يكشف زملاء صحفيون رياضيون، من خلال هاته الحلقات التي تنشرها الجريدة الالكترونية le12.ma عن حكايات وطرائف، عاشوا تفاصيلها المرعبة أحيانا، والمثيرة للضحك في أحايين أخرى. وهم يركبون مخاطر تجولهم في مجاهيل الأدغال الإفريقية، لتأمين نقل أخبار المنتخبات الوطنية، والأندية المغربية المشاركة في المناسبات القارية…

 من ملاحقات البوليس السري، إلى مطاردات بائعات الهوى، ومن الاعتقال التعسفي، إلى السقوط ضحايا نصب ونشل احترافي، ومن مغامرات اقتحام ملاعب دول تحت رحمة الحروب، إلى ركوب مخاطر طقوس مجتمعات إفريقيا الجنوب.. يحكي زملاء في الصحافة الرياضية، عبر هذه الحلقات، حكايات وحكايات، تستحق أن تروى…

 ضيف اليوم الصحفي جلول التويجر، واحد من أبزر الصحفيين الرياضيين المغاربة وأحد فرسان جريدة”المنتخب” الرائد مغربيا وعربيا في الصحافة الرياضية.

 

 بداية كصحفي رياضي في جريدة المنتخب المتخصصة في الرياضة، كم عدد المباريات التي توليت مهمة تغطيتها خارج المغرب خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء؟.

 في الحقيقة، لقد تمكنت من تغطية مختلف المنافسات الإفريقية، بإفريقيا جنوب الصحراء، على وجه الخصوص، وهي مهام، سمحت لي بزيارة أكثر من عشرون دولة إفريقيا، وكان من حسناتها أنني إكتشفت عادات وتقاليد تلك المجتمعات والشعوب، والعديد من المعتقدات التي كانت تحظر طقوسها بقوة في المنافسات الكروية تحديدا، وبطبيعة الحال، منها ما هو إيجابي، كالفنون الشعبية الإفريقية، ومنها ما هو مرفوض، كالشعوذة وإدعاء تسخير قوى غيبية للتأثير على نتائج تلك المنافسات.. دون الحديث عن طرائف ومغامرات لا يمحوها الزمن.

 

المنافسات التي عملت على تغطيتها، هل كانت تهم الأندية الوطنية أو المنتخبات المغربية أم تخص نهائيات كأس أمم إفريقيا؟.

 

 كما سبق أن قلت، لقد توليت بتكليف من إدارة تحرير جريدة”المنتخب” المتخصصة في الرياضية، تغطية مختلف المنافسات الكروية الإفريقية، فمنذ موسم 2000، يمكن القول أنني عملت على تغطية 90 بالمائة من مشاركات فريق الفتح الرباطي، في المنافسات الإفريقية، إلى جانب فريق الجيش الملكي، كما انتدبت لتغطية، مشاركات فريقي الرجاء والوداد البيضاويين، في البطولات الإفريقية، فضلا عن تغطية أربعة نهائيات لكأس الأمم الأفريقية، التي تعد الحدث الإفريقي الأبرز كل أربع سنوات على صعيد العالمي، والتي نطلق عليه نحن كصحافة رياضية لقب”المونديال الأسمر”، الشهير اختصرا بإسم”الكان”.

 

 لنبدأ مع رحلات الأندية المغربية إلى الأدغال الإفريقية، خلال رحلتك رفقة الوداد البيضاوي إلى نيجيريا على عهد المدرب فخر الدين، عشت العديد من الطرائف والمغامرات ربما، كيف ذلك؟.

 

 بالفعل، لقد توجهت في رحلة مع الوداد البيضاوي، خلال منافسات كأس عصبة أبطال إفريقيا إلى نيجيريا، حيث إنتقلت رفقة الفريق، من مطار أبوجا، بواسطة سيارة واحدة عبر دفعات إلى بمدينة إسمها سيوناني، لمواجهة فريقها المحلي، وعند الوصول، سيفاجئ للاعبون تحديدا، بتواجد مركب الاستضافة والعسكرة يبعد عن مركز المدينة، بـ60 كليومتر، إذ بعد قطعهم لتلك المسافة وسط مسالك غابوية وعرة ومرعبة، كانت المفاجأة الصادمة، تتمثل في تسخير بيوت نوم مجهزة بـ”بونجات”، دون أسرة، واقتصار وجبات الأكل طوال مقام فريق الوداد بهذا المعسكر، على إعداد مسؤولي مركب الاستضافة،”حوت محلي بالأرز”.

إلى أي موسم تعود هذه الرحلة المرعبة للوداد إلى نيجيريا؟

 

 تعود تلك المباراة إلى الموسم الرياضي 2010 /2011، وهو الموسم الذي تسلم فيه المهاجم الدولي السابق فخر الدين رحجي، مسؤولية  تدريب فريقه الأم الوداد البيضاوي، بعدما كان الفريق قد توجا بطلا للمغرب للمرة الأولى على عهد رئيسه السابق عبد الإله أكرم، وللمرة الثانية عشر في تاريخه الحافل بالأمجاد والألقاب.

 

 كيف واجه طاقم الفريق واقع الوجبة الغذائية الوحيدة التي فرضت على لاعبيه؟.

 

 لقد تطوع عدد من أفراد الطاقم المرافق للفريق، من أجل قطع عشرات الأميال للوصول إلى مركز مدينة سيوناني، بغرض جلب مواد غذائية، تغنيهم عما كان يعده لهم طباخو مركب المعسكر من وجبات انعكست سلبا على معدة بعض اللاعبين، ويمكن القول أن عناصر فريق الوداد انهوا معسكرهم، وسط  واحدة من أدغال نيجيريا، وهم يتناولون فاكهة الموز، وبعض الألبان المبسترة، المستوردة بطبيعة الحال.

 

 هل انتهت مغامرات وطرائف هذه الرحلة عند تلك الأحداث؟.

 

 للاسف لم تنتهي مغامرات وطرائف تلك الرحلة عند تلك الأحداث، التي كان شاهدا عليها كذلك الصحفي، أحمد نعيم رئيس القسم الرياضي بجريدة”الصباح”، إذ سيتعرض فريق الوداد والطاقم المرافق له، لمحاولة اعتداء مسلح وسط الغابة.

 

 كيف حدث ذلك؟.

 

إنتهى معسكر الوداد السيء الذكر، ودقت ساعة يوم المباراة الرسمية، وبينما كان الفريق ومن معه من وفد مرافق، بما فيه الوفد الإعلامي، يقطع الأميال وسط غابة بلدة سيوناني، في اتجاه ملعب المدينة، ستعترض حافلته الكبيرة، سيارة رباعية الدفع  وستطوق بمسلحين مدججين بالكلاشنيكوف، إذ لما علموا بأن الحافلة تخص فريق كروي، اخلوا سبيلها.

 

ألم تعتقلهم السلطات المحلية؟.

 

بلا، بلا، فبعدما كاد هذا التصرف الأرعن، أن يتسبب في مخاطر للحافلة ومن يوجد على متنها، علمنا فيما بعد أن الأمن النيجري، تمكن من إلقاء القبض المتهمين وقدمهم إلى العدالة.

 

 وكيف خاض فريق الوداد في هذه الظروف مباراته امام الفريق النيجيري؟

 

 في الحقيقة، وهذه شهادة للتاريخ، على الرغم من المضايقات المخدومة التي واجه بها فريق المضيفة ضيفه الوداد البيضاوي، من سوء الأكل والإقامة، وحجز مركز تدريب وسط الأدغال، وتعرض الفريق لمخاطر اعتداء مسلح، فإن رفاق الحارس الدولي وقتها، نادر لمياغري، وقعوا على مباراة كبيرة، وانهوا المواجهة، بتعادل إيجابي، كان كافيا، لحجزهم ورقة التأهل إلى الدور الموالي من منافسات كاس عصبة الأبطال الإفريقية.

من إطار طرائف ومغامرات تغطيتك لعدد من مشاركات الأندية الوطنية في المنافسات الإفريقية،  واقعة مثيرة وقعت لك رفقة الفتح الرباطي بليبيا بداية الثورة.. ما حدث؟.

 بالفعل، فقبل، سقوط نظام معمر القذافي، بحوالي أربعة أشهر، توجهت رفقة مجموعة من الصحفيين، لعل من أبرزهم المعلق الرياضي بالقناة الأولى عبد الحق الشراط، إلى ليبيا، لتغطية مباراة  الفتح الرباطي، أمام فريق الأهلي الليبي، كانت الانطلاقة من مطار الدار البيضاء، في رحلة جوية استغرقت عدة ساعات، ومرت في أجواء عادية، لكن ما إن حطت الطائرة بمطار طرابلس الدولي، وشرعنا في إجراء الإجراءات الجمركية الروتينة، حتى عملت المخابرات الليبية، على مصادرة جوازات سفر الصحفيين المغاربة، دون سواهم من أعضاء الوفد المرافق للفريق المغربي، وعدم السماح لنا بمغادرة مكان يشبه إلى حد كبير مخفر الشرطة عندنا.

 

 لماذا تصرف معكم الامن الليبي على هذا الشكل؟.

 

 في الواقع، لقد اخبرنا مسؤول بالأمن الليبي، بعد احتجاج الصحفيين، واستفسار مسؤولين بفريق الفتح الرباطي عما يقع، بأن السلطات الليبية، لم يجري إخطارها مسبقا بوجود مباراة في كرة القدم  فوق ترابها بين فريقي الفتح الرباطي، والأهلي الليبيي، علما أن هذا الأخير هو فريق الساعدي القدافي، نجل الرئيس المطاح به، من طرف ثوار ليبيا لاحقا، وهو تبرير في الحقيقة، لم يكن مقنعا كشرط الذي اشترطه الأمن المحلي من أجل السماح لنا بمغادرة المكان، والتوجه إلى الفندق إستعدادا لأداء مهمتنا الصحفية.

 

وماهو ذلك الشرط؟.

 

لقد طلب منا الامنيون الليبيون، تقديم تصريح من وزارة الشؤون الخارجية، يؤكد أننا في مهمة فوق التراب الليبي، كما لو أننا وفد سياسي أو حكومي رسمي، وليس وفد صحفي رياضي، توجه إلى طرابلس من أجل تغطية مباراة في كرة القدم تندرج في إطار منافسات كأس إفريقيا للأندية البطلة، المنظمة من طرف الاتحاد الإفريقي المنضوي تحت لواء الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، الذي سبق للاتحاد الليبي أن وقع على قوانينه الضامنة لحسن إستقبال ضيوف منتخباته وأنديته والوفود المرافقة لها تحت طائلة العقاب.

 

 وماذا حصل للخروج من هذه الورطة؟

 

 لقد بادر مسؤولون بإدارة فريق الفتح الرباطي، إلى الاتصال بالسفارة المغربية بالعاصمة لليبية طرابلس وجرى إخطار السفير المغربي بالواقعة، حيث تدخل في الحين لدى الحكومة الليبية، فسمح لنا الامنيون بدخول التراب الليبي، وهم يرددون على مسامعنا عبارة:”انتم في ضيافة الساعدي القدافي، مرحبا، مرحبا، انتم في ضيافة نجل الأخ القائد معمر”.

 

لم تتوقف طرائف ومغامرات هذه الرحلة عند هذا الحد ربما، آليس كذلك؟

 

 أجل، أجل، بعد تسوية مشكل احتجازنا داخل مطار طرابلس الدولي، ومصادرة جوازات سفرنا من طرف المخابرات الليبية، وتهديد الطاقم الصحفي المرافق لفريق الفتح الرباطي، وبعد العودة إلى ارض الوطن، سنعيش بالفعل طرائف ومغامرات غير متوقعة، وهنا لا أخفيكم القول إنها أصابتنا بالهلع، والاستغراب في نفس الوقت.

 

 كيف ذلك؟

 

أول ما شد انتباه فريق الفتح الرباطي، الوفد المرافق له من صحفيين وإداريين، هو تعمد الفريق الليبي، استضافة ضيوفه في فندق غير مصنف، قريب من إحدى الساحات العمومية التي كانت تحتضن مظاهرات شعبية مؤيدة للنظام عشية ثورة الإطاحة بحكم معمر القدافي، فضلا عن اختلاق جهات غير معروفة حفل زفاف وهمي، واصطحاب أسطول من السيارات أمام فندق إقامة فريق الفتح، ليلة المباراة الحاسمة، وتعمد إطلاق العنان لمكبرات الصوت بأغاني وأهازيج محلية، كما لو كان الأمر يتعلق بحفل زفاف حقيقي، والغرض من وراء ذلك، كان هو التشويش على راحة الفريق الفتحي، لأنه لا يعقل أن يقام حفل زفاف قبالة واجهة فندق بالشارع العام، ما لم تكن له مرام أخرى.

 

 عبد الحق الشراط، المعلق الرياضي بالتلفزيون المغربي صرح للجريدة سابقا بأنه سمع ذوي طلقات نارية في جنبات الملعب مع نهاية مباراة الفتح والأهلي.. هل سمعت بدورك تلك الطلقات؟.

 

 في الحقيقة، لقد سمعت بدوري، ذوي طلقات نارية مجهولة المصدر، قادمة من إحدى جنبات الملعب، مع  نهاية تلك المباراة التي قدم خلالها فريق الفتح واحدة من أفضل مقابلته الكروية نتيجة و أداء وأمام نحو 60 ألف متفرج ليبي، وعلى ذكر عبد الحق الشراط، الذي كان ضمن الوفد الصحفي، إلى جانب المصور بالقناة الأولى الناصري، فالرجل لم يكن محظوظا، إذ فقد خلال رحلة العودة في ظروف غامضة مقتنيات خاصة رفيعة المستوى، كان قد اشتراها من السوق الحرة بمطار طرابلس الدولي.

 

 يقال إنك قمت إلى جانب بعض الزملاء بعمل دبلوماسي ببروندي قبل عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. كيف ذلك؟

 

كنت رفقة الصحفيون، حسن بامو، حاليا بقناة الرياضية، وبلعيد بويميد، محلل براديو مارس ونورالدين الركراكي، من لوبنيون،  ببروندي، عاصمة جميلات افريقيا جنوب الصحراء، التي كانت تعترف بالجمهورية الوهمية، وخلال لقئنا بوزيرة الشباب والرياضة، قدمنا المغرب بكل صوره الجميلة، وحقيقة الصراع المفتعل حول الصحراء، وشرحنا لها ما يتوفر عليه من إمكانيات وما يمكن أن يفعله في توطيد العلاقة بين البلدين، وبعد أشهر سحبت بوروندي اعترافها بالجمهورية الوهمية، أكيد أن الدبلوماسية الرسمية لعبت دورها، لكن الغرض من سرد هاته الحكاية ، إبراز دور الصحافة في الدبلوماسية الموازية، في دعم جهود الدبلوماسية الرسمية، من أجل الدفاع عن القضية الوطنية.

 

 محمد سليكي

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *