محمد سليكي

لم يمر على نشر المدون “سوينكا”، لورقة صفراء من ثلاثة مواد مختارة على أساس أنها مقتطف من مسودة قانون ما سماه البعض بـ”قانون تكميم الأفواه”، حتى تارة ضجة وسط رواد الفايسبوك، أو الرأي العام في الفضاء العمومي الإفتراضي، وهذا حقهم.

لكن ما يُطرح التساؤل بشأنه و الحالة هاته، هو هل من حق الوزير محمد أمكراز،أن يقدم على عمل يبدو من إختصاص الناطق الرسمي بإسم الحكومة؟. وهل من حق خيرون المستشار لدى رئيس الحكومة أن يخرج بـ”توضيح”، حول مسودة مشروع قانون 20-22؟.

 وهل صدفة، أن يجري تداول مذكرة حول المسودة، ممهورة بتوقيع وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان، عند فورة الغليان الفايسبوكي، على نحو بدت معه الأمور كما لو أن هناك من يسعى إلى تقدم  الوزير للجمهور، كذلك المعارض، لمسودة مشروع قانون 20-22،  صادق عليها مجلس حكومي، بتاريخ 19 مارس المنصرم، وأصدر بشأنها بلاغا ؟.

 لنترك الخوض في ما يتعلق بـ”المستشار” خيرون، و وزير الدولة المحترم، ونكتفي بحالة الوزير أمكراز.

يعلم الوزير أمكراز، ما معنى واجب التحفظ، ولعله دفع به أكثر من مرة في مواجهة صحفيين لتجاوز الإجابة عن أسئلة متعلقة بتداول الحكومة لمشاريع قوانين متعلقة بقطاعه الوزاري، كما يعلم جيدا أن مداولات المجلس المحكومي مطوقة بالسرية، وأن المخول بالحديث عنها بعد رئيس الحكومة، هو الناطق الرسمي بإسم الحكومة، المعين بظهير، و الذي يؤدي مهمته وفق ما يقتضيه القانون التنظيمي المنظم لعمل السلطة التنفيذية.

 إذا كان الوزير أمكراز، يعلم كل هذا، وظني به أنه أفقه في الدراية و الإحاطة به، لماذا إذن توجه إلى الرأي العام في الفضاء العمومي الافتراضي، و أخذ يتحدث عن أمور تدخل في صميم مداولات المجلس الحكومي؟.

ألم يكن حريا، بالوزير، أن يدفع بواجب التحفظ، توقيرا واحتراما للعمل المؤسساتي الذي يجب أن يكون أعضاء الحكومة قدوة له؟.

في الحقيقة، عند مشاهدتي مقطع متداول من اللقاء المباشر للسيد الوزير، مع نفر من جمهور الفضاء العمومي الافتراضي “فايسبوك”، بدا لي كما لو أن الناطق الرسمي بإسم الحكومة، هو من يتحدث في ندوة الخميس الصحفية بمقر”قطاع الاتصال”، في الرباط، حول أشغال مجلس للحكومة، وليس قياديا في حزب العدالة والتنمية.

قد يقول قائل، ليس بالضرورة، أن يتحدث الناطق الرسمي للحكومة حصريا دون باقي أعضاء الحكومة، حول موضوع مثار للنقاش العمومي، وأن ما خاض فيه الوزير أمكراز، ليس سرا من أسرار الدولة، حتى تنصب له مشانق النقد والعتاب..

طيب لنفترض، أن هذا الطرح، قابل للنقاش، وليس التعويم، كما عمل بعض السياسيين الديماغوجين غير المسؤولين، مع مسودة مشروع قانون 20-22، فهل الوزير أمكراز مؤهلا للحديث في الموضوع؟.

هناك من سيقرأ هذا الكلام، ويسقط على قفاه ضحكا، بدعوى أن أمكراز مؤهل بمساره القانوني والحقوقي كمحام بهيئة أكادير.

 لا آسيدي،

 الأمر هنا، لا يتعلق بالمؤهل المهني أو العلمي، بقدر من يتعلق بالإختصاص الوظيفي داخل مؤسسة الحكومة، إلا إذا كان السيد أمكراز، هو من أعد مسودة مشروع قانون 20-22، وليس وزير العدل.

وإذا كان عمل العقلاء منزه عن العبث، فإن وزير العدل، الاتحادي محمد بنعد القادر، يبقى هو المؤهل قبل غيره من أعضاء الحكومة، للحديث إلى الرأي العام في الموضوع، سواء في الفضاء العمومي الحقيقي المنظم بقوانين عدة، أو ذاك الافتراضي، المحكوم بقانون:”آجي يا فم و كول”.

وإذا كان من حق السيد الوزير أمكراز، الخوض في ملف من إختصاص زميل له في الحكومة، ماكان عليه سوى أن “يكمل خيره”، ويقول للرأي العام من هم الوزراء الذين صادقوا على مسودة مشروع قانون 20-22؟، ويطلع الجمهور على المحطات بمددها الزمنية الفاصلة بين الواحدة و الأخرى، التي مرت منها مسودة مشروع القانون؟ قبل أن تسرب مواد مبثور  منه، لنية في نفس يعقوب؟.

وكان عليه، أن يحيط، المغاربة علما، حول تاريخ صياغة مسودة القانون؟ وكم بقيت في الأمانة العامة للحكومة لإخضاعها للغربلة القانونية والدستورية؟ ومتى توصل أعضاء الحكومة بنسخ منها؟ ومن صادق عليها من الوزراء في إجتماع 19 مارس؟  و ماهي الفصول الكاملة للمسودة؟ وماذا تقول المادة الأولى  على الأقل؟.

إن الوزير أمكراز، لو تفضل بالإجابة عن بعض هاته الأسئلة، ودائما إذا كان من حقه ذلك طبعا، لكان على الأقل، قد أزاح وجه رئيس الحكومة المسكين، من أمام رشاشات مدافع النقد والسخط الموجهة إليه من طرف ضحايا مغالطة، أقول، مغالطة، كبيرة تروج في العالم الأزرق مفادها :”أن الحكومة إستغلت فترة حجر الوقاية من كورونا، وعملت بكل مكر على صياغة قانون كمامات قمعونا”.

السيد أمكراز:لا لقانون التكميم..ولا لجرائم بدون تجريم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *