة بين النجوم، يخترق السماء من الشرق إلى الغرب إلى حدود الفجر، في منطقة محررة من رهاب كورونا ومن اللهاث البشري في الحواضر.

*كاتب/صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *