تأخذكم الجريدة الالكترونية LE12.MA، خلال الشهر الفضيل في رحلة عبر الزمان لأكتشاف تاريخ المغاربة مع الأوبئة والقحوط، وكيف واجه الأجداد الوباء والبلاء، وذلك من خلال كتابات كتاب مغاربة أعادوا كتابة جزء من تاريخنا.  والبداية مع الكاتب المتخصص في تاريخ المغرب الموساوي العجلاوي.

الموساوي العجلاوي

 

نذكر من بين من خط لموضوع الأوبئة في المغرب، علي بن عبد الله بن محمد بن هيدور: توفي سنة 816هـ/1413م، في تأليفه:” المقالة الحكيمة في الأمراض الوبائية”، والذي ميز توصيف المرض العارض عن الوباء المقيم، يقول ابن هيدور:” سمي الطاعون الوباء، ويسمى أيضا المرض الوابل وما كان معها بمهلة وغير عام…”. وألف العربي بن عبد القادر بن علي المشرفي، توفي سنة 1313 هـ/1895م، كتابا سماه، ” أقوال المطاعين في الطعن والطواعين”. والذي خصصه لتفسير وباء الطاعون.

وقسم الكتاب إلى مقدمة وسبعة أبواب وخاتمة، وتعرض في مقدمة تأليفه لوباء الطاعون الذي حل بفاس سنة 1271هـ/1854م، مع وصف لطبيعة انتشاره ونتائج الوفيات التي خلفها، وخصص الباب الأول لشرح معاني الوباء في اللغة والاصطلاح، وفي الباب الثاني الزمن الذي يحل الوباء فيه والوقت الذي لا يحل، والأمكنة التي يدخلها الوباء ولا يدخلها الطاعون، والباب الثالث للآيات القرآنية والأحاديث النبوية الواردة في الطاعون، وخصص الباب الرابع لذكر العلاج، وقسمه إلى مادي، أي ما ارتبط بالأدوية، ثم العلاج بالأدعية والتمائم.

وتمحور الباب الخامس، فيما يقع الحجر به للصحيح في وقته. وخصص الباب السادس في قضية عدم الفرار من الأرض التي حل بها، والإقدام على أرض ليس هو بها، والأسباب الداعية لذلك. وخصص الباب السابع لطقوس الجنازة، وهل تشيع بالذكر أو بالسكوت. وتزخر الخاتمة بمعلومات حول نتائج الوباء من وفيات، وكثرة الصدقات، وما صاحب ذلك من جفاف وقحط وتخريب، إلى جانب أسئلة فقهية في الموضوع. يخبرنا المشرفي أنه في وباء 1271هـ/1854م «مات في الطريق من الهاربين جم غفير وعم الحواضر المغربية وقراها وجل البوادي في شامخات البلاد…”.

وحمل الوباء عند المغاربة أسماء كثيرة، بواكبير والزواف وبوزرويطة وبوكليب، وتضمنت بعض المصادر وصفا دقيقا لأمراض الأوبئة، خاصة الطاعون، وعدد الأيام التي يصاب فيها المريض، والتي قد تمتد من 13 يوم إلى 19 يوما، وهي الفترة التي تنضج فيها الإصابة لتصبح مميته، مع تشريح لحالة المرض التي تفضي إلى الموت. وابتداء من القرن التاسع عشر سيحتل وباء الكوليرا أهمية في المصادر التاريخية المغربية.

في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين ظهرت ميول لدى الباحثين، خاصة المغاربة، لدراسة ظاهرة الأوبئة في المغرب، بارتباط مع القحوط والمجاعات، ومع الاضطرابات السياسية التي عرفها المغرب جزئيا أو كليا. وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى دراسات حميد التريكي وروزنبرجي حول الموضوع والمنشورة في مجلة هسبريس العام 1974 وأعمال أمين البزاز، إضافة إلى مجلة دار النيابة التي اهتمت بشكل دقيق بموضوع الحجر الصحي في طنجة.

وتحفل خزائن المغرب بوثائق مباشرة ونصوص ورسائل وحواشي حول زمن الوباء، وكلها نصوص نافذة نحو المعرفة الدقيقة لتفاعل المجتمع ونخبه مع ظاهرة الوباء، إضافة إلى المعلومات المتناثرة خاصة في كتب رحلات الأجانب إلى المغرب.

يتبع.

 الكاتب في سطور

عجلاوي
عجلاوي

د. الموساوي العجلاوي، أستاذ سابق بمعهد للدراسات الأفريقية جامعة محمد الخامس بالرباط. حاليا باحث في مركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات (AMES Center) الرباط. مجال البحث التاريخ الراهن والدراسات الجيوسياسية لمجال الساحل والصحراء، متخصص في القضايا الأفريقية، وخبير دولي ومحلل سياسي لدى مؤسسات وطنية ودولية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *