في إطار سلسلة الحوارات التي تجريها الجريدة الإلكترونية le12.ma ، مع  مجموعة من الأكاديميين والاقتصاديين والسياسيين، حول المغرب ما بعد “كورونا”، كان حوار اليوم مع عبد الله الفردوس عضو المكتب السياسي لحزب الإتحاد الدستوري ومدير مقر وجريدة الحزب، الذي تحدث للجريدة عن مجموعة من القضايا الراهنة لعل من أبرزها، دور الفاعل السياسي والأحزاب السياسية في مرحلة ما بعد كورونا وسبل إنقاذ القطاعات المتضررة ومنها قطاع الصحافة .

كما تحدث الفردوس في هذا الحوار عن الوضع الداخلي لحزب الإتحاد الدستوري، والخلاف الذي خرج إلى العلن بين الوزير السابق الحسن عبيابة والأمين العام محمد ساجد.. وتدبير الحكومة للأزمة.

تفاصيل أخرى في  الحوار التالي، من ضمنها رأي عبد الله الفردوس قيدوم كتاب الرأي بالمغرب والمحامين العرب، في مؤسس الإتحاد الدستوري المعطي بوعبيد، وعبد اللطيف السملالي، أول وزير دستوري لوزارة الشبيبة والرياضة وكذلك، رأيه  في عبد الرحمان اليوسفي رئيس حكومة التناوب التوافقي…

حاوره . مصطفى قسيوي

 

  بداية ، كيف تقيمون، الوضع الحالي المرتبط بانتشار فيروس كورونا ببلادنا والإجراءات المصاحبة لمواجهة تداعياته الصحية والاجتماعية والاقتصادية؟.

 

 “أعتقد أن الإجراءات الاحترازية وكذا التدابير الاستباقية المتعددة الأبعاد والمداخل والمستهدفين بها، والتي اتخذت على الصعيد الوطني مباشرة بعد اجتياح وباء كورونا للعالم، وضعت بلادنا في مصاف الدول القليلة التي تتجه إلى التحكم في وضع الوباء والحد من انتشاره ومحاصرة بؤره، ومعالجة آثاره ومخلفاته السلبية، وإذا ما تم الالتزام من الجميع بحالة الطوارئ الصحية، وباتخاذ احتياطات السلامة المنصوح بها وبالحجر الصحي المفروض، وبالتعاون مع السلطات الأمنية والصحية لتنفيذ الحجر، فسنكون سائرين في الاتجاه الصحيح لتجنيب بلادنا سيناريو مأساوي ومرعب كالذي تعيشه عدد من بلدان العالم التي تعثرت في اتخاذ الخطوات الصحية الوقائية اللازمة لمواجهة الفيروس في بدايات انتشاره.

ولعل المعركة الضارية مع فيروس كاسح  تتطلب تضحيات كبرى، ستثقل لا محالة كاهل الاقتصاد الوطني والميزانية العامة للدولة، وستؤثر بشكل كبير على الدورة الاقتصادية الوطنية، هذا فضلا عن ما تسبب فيه الفيروس أصلا من قطع الموارد المالية للدولة وللمقاولات ولشرائح واسعة من المواطنين بعد إغلاق المجالين الجوي والبحري وإلغاء النشاطات السياحية، وتقييد الحركة والنشاط الإنتاجي والتجاري والصناعي عموما، مع ما يفرضه الوضع على المالية العمومية من تحملات ومن بحث عن تمويلات استثنائية لدعم صمود الأسر المتضررة والفئات الهشة والمقاولات المتوقفة أو المترنحة، والحفاظ على مناصب الشغل، فإذا كان الشق الصحي لهذا الوباء يسير إلى غاية اليوم على أحسن ما يرام، بعد تجاوز بلادنا مخاطر انهيار المنظومة الصحية الوطنية واستدراكنا النقص و الخصاص في وقت وجيز وبفضل التوجيهات الملكية السامية والتتبع المباشر لجلالة الملك لعمليات اليقظة الصحية ولتعبئة الفضاءات الإيوائية الاستشفائية والأجهزة الطبية والمختبرات، والأدوية العلاجية، والموارد البشرية من أطباء وممرضين، ورفع نسب حالات الفحص والتحليل والتشخيص والمراقبة، والتي وصلت إلى غاية الآن إلى أزيد من 2000 تحليلة في اليوم، إذا كان هذا الشق الصحي المتعافي كما قلنا يسير سيرا حسنا في اتجاه محاصرة الوباء وإنقاذ الأرواح، فإن ذلك تم بالضغط الشديد على الكفة الأخرى من المعادلة ألا وهي الفاتورة الاقتصادية الثقيلة المكلفة ماديا والتي ستكون لها أضرار متعددة على الميزانية العمومية وعلى  النسيجين الاقتصادي والاجتماعي الوطنيين، وهذا الأمر صار منحى عالميا لن تسلم منه أعتا الاقتصادات الدولية القوية”.

 ما المطلوب إذن؟

“ما على بلادنا سوى أن تبقي درجة اليقظة والاحتياط والتعبئة عند مستوى يسمح لها بالتحكم في المتغيرات والتحولات الدولية والوطنية والإفادة منها، والتكيف مع اقتصاد الأزمات والكوارث، وإعادة تدقيق مشروع نموذجها التنموي الجديد بناء على المستجدات والأولويات التي أفرزها هذا الوباء، الذي لم يعد معطى صحيا محدودا وطارئا، بل أفقا لتفكير جديد ومغاير سيعجل لا محالة بانبثاق نظام عالمي جديد وبإنهاء مرحلة من تاريخ البشرية”. 

 وكيف تنظرون إلى مستقبل المغرب ما بعد أزمة كورونا في ظل هذه الاكراهات التي تحدثتم عنها ؟.

“جدير بالذكر أولا أن مستقبل المغرب لا ينفصل عن مستقبل محيطه الدولي والإقليمي، فقد وحد وباء كورونا الأحاسيس الإنسانية، ووحد معاناة دول المعمور في تدبيره وفي تدبير مخلفاته، ومن ثمة سيكون مستقبلها واحدا وإن بدرجات مختلفة، فإذا كان من درس لفيروس كورونا الذي لم تعثر البشرية بعد على علاجه، والذي يمضي في حصد الأرواح، هو درس في قيمة التضامن الإنساني والتعاون على خير البشرية، فقد أسكت الوباء ما سواه من وباءات الطغيان والظلم والإرهاب والتسلط والعدوان، وأخرج في كثير من التجمعات البشرية معدن الإنسان وجوهره المحب للخير والمستعد للعمل الصالح والمساعدة على تجاوز المحن والأزمات، وبرزت في ميادين مختلفة طاقات شابة وكفاءات مؤهلة لحمل مشعل مستقبل آخر ممكن ما بعد كورونا. 

وأرى أن تطورات وضع وباء كورونا على الصعيدين الدولي والوطني، وهو الوضع الذي لم يستقر بعد، هو الذي سيحدد ملامح مستقبل المغرب، ونهايات وخواتم الوباء، هي التي ستملي حتما تشكيلة هذا المستقبل، وما عدا هذا المنتظر الذي لم يحسم بعد في أمره، فإن أي قول في المستقبل سيظل مجرد تكهنات وتنبؤات تتغير بالتغير السريع للمعطيات والأرقام والإحصاءات والبيانات”.

 لكن هناك ربما ملامح متغيرات يقل عليها العالم . أليس كذلك؟.

 “صحيح، لذلك فما يجب تأكيده هو أن تغيرات كبرى ستشهدها سياسات واقتصادات كبرى دول المعمور والمتحكمة في الأسواق التجارية والمالية العالمية، هذا إن لم نقل أن موازين القوى ستتغير، وأن مواقعها سيعاد رسمها من جديد بناء على حصيلة ما بعد كورونا، والتي لن تكون فحسب حصيلة تقاس بمعيار الخسائر المادية والبشرية، بل بمعيار التحولات التي أحدثها الوباء في البنية السيكولوجية والأخلاقية والثقافية لإنسان ما بعد كورونا، فلا شك أن أشهرا من الحجر الصحي، ومن العزلة والتأمل والنظر، ومن توقف الحركة والمبادلات المباشرة بين الناس، وتعويض الوسائط الرقمية والتكنولوجيا المعلوماتية والخدمات عن بعد لكل ما سواها من الأعمال اليدوية والأنشطة الحضورية، ستسرع وتيرة الاندماج الكامل في مجتمع المعرفة والاتصال، وتحول العديد من الخدمات والأعمال إلى التكنولوجيا الرقمية وإلى مراكز الذكاء الاصطناعي، مما يعني انقراض مهن وظهور أخرى، وتشكل وعي إنساني جديد، وسلوك جديد في الإدارة و الحكامة وتدبير السياسات العمومية. وسيكون قطاعا التعليم والإدارة في قلب هذه الثورة الرقمية الجديدة التي فرضت بقوة نازلة وباء كورونا، التحول بالقطاعين من المؤسسات والبنيات المادية إلى العوالم والأقسام والغرف الافتراضية، والتجريد المادي للوثائق التعليمية والإدارية”.

 بالعودة إلى الأزمة والسياسة، ما هو في نظركم دور الفاعل السياسي في مواجهة  تداعيات هذه المحنة وما بعدها، وماذا عن دور حزب الإتحاد الدستوري الذي يشكل أحد أقطاب الأغلبية الحكومية؟ .

“الأكيد هو أن دور الفاعل السياسي في ظل هذه الأزمة الصحية، حاضر بقوة في مختلف المواقع التي يوجد بها، سواء كانت في مواقع التدبير الحكومي أو في العمل التشريعي و العمل الجماعي الجهوي والإقليمي، أو في التأطير الحزبي، فلا يوجد فراغ سياسي أو حزبي في هذه المحطة من تاريخنا،  بل أقول إن المواجهة مع هذا الوباء فرضت أكثر من أي وقت مضى استنفارا سياسيا كبيرا، على مستويات عديدة، في التنسيق والتشاور والإسهام في التعبئة وخفض حدة وحساسية النزاعات والصراعات السياسية والحزبية، وتشكيل خلايا للتفكير في تداعيات هذا الوباء، وما بعده.

 وأرى أن تشكيل هذه الخلايا الحزبية للرصد والتفكير والدراسة سيقدم خدمات سياسية كبيرة في رسم معالم الحكامة السياسية لما بعد كورونا، وسيوجه العمل الحزبي إلى بناء برامج انتخابية جديدة وقوية، قادرة على المنافسة في زمن قريب دق هذا الوباء ساعته، لن يعود زمن الشعارات والترقيعات والانتظارات والتوازنات الاقتصادية والاجتماعية الهشة، بل زمن تحمل مسؤولية مضاعفة الإنتاج وزيادة الثروة وحماية الموارد البشرية وتحصينها وتمنيعها، والتحول باقتصاد البلاد إلى الاقتصادات الرقمية البديلة.و هذا ما نود أن نساهم به في حزب الاتحاد الدستوري، لدعم صمود بلانا ليس فحسب في مواجهة تداعيات هذا الوباء، بل لدعم إجابات الدولة والمجتمع عن أسئلة مستقبل منظوماتنا السياسية والاقتصادية والتربوية والاجتماعية والثقافية في عصر جديد ومختلف يولد من رحم وباء كورونا”.

لكن متتبعون لتدبير الشأن السياسي  لاحظوا شبه غياب لقيادة حزب الإتحاد الدستوري ومنتخبيه خاصة بمجلسي البرلمان، وأن حزبكم اكتفى فقط بنشر بلاغات دون تواجد قوي في الساحة ؟.

“ما ذكرتموه من غياب أو شبه غياب لقيادة حزب الاتحاد الدستوري ومنتخبيه عن الساحة السياسية في هذه الظرفية، ليس صحيحا بتاتا، بدليل مواصلة الحزب أنشطته التواصلية مع مناضليه ومشاوراته بشأن الاستعداد لعدد من الاستحقاقات الحزبية التي كانت مبرمجة للأشهر القادمة، وكذا المشاركة الفعالة لمنتخبي الحزب الجماعيين في عدد من الجماعات المحلية والجهات في تسيير وتدبير الشأن الجماعي والقرب اليومي من المواطنين ومن انشغالاتهم، وكذا الحضور المعتبر للفريقين البرلمانيين للحزب سواء في مجلس النواب أو مجلس المستشارين، سواء في مساءلة الحكومة أو في تقديم اقتراحات.

ولعل من دروس هذا الوباء الذي أثر بشكل سلبي نسبيا في الأنشطة الحزبية بصفة عامة، أننا نفكر في تطوير منظومة معلوماتية ورقمية للتعبئة و التأطير والتواصل الحزبي، في إطار انفتاح الحزب على أشكال جديدة من العمل التأطيري السياسي وعلى تقنيات التواصل الحديثة، فربح رهان التواصل يبدو في هذه الظرفية وفي المستقبل المدخل الأساس لكل تعبئة وتأطير حزبي لمواطني ما بعد كورونا، سيكون عليهم مواجهة تحديات الكوارث البيئية والوباءات المتطورة والفتاكة بكثير من العلم والمعرفة والأخلاق والتواصل. 

وعلى كل حال فإنه في الظرف الحالي ينبغي أن نستحضر أن سياقات الطوارئ الصحية والحجر الصحي وتقييد الحركة ومنع التجمعات، حدت من الأنشطة الجماهيرية لكل المكونات السياسية والنقابية و الجمعوية الوطنية، وعوضت بالبلاغات والمذكرات والبيانات والمراسلات عن بعد، وكان حزب الاتحاد الدستوري سباقا إلى إصدار بلاغ  يستهدف دعم المجهود الوطني في محاربة انتشار الوباء، ويوجه نداء يدعو فيه المواطنين ومناضليه ومنتسبيه وجميع تنظيمات الحزب إلى التعبئة كل بحسب موقعه وإمكاناته، لإنجاح التدابير الاحترازية ومساعدة السلطات الصحية والأمنية على تنفيذ حالة الطوارئ الصحية، كما تمت دعوة كافة مناضلي الحزب للمساهمة في عمليتي التبرع لفائدة صندوق تدبير وباء كورونا، والتبرع بالدم لفائدة مراكز تحاقن الدم لسد الخصاص في هذا الباب. 

وأرى أن هذه الظرفية الصحية الاستثنائية الوطنية والإنسانية، ينبغي أن تحاط فيها الأعمال والمنجزات بكثير من التجرد والتواضع، وبمواصلة العمل وعدم قطع الرجاء، ونحتاج في كل ذلك إلى التربية على التضحية ونكران الذات وتجاوز النزعات الشخصية والفئوية والحزبوية الضيقة، وعدم تبخيس أي جهد أو عمل قل أو كثر في هذا الوضع المقلق، فنحن نحتاج إلى كلمة طيبة تطمئن وتبعث على الأمل وتحيي النفوس، مثل حاجتنا إلى دواء يشفي وماء يروي وطعام يدفع الجوع”.

لكن كيف يمكن لحزب الإتحاد الدستوري أن يقوم بكل هاته الأدوار ، خصوصا أنه عرف مؤخرا صراعات داخلية وصلت بالوزير السابق عبيابة إلى درجة تهديد الأمين العام للحزب محمد ساجد باللجوء إلى القضاء ، و ما هو موقفكم  من هذا الصراع كقياديين مؤسسين لهذا الحزب العريق؟

” لا بد أن أؤكد بداية في الجواب عن هذا السؤال أن حزب الاتحاد الدستوري، حزب حي وتعتمل داخله رؤى وأفكار وحركية لأجيال وطبقات وفئات اجتماعية ونخب سياسية، تؤمن بمبادئ الحزب وتتعلق برموزه وتفخر بتاريخه الوطني، وتسعى جاهدة إلى أن تقدم مبادرات رائدة تجعل الحزب في المكانة المرموقة التي يستحقها. ومن الطبيعي أن يقع التدافع والتنافس في هذا المضمار، وكنا نتهيأ قبيل حلول وباء كورونا، إلى إطلاق فعاليات مؤتمرنا الوطني الذي أعلنا عن قرب انعقاده، ليكون أرضية لإعادة طرح هذا النقاش الجاد عبر قنواته المؤسساتية، ولإعادة تجديد نخب الحزب وإقرار دينامية جديدة في مؤسساته ومنظماته، وتوفير إطار قوي لتدافع الأفكار والتفكير الديمقراطي الليبرالي الحداثي، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وليس لتنازع صلاحيات وأشخاص ومصالح شخصية ضيقة”.

طيب، من بين خيارات تدخل الحكومة لمواجهة الأزمة  هناك خيار اللجوء إلى الدين الخارجي، هل في نظركم هذا حل مثالي في الظرف الحالي، أم هو توجه لا مفر منه للحكومة الحالية بما له من تكلفة ستؤديها الأجيال القادمة؟.

“لا يمكننا بتاتا أن نقول أن اللجوء إلى الاقتراض الخارجي في هذه الظرفية الصعبة، هو الحل المثالي، وكأننا بين خيارين أحدهما مثالي وأحسن وأمثل من غيره من الحلول،  بل نحن أمام حل وحيد وممكن في ظرفية فاجأت العالم وأربكت حسابات كل الدول، وسرعت بالضغط على ميزانياتها العمومية، لمواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لوباء كاسح ومدمر، فالاقتراض ضرر أخف ندفع به ضررا أكبر هو الخصاص والحرمان والشلل التام، بل الانهيار الشامل خاصة لمنظومة صحية تعرف نقصا وهشاشة بادية، مع العلم أن المبادرة الملكية بإحداث صندوق خاص بتدبير تداعيات هذا الوباء، قد سد ثغرة عظيمة، ورسخ قيم التضامن الوطني في أبهى صوره، بما أودع فيه من تبرعات لازالت متواصلة، وتغطي حاليا مجالات عديدة من مثل ضمان استمرارية الخدمات الصحية والعلاجية وشراء المعدات، ودعم المقاولات المتضررة، وصرف تعويضات شهرية لفائدة الأجراء المتوقفين عن العمل، ولفائدة الفئات الهشة والأسر العاملة في القطاع غير المهيكل، وفي الحفاظ على مناصب الشغل… 

هذا فضلا عن أنه ليس متيسرا لكل الدول أن تحظى بالقروض لدى المؤسسات النقدية الدولية، إلا إذا كانت في وضعية مالية سليمة تجاه هذه المؤسسات، وكان اقتصادها قادرا على تحصيل أرباح وتحقيق تراكم يسمح بأداء الديون، وهذه وضعية الثقة في بلادنا بإزاء المؤسسات النقدية والمصرفية الدولية، هذا مع العلم أن ما قامت به الحكومة في هذا الباب هو اللجوء في دعم رصيد العملة الصعبة وميزان الأداءات إلى استعمال خط الوقاية والسيولة الذي تم توقيعه عام 2018 مع صندوق النقد الدولي، ونرجو أن لا تصل بنا الحاجة إلى طلب تمويلات إضافية في المستقبل لسد الخصاص بالعملة الصعبة، وكل ما بوسعنا القيام به هو ترشيد النفقات، وإلغاء بعضها مما لا تدعو إليه الضرورة القصوى، والدفع في اتجاه خفض الواردات إلى حدها الأدنى، والاستغناء عن بعض عاداتنا الاستهلاكية والشرائية التي تستنزف عملتنا الصعبة، وتشجيع اقتناء المنتوج الوطني وتحقيق الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس، وذلك على غرار ما تم القيام به من تشجيع قطاع النسيج الوطني على إنتاج ملايين الأقنعة الواقية ( الكمامات ، وصناعة الأدوية ومواد التعقيم وتشجيع الاختراعات والأبحاث العلمية وتثمينها ).”.  

و بصفتكم مدير نشر لجريدة يومية عضو في فيدرالية الناشرين ، كيف تقيمون تأثير الأزمة على قطاع الصحافة الورقية، وما هي في نظركم الشخصي سبل التغلب على هذه التداعيات ؟

” تعتبر التداعيات السلبية لوباء كورونا على قطاع الصحافة الوطنية وخصوصا الصحافة الورقية، من أكبر الأضرار التي تعرفها المؤسسات والمقاولات على الصعيدين الدولي والوطني، فاضطرار الصحف الورقية إلى تعليق إصدارها، وتحويل خدماتها الإعلامية إلى خدمات إلكترونية مجانية، جعلها محرومة من مواردهما المالية التي تغطي التزامات أداء أجور الصحفيين والعاملين بها، وأداء تكاليف مالية ترتبط بمقراتها وبفواتير وخدمات وأعمال، ستعجز في حالة التمديد المتواصل للطوارئ الصحية عن الوفاء بها، وستدخل بالتالي في دائرة الصراع والاحتضار والنزع الأخير من أجل البقاء.

ولذلك يتعين العمل بجد وعلى وجه الاستعجال لانتشال الصحافة الوطنية من الإفلاس التام، ومن مصير مأساوي يرتبط بفقدان مناصب الشغل، وتراجع الأداء الصحفي المهني المسؤول والنبيل لصالح صحافة الإثارة والفضائح والأخبار المزيفة والكاذبة التي بدأت تقفز إلى واجهة المشهد الإعلامي لتقتات على الأزمة وتزيف وعي المواطنين، خصوصا في هذه الظرفية الحساسة التي انتشر فيها تجار الأخبار المفبركة والأرقام المزورة المشوشة على مصداقية جهود بلادنا المعتبرة في مواجهة وباء كورونا”.

 ما السبل لإنقاذ القطاع في رأيكم؟

“إن العمل الإنقاذي ينبغي أن يكون ثمرة تفكير جماعي ومشاورات تجمع هيئة الناشرين بالنقابة الوطنية للصحافة والحكومة وغيرها من التمثيليات داخل المجلس الوطني للصحافة، لتدارس الوضع والتغلب على الإكراهات العديدة التي وجدت الصحافة الورقية الوطنية نفسها في مواجهتها بدون سابق إعلان ولا استعداد، مثلها في ذلك مثل جميع صحف العالم التي بدأت في تشكيل خلايا أزمة وتضع تصورات عن مستقبلها في ظل كورونا وما بعدها، بحيث يذهب عدد من المحللين الإعلاميين إلى درجة تأكيد مقولة انتهاء عصر الصحف الورقية وانقراضها، وأن نازلة كورونا سرعت فقط بمصيرها ومستقبلها. ويمكننا أن نستحضر كل هذه الاعتبارات والتقريرات والمخاوف الدولية، من أجل الحفاظ على صحفنا المهنية الجادة والمسؤولة بما تشكله ليس فحسب من مقاولات للتشغيل ومؤسسات للإعلام، بل من إرث ثقافي وطني ومن معالم حضارية شاهدة على العبقرية والإبداع المغربيين، وإذا اقتضت الظروف والمتغيرات في عالم الإعلام والتواصل، تحول الصحف والمطبوعات والمنشورات الورقية إلى منشورات رقمية، فليكن ذلك طبيعيا وفي سياق سلس ومتطور وبعد مرافقة ومصاحبة لهذا التحول من جميع جوانبه التشريعية والاقتصادية والإدارية.”

في ظل الأزمة هل حافظتم داخل مؤسسة “رسالة الأمة” على أجوز الزميلات والزملاء دون تدخل فيها؟.

“إننا في مؤسسة “رسالة الأمة” وبصفتي مديرا لجريدتها، قد حرصنا على مواصلة أداء أجور جميع الصحفيين والعاملين في الجريدة، والحفاظ على مناصب الشغل بالمؤسسة، رغم شح مصادر تمويلها ورغم أن عددا من مرافقها وأقسامها ومصالحها متوقفة، ومنها الطبع والشحن والتوزيع، وقد حرصنا على أن يصل صوتها إلى قرائها يوميا ومجانا في النسخة الإلكترونية التي يبذل صحفيو الجريدة ومراسلوها وكتابها وطاقمها التقني مجهودات متميزة لمواكبة الأحداث الوطنية والدولية ومستجدات الوباء، بالوفاء لخطها التحريري الوطني المعتدل والمنفتح ذي المصداقية، ولما تفرضه علينا أخلاقيات المهنة وقوانين النشر،  ولعل هذا الإرث الإيجابي الأصيل لصحافتنا الورقية ولجريدة رسالة الأمة بالتحديد، هو ما يجعلنا عاجزين عن تصور مغرب ما بعد كورونا بدون معالمه الصحفية الورقية”.

 على سبيل الختم  كلمة مختصرة في حق هذه الشخصيات السياسية الثلاث؟ .

 

المعطي بوعبيد.

“فقدنا فيه رجل الدولة الحكيم والكاريزما الحزبية القيادية والتأطيرية المتفانية في الدفاع عن المصالح العليا للبلاد”. 

عبد اللطيف السملالي 

“رجل المواقف الصعبة والقرارات الحاسمة والروح الرياضية الشعبية التي تذيب كل الخلافات”.

عبد الرحمان اليوسفي

“عبد الرحمن اليوسفي سياسي كبير خبر المعارضة وخبر تدبير الشأن العام، وشكل وجه التناوب الديمقراطي في فترة انتقالية للمغرب نحو مصالحات سياسية وحقوقية كبرى، ونجح في مهمته”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *