بينما تعالت أصوات أكاديميين واقتصاديين وسياسيين، بضرورة دعم الطلب الداخلي والابتعاد عن التقشف للحفاظ على مناصب الشغل وضمان السلم الاجتماعي ، لتدبير الأزمة ما بعد “كورونا” كما ورد في المساهمة الفكرية حول الموضوع لعزيز أخنوش رئيس حزب “الأحرار”، أكد رئيس مجموعة “رؤى فيزيون الإستراتيجية “، عبد الرزاق الزرايدي بنبليوط، على ضرورة النهوض بالاقتصاد الوطني بالاعتماد على دعم الطلب الداخلي وقيام الحكومة بمجموعة من التدابير الآنية على المدى القريب والمتوسط والبعيد، من أجل الخروج بأقل الأضرار.

وأضاف بنبليوط  في حوار للجريدة الإلكترونية le12.ma ، أن سياسة التقشف التي تتجه أطراف داخل الحكومة إلى تبنيها  تبقى غير ذات جدوى في هذه الظرفية وليست هي الحل الأمثل، لأن عمق المشكل هو التمويل، الذي يمكن إيجاد سبل أخرى لحله عن طريق اللجوء إلى الأفكار المبتكرة والمؤسسات الدولية و القطاع البنكي الوطني، حيث يتسنى دعم القدرة الشرائية للمواطنين وجعل عجلة الاقتصاد الداخلي تدور في حلقة منتجة ومتنوعة فيها ما هو صناعي وفلاحي وسياحي و خدماتي .

كما تحدث رئيس مجموعة “رؤى فيزيون الاستراتيجية ” في هذا الحوار المطول عن مجموعة من الإجراءات والتدابير التي يرى بأنها كفيلة بإعادة  إنعاش الاقتصاد الوطني  وجعله قادرا على تجاوز تداعيات أزمة كورونا وما بعدها  .

تفاصيل أوفى في نص الحوار التالي :

حوار: مصطفى القسيوي

بداية كيف تنظرون إلى مستقبل المغرب ما بعد أزمة كورونا؟

 نحن ننظر إلى مستقبل المغرب بإيجابية وتفاؤل، نظرا لعدة عوامل، من بينها أنه أبان في أزمة كورونا على قيم التضامن والتآزر والحكامة الجيدة، بفضل سرعة البديهة والإجراءات الاستباقية التي أعلن عنها لمواجهة هذا الوباء، الذي نعتقد جازمين أنها ساهمت في الحد من التداعيات الاجتماعية و الاقتصادية، لهذه الجائحة، خصوصا على الطبقة الهشة والفقيرة، فهي أزمة كشفت عن سيل جارف لقيم التضامن والتماسك والتآزر، أدخلت الفرحة على قلوب المغاربة ، كما أظهرت أن بلادنا تتوفر على إمكانيات بشرية واقتصادية، تتيح لها إنتاج خزان من الأفكار الجيدة التي مكنتنا من مواجهة تداعيات ما بعد كورونا.

ولهذا فإن مستقبل المغرب ما بعد كورونا، في اعتقادي،  سيكون واعدا جدا، لأنه يتوفر عامة على اقتصاد مهيكل، وهذا أمر تشيد به المؤسسات الدولية التي تقر بأنه يتوفر على منظومة اقتصادية قوية.

 لكن هناك تنبؤات السلبية؟

نعم، على الرغم من التنبؤات السلبية التي تشير إلى التداعيات السلبية لهذا الوباء، على اقتصاد بلادنا، ومنه تراجع نسبة النمو التي قد تصل إلى ناقص 3 في المائة، من الناتج الداخلي الخام، والركود الاقتصادي المحتمل على الصعيد الدولي والإقليمي، الذي يمكن أن يلقي بظلاله، فإن المغرب من الناحية الجيو- سياسية والاقتصادية، سيكون قد قدم للمنتظم الدولي والمؤسسات المالية المعروفة، كالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والدول الأوربية التي تعتبر شريكا استراتيجيا له، صورة محترمة لدولة مسؤولة تمتلك إستراتيجية واضحة، وتمارس مسؤوليتها بحنكة تامة، وتتوفر على طاقات وكفاءات مهمة.

وفي هذا الإطار الجيو-سياسي والاستراتيجي، فإن المغرب سيربح نقاطا مهمة، بالنظر إلى دول أخرى، وسيكون أرضا للأمان، من خلال المساعدات المالية للدول المانحة، التي ستساعد على تحريك عجلة اقتصاده من جديد، واستفادته من علاقات شمال- جنوب، من دعم الاتحاد الأوربي، نظرا للجهود التي يبذلها من أجل تعزيز علاقات الشراكة مع جيرانه الأوروبيين.

ا

 

في نفس السياق كيف ترون مستقبل العلاقات التجارية والاقتصادية للمغرب مع شركائه التقليدين؟.

فيما يخص العلاقات التجارية والاقتصادية، وبفضل استقراره و حكامته السياسية، وسياسته الإستراتيجية بإمكانه أن يقترح على الدول الأوروبية، أن يكون ملاذا جديدا للاستثمار والتصنيع، فعوض أن تتجه أوربا إلى التصنيع في الصين، بإمكانها أن تستثمر بالمغرب الذي سيتيح لها ضمانات أكبر لقربه منها، كما يمكنه أن يقترح على دول كفرنسا واسبانيا وايطاليا وألمانيا، أن تحول شركاتها في مجال تقنيات التواصل عن بعد الموجودة بالهند، إلى المغرب، فبإمكاننا أن نقنع أوربا وفق برنامج واعد، مرتكز على بناء جسور الثقة بإقامة استثماراتها وفقا لمقاربة رابح – رابح ، وهذا ما يمكن  اعتباره تصور شامل يتضمن كل جهود الدبلوماسية الاقتصادية، والأخذ بعين الاعتبار الوضع جيو- استراتيجي، والسياسي، واستثمار واستخدام سمعة المغرب بطريقة جيدة، هذا على المستوى الخارجي.

 هناك من يلوح باللجوء إلى سياسية التقشف لتدبير الأزمة إبان وبعد كورونا. ما رأيكم؟

في الحقيقة، فيما يخص الخطة التي يمكن للمغرب اعتمادها على المستوى الداخلي ما بعد كورونا، فلا أعتقد أن سياسة التشقف، ستكون بديلا ناجعا وموفقا لنواجه به تداعيات هذه الجائحة، بل على العكس من ذلك، ينبغي اعتماد سياسة تحفيزية، والاستثمار أكثر في إمكانياتنا البشرية، لأن الجانب النفسي والذهني مهم في الاستراتيجيات الاقتصادية، فإذا بعثنا الثقة وحاولنا أن نساعد الشركات والطبقات الهشة، ونستثمر أكثر في الجانب الاجتماعي، ونعمل على تشجيع الطلب و المنتوج الداخلي، وخلق تعبئة وطنية من أجل المغرب، ساعتها يمكن أن نقوي اقتصادنا بمقاربة هجومية رغم التداعيات، ولهذا علينا أن نتجنب سياسة التقشف، لأنها تؤدي حتما إلى الركود الاقتصادي وعدم الثقة، الذي يتسبب في أزمات خانقة قد تهدد السلم الاجتماعي بالمغرب، و لابد من تقوية العرض والطلب، وهذا ستلعب فيه الدولة دورا مهما بمساعداتها وبمساعدة المؤسسات المانحة، وخفض معدلات الفائدة لأدنى مستوياتها في حدود 2 أو 3 في المائة، حتى نساعد الشركات والمقاولات على الاقتراض، وهيكلة مديونيتها، ليتسنى لها الاستثمار في قطاعات مهمة كالصناعة، والخدمات، والفلاحة.

لكن لتحريك العجلة الاقتصادية ما بعد كورونا، لابد لنا من حكومة أزمة مصغرة، تتضمن كفاءات عالية في التجربة الاقتصادية، خصوصا ممن أبانوا على علو كعبهم في خلق الثروة، تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، من أجل إعلان حالة الطوارئ الاقتصادية، لكي نضع بلادنا على سكة التقدم والرفاهية.

 كيف يمكن للمغرب تدارك الأزمة على المستوى السياحي؟.

لا ننسى أن المغرب له بنية سياحية قوية للاستقبال، يمكن الاعتماد عليها لتشجيع سياحته الداخلية بأثمنة جد مشجعة، والاعتماد على السياحة الصينية والآسيوية، والعمل على تسويق صورة المغرب بطرق سياحية عصرية، من دون أن ننسى انفتاح المغرب على العمق الإفريقي، الذي سيخلق فرصة واعدة من الناحية الاقتصادية، أما بالنسبة لمغاربة العالم، فإنهم كما كانوا دائما، أبانوا على وطنية صادقة لخدمة بلدهم بالغالي والنفيس، أعتقد أنهم سيستثمرون في زيارة بلدهم ودعمه بكل أوتوا .

تتطلعون إلى المستقبل بتفاؤل كبير إذن ؟

نحن متفائلون، لأن المغرب أظهر صلابة كبيرة في مواجهة التحديات الاقتصادية منذ مدة طويلة، خصوصا بعد سياسة التقويم  الهيكلي وتجاوزه لأزمة 2008، بأقل الأضرار، وكذلك اليوم هو يمتلك قوة وصلابة على تحمل التداعيات بفضل التضامن والتكافل والاستثمار في العقل والإنسان، وفي قطاعات الصحة والتعليم واقتصاد المعرفة، وهذا كله من شأنه أن يخلق طفرة ويحول هذه الأزمة إلى فرصة تاريخية للإقلاع الاقتصادي، والاستفادة من إيجابيات الثورة الصناعية الرابعة، للدخول لعصر المعرفة وتحقيق تقدم اقتصادي، كدولة نامية في شمال  إفريقيا، وهذا ما يتطلب في نظري توفير رجالات لمرحلة ما بعد كورونا.

 

في خضم الحديث عن المغرب ما بعد كورونا، طالب البعض من الحكومة بضرورة تعديل قانون المالية الجاري به العمل، هل هذا الإجراء كاف؟.

مراجعة قانون المالية أصبح ضرورة ملحة نظرا للتداعيات الاستثنائية لهذه الأزمة الغير مسبوقة على الجانب الاجتماعي والاقتصادي، لكن هذا الإجراء غير كاف، لأنه إجراء تقني و محاسباتي، لكن ما يجب الاهتمام به أكثر في اعتقادنا هو النظر بعمق في رزمانة التدابير الآنية على المدى القريب والمتوسط والبعيد، من أجل الخروج بأقل الأضرار، فلابد على الحكومة أن تجعل من أولى أولوياتها وضع خطة إستراتيجية لدعم القطاعات الإنتاجية، والقوة الشرائية للمواطنين، تعتمد بالأساس على تقوية العرض والطلب، بحيث ينبغي الاستثمار في القطاعات الاجتماعية، وهنا لابد أن نعتمد على القطاع البنكي لتقديم تسهيلات كبيرة، لمنح الثقة للفاعلين الاقتصاديين حتى يستطيعوا تحريك العجلة الاقتصادية، بمعدلات فائدة منخفضة كما ذكرت سالفا، لخلق راحة مالية تساعد على خلق الثروة، ودعم الطلب الداخلي.

بالإضافة إلى هذا لابد من وضع خطة أخرى لتمويل و دعم كل ما يتعلق بالسياحة وما يدور في فلكها كقطاع الصناعة التقليدية وغيرها من المهن الأخرى، دون أن ننسى أيضا أهمية وضع خطة استعجالية لدعم القطاع الفلاحي الذي يستقطب 40 في المائة من اليد العاملة  المغربية ، وبالنسبة لقطاع الخدمات لا بد من الاستمرار في وتيرة التصنيع، لدعم دورة اقتصادية متحركة تجنبا لوقوع انكماش اقتصادي، وهذا في اعتقادي يتطلب من القطاع البنكي المشهود له عالميا بالكفاءة ببذل مجهود أكبر لمساعدة الدولة بحس وطني أكبر.

جريدة LE12  تنشر المساهمة الفكرية لأخنوش حول تدبير الأزمة ما بعد كورونا

بينما حذر عدد من الأكاديميين والاقتصاديين الحكومة من تبني سياسة التقشف ودعوتها إلى دعم الطلب الداخلي، وجدنا أول زعيم حزبي يطرح رؤية إنقاذ للاقتصاد الوطني ما بعد كورونا، الأمر يتعلق بالمساهمة الفكرية لعزيز أخنوش رئيس حزب الأحرار، ما هي قراءتكم الأولوية لهاته المساهمة؟

حديث عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، هو نابع من كفاءته العالية وسيرته المهنية المتميزة في مجال الاقتصاد والأعمال، ولما راكمه من تجربة في تسيير قطاعات حكومية هامة، وعزيز أخنوش، كان دائما متفائلا يؤمن بأن للمغرب إمكانيات كبيرة، ويعتقد بأننا ينبغي أن نتحلى بلغة الحقيقة، وفي هذا السياق فقد نبه إلى خطر اعتماد سياسة التقشف في الوقت الراهن لأن وقتها ليس مناسبا، إذ أن مستوى الدين في لحظة ما لا يهم، بقدر ما يهم منحى الدين على المدى المتوسط والبعيد، كما أن لجوء الدولة إلى الاقتراض من أجل التغلب على أزمة خارجية، لا مفر من تداعياتها، أمر جد طبيعي، على اعتبار أن هذه السياسة لن تجني لبلادنا إلا الكساد، فهذه الأفكار التي يطرحها أخنوش هي نظرة إستشرافية وفكر استراتيجي مهم.

 وهنا ينبغي أن ننبه أيضا أن هذه الأفكار ليست هي الوحيدة التي طرحها أخنوش، فهناك عدة مبادرات أشرف عليها منذ سنوات في مقدمتها  المشروع السياسي مسار الثقة، ومشروع الميدان مائة يوم- مائة مدينة، الذي استمع فيه وأنصت فيه إلى المشاكل التي يعاني منها المغاربة، ليتسنى له إيجاد أجوبة واضحة، وحلول ذات مصداقية، لدعم الطبقة الوسطى والفئات الاجتماعية الهشة والفقيرة، ويمضي بالمغرب نحو سكة التقدم والرفاهية.

ونحن في مركز تفكيرنا الاستشرافي، نثمن هذه المبادرات، لأننا نؤمن بأنه ينبغي على السياسي المحنك أن يمتلك الشجاعة والإقدام وهو يعتزم اتخاذ قرارات جريئة، وعزيز أخنوش، يتمتع بهذه الجرأة وبتجربة وسمعة دولية في مجال الأعمال، فبحبه للوطن تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، أراد  التقدم بمشروع وأفكار جيدة تؤهل حزب التجمع الوطني للأحرار لأن يكون البديل السياسي للمرحلة، وهو الأمر الممكن لأن زعيمه سبق أن نجح في تنزيل وتطوير مخطط المغرب الأخضر، وتحقيق الأمن الغذائي للمغرب، وأبان عن عمق سياسي وفكر استراتيجي واقتصادي وقيادي، فما أحوج بلادنا لمثله من رجالات الدولة ورجال أعمال وطنيين، ولهذا  ينبغي دعمه، لأنه يحارب الفقر والهشاشة والتخلف، ويمكن أن يعتمد عليه ككفاءة  قادرة على إيجادحلول في هذه الأزمة العابرة وما بعدها .

طيب رؤية أخنوش ركزت على 3 نقط تتمثل في التنبيه إلى عدم السقوط في سياسة التقشف والدعوة إلى دعم الطلب الداخلي، ومواصلة مواكبة الدولة للقطاعات المتضررة. ما رأيكم؟

كإضافة للسؤال السابق أتفق مع كلام أخنوش الذي جاء برسالته الواضحة المعالم والتي مفادها أن سياسة التقشف لا يجب أن تكون في هذه الظرفية لعدة اعتبارات، على رأسها الأزمة الحالية وتداعياتها، وعلى النقيض من ذلك، يجب أن نتحلى بالثقة أولا والثقة في الإمكانيات والاستثمار في العنصر البشري باعتباره رافعة لكل أمة، فسياسة التقشف في نظري ليست هي الحل وليست هي الرهان الأمثل ، لأن عمق المشكل قد يكون هو التمويل، وهذا الأخير قد يحل عن طريق الأفكار المبتكرة، وكذا المؤسسات الدولية، وحتى القطاع البنكي الوطني، بالتالي دعم القدرة الشرائية للمواطنين لجعل عجلة الاقتصاد الداخلي تدور في حلقة منتجة ومتنوعة فيها ما هو صناعي سياحي و خدماتي…  وفي هاته الظرفية فإن الاتجاه ينحو نحو  كل ما هو داخلي معتمدين عن أنفسنا ننتج الحاجيات الضرورية لنبلغ الاكتفاء الذاتي منها.

أما بخصوص مواكبة الدولة للقطاعات المتضررة، لابد من الإشادة بالنفس التضامني للمغاربة الذي عبروا عليه منذ بدايات انتشار الوباء، فالمغاربة هذا طبعهم وما شهدناه من رجال الأعمال والمؤسسات الوطنية خير دليل على أن القطاعات المتضررة ستكون بنفس النفس التضامني الذي لمسناه آنفا، لأننا كلنا في نفس المركب، ودعمها أضحى ضرورة ملحة، فيجب التفكير اليوم بصندوق خاص على شاكلة صندوق “كوفيد 19” من أجل مساعدة هذه القطاعات التي تعتبر ركن من أركان النمو الاقتصادي، وخزانا مهما من اليد العاملة التي بدورها عنصر مهم في دوران الحركة الاقتصادية ببلادنا، فكلنا معنيون اليوم وبدون إقصاء بغية دعم الاقتصاد بمقاربة اقتصادية تنموية، فالمغرب بمؤسساته وفعالياته له من القوة والقدرة على دعم هذه القطاعات.

دراسة إستشرافية لمؤسسة س يدي جي كابيتال، توقعت وصول المغرب إلى نسبة نمو لا تتعدى 1 بالمائة وهو أدنى مستوى سيحققه المغرب خلال 20 سنة مضت..كيف يمكن استدراك هذا التراجع؟.

في ما يخص الاستشراف في هذا الوقت بالذات لا يمكن التكهن بمعدلات النمو المضبوطة، لكن حسب توقعات البنك الدولي، فمعدل النمو سيتأرجح بين -1 في المائة و -3 في المائة، وهذا في نظري يبقى معقولا نظرا للتداعيات التي ستكون كبيرة على المدى المتوسط والبعيد جراء هذا الوباء، لكن المهم اليوم والذي يجب التركيز عليه هو زرمانة التدابير والإجراءات التي يجب أن تكون مقرونة برجالات وحكامة مناسبين، فلا يمكن أن لا نربط هذا التراجع دون التحدث عن الدور المهم الذي سيلعبه القطاع البنكي ومرجعيته وكفاءته على الصعيد الاقليمي والقاري، فاستدراكه يتطلب الوقت والجهد وأهم شيء الكفاءات التي لها الرؤية والحكامة، لجعل أزمة هذا الوباء فرصة يجب اغتنامها على النحو الأمثل بتطوير القطاعات الحيوية وتعزيز مكتسباتها، وتعويض أخرى التي ستخسر وفق رؤى وحلول ناجعة، و ليتحقق كل هذا  ينبغي أن نغلب المصلحة الوطنية وجعلها فوق كل اعتبار، مبتعدين عن كل الحسابات السياسوية والصراعات الإيديولوجية، ومعتمدين عن المقاربة الاقتصادية الإستراتيجية ورجالاتها الذين ما فتئوا يعبرون عن منهجية رائدة مساهمين بذلك في نمو البلاد وازدهارها.

 من بين خيارات تدخل الحكومة لمواجهة الأزمة هناك خيار اللجوء إلى الدين الخارجي، هل في نظرك هذا حل مثالي في الظرف الحالي، أم هو توجه لا مفر منه للحكومة الحالية لترك ارث للحكومة بما له من تكلفة ستؤديها الأجيال القادمة؟

 سبق وأن تطرقت بشكل عرضي لمسألة الدين الخارجي، وقلت  بأنه لا ضير للمغرب بأن يقترض في هذه الظرفية الاستثنائية الغير مسبوقة، فإذا تكلمنا حول الاقتراض في هذه الظرفية الصعبة نجد أنه أصعب الحلول نظرا لعدة عوامل داخلية وخارجية يبقى أهمها تآكل الاحتياطات من العملة الصعبة حاليا الذي يضعف النظام المالي، وصعوبة جلب المستثمرين من الخارج في ظل الانحصار التام على المستوى الدولي، وكذا تضرر قطاعات حيوية كانت بالأمس القريب العمود الفقري للاقتصاد  الوطني وفي مقدمتها الفلاحة التي بدورها تضررت بقلة التساقطات وكذلك السياحة والخدمات المتوقفة بشكل كلي حتى حدود الساعة.

وإذا ما  نظرنا بعين العقل، وفكرنا للأجيال اللاحقة، فمن وجهة نظري يجب إحداث خلية اقتصادية تستحضر كل المعطيات الحالية ولها من الخبرة والكفاءة في المجال الاقتصادي وكذالك مصادر التمويل،  ولهذا ينبغي من الآن التفكير الملي قبل اللجوء إلى الاقتراض، بدون دراسة معمقة، هدفها الأسمى إحداث مشروع استراتيجي اقتصادي ناجع مع استحضار كل الإمكانات سواء كانت بشرية مادية وحتى اللامادية و بالموازاة يجب على الحكومة بأن تخفض الإنفاق العمومي وتقلص من الواردات إلى حد أدنى مع الاعتماد على ما ننتجه ونصنعه بتشجيع تام للمقاولات الوطنية و المنتوج المحلي، وأيضا ترشيد النفقات وفق حكامة جيدة وإصلاح هيكلي للإدارة بغية التقاط الأنفاس و استعادة العافية الاقتصادية والمالية.

كسوؤال أخير. كيف ترون تعاطي الأحزاب مع مرحلة مابعد أزمة كورونا؟

في الحقيقة، أكاد أجزم أن غالبية الأحزاب تعيش خلال أزمة كورونا حالة الحجر الحزبي، وحالة من الجمود، أما التعاطي مع مرحلة مابعد كورونا، فإن وجدتم غير المساهمة الفكرية لعزيز أخنوش رئيس حزب الأحرار حول الموضوع والتي طرحها بكل شجاعة سياسية للنقاش العمومي في منصة تفاعلية أحدثها الحزب لإستعاب مساهمات قادة ومناضلين من الحزب وخارجه، فدلوني.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *