إدريس عدار

صناعة المحتوى، على مستوى وسائط التواصل الاجتماعي، تكون في أغلب الأحيان دون محتوى..

مضامين جيدة لا يتابعها إلا قلة والتزييف يلقى قبولا ويحظى بالدعم الافتراضي. وصول صانع المحتوى إلى مستوى معين من المتابعة يغير اعتقاده في نفسه، يتحول لديه الكوجيطو من أنا أفكر إذن أنا موجود، إلى “أنا أوسيلفي إذن أنا موجود” بتعبير إلزا غودار، في تحليلها لتحولات الكوجيطو الرقمي..

ومادام الكوجيطو غير محسوم، فالكوجيطو الرقمي قد يكون مصدرا لتفاهة الكائن. قد يسبق الوجود التفكير ويكون ضرورة له.

 فهل نعيش اليوم الوجود من أجل “السيلفي”؟.

شاهدت أخيرا فيديو لناشطة فيسبوكية من جماعة الكوجيطو الرقمي تتحدث فيه عن مشروع سياسي كبير..

مايسة ووهبي
مايسة ووهبي

مشروع لا قبل للإنس والجن به. غير مسبوق من أحد.

مشروع يميز بين حكومة “المشاورية” وحكومة السياسيين، وهذا ذكّرني بأحد زعماء الكوجيطو الرقمي، الذي ظهر على حين غفلة من الناس وأصبح زعيما يلعن كل الأحزاب حتى حزبه..

أعلن بداية أنني غير معني بمناقشة المحتوى. والمغاربة القدماء قالوا “إلى شفتي صاحبك راكب الكلخة أو القصبة قل ليه مبروك العود”..

صاحبتنا ركبت القصبة دون سرج واختلط عليها دخان البارود والتبوريدة بدخان “صحن السمك” على شاطئ الحسيمة..

سوقت نفسها وهي تلتقي ناصر الزفزافي في مطعم “الحوت” أنها وسيطة..لكن لا زلنا نجهل نوع الوساطة.

لهذا لا يهمني المحتوى لأنه لا يوجد أصلا محتوى في كلام إنشائي لا يمكن أن يفيد في فهم مشروع سياسي..

كلام يصلح لأي شيء ولا يصلح لشيء.

 لكن يهمني هذا الشكل. هذا الصنف من صنّاع المحتوى بل من الصناعة الرقمية.

 تقلبات من غير مراجعات. مرة بغطاء الرأس مدافعة عن الإسلاميين. ومرة بغطاء رقمي للدفاع عن آخرين. واليوم بغطاء “كورونا” للحديث عن ملكية البرلمانية.

بعيدا عن السياسة. لما أكثر “الخطباء” الحديث عن الدين من غير عدة وعتاد كفر به الناس.

الملكية البرلمانية مسار ومسيرة وجواب عن أسئلة وتاريخ، إذا أُكثر الحديث عنها جماعة الكوجيطو الرقمي المقلوب قد تصبح كفرا بَواحا. وهنا تكمن خطورة النجوم المصنوعة بدقة.

 مثلما تمت صناعة خطباء في الدين تتم صناعة خطباء في السياسة. ومثلما نحتاج إلى فقهاء في الدين نحتاج إلى فقهاء في السياسة.

الدين والسياسة مثل شعلة جمر. تركها في أيدي لا تحسن صنعا يعني نشوب حرائق لا تنتهي.

عندما جلست الناشطة الافتراضية على مائدة فوقها “صحن سمك” و أوحت بأنها وسيطة، هل كانت كذلك أم كانت تهيئ نفسها للعب أدوار في المشهد السياسي؟. يٌحسب لها أنها لعبت اللعبة على أصولها، ونشرت سيلفيات مع أغلب الزعماء السياسيين.

 لقد أخطأوا عندما منحوها فرصة التعبير عن وجودها بالسيلفي وهو الكوجيطو الرقمي المقلوب “أنا موجود إذا أنا أوسيلفي”.

كيف ينبغي أن نلوم من تطاول على كل المواضيع التي لا يعرف. كيف نفعل ذلك؟ نشاهد يوميا ميلاد عشرات الخبراء في كل شيء. في كلامهم إنشاء أقل من كلام عامة الناس.

وجوه تحتل الشاشة مثلما تحتل جماعة الكوجيطو الرقمي المقلوب العالم الافتراضي.

كاتب صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *