كتب: محمد أنور الهزيتي

كثر الحديث عن دعم الفئات الفقيرة والهشة في المغرب. ويمكن القول بأن هذا الدعم وخاصة العيني تقوم به الدولة مؤسساتيا من الميزانية العامة أو ميزانية الجماعات الترابية ومجموعة من المؤسسات التضامنية كمؤسسة محمد الخامس للتضامن.

 ولا يمكن أن ننسى مظاهر التضامن التي يقوم به المغاربة بصفة تلقائية نظرا للتقاليد التضامنية التي يتميزون بها عبر التاريخ. إلا أن دعم الفئات الهشة والفقيرة بدأ يطرح مؤخرا عدة تساؤلات. التساؤل الأول مرتبط بالاستغلال السياساوي لعمليات الدعم لبعض التنظيمات السياسة قصد الحفاظ على الخزان الانتخابي أو الخزان التابع للتنظيمات.

 والتساؤل الثاني مرتبط بتشتت برامج الدعم الذي توفره الدولة للطبقات الهشة والمواطنين بصفة عامة وبالتالي يصعب مع هذه الوضعية تتبع وتدبير وتقييم هذه البرامج. وأخيرا هنا تساؤل آخر متعلق بمعايير تحديد الهشاشة والفقر علما أن وضعية الهشاشة غير مستقرة وبالتالي فالمستفيد من الدعم يمكن أن تتغير وضعيته في كل وقت ويستمر في الاستفادة و يمكن لمواطن أن تتغير وضعيته إلى الأسوأ و لن يدخل في فئة المستفيدين.

لقد اتخذت الدولة المغربية عدة مقاربات لتحديد الفئات الهشة وطرق دعمها عبر مجموعة من الإجراءات والبرامج في مجالات التغذية والدعم المدرسي والصحي والسكني ودعم المجتمع المدني، إلخ… لكن الملاحظ في المجهود الكبير الذي قامت به الدولة هو تجزئته وعدم وجود إطار عام ناظم لعملية الدعم مع الأخذ بعين الاعتبار التغيرات المجتمعية السريعة.

لكن مؤخرا عملت الدولة المغربية عبر وزارة الداخلية على بداية إنجاز مشروع ضخم والذي سمي بالسجلالاجتماعي وذلك من أجل تفعيل برنامج الدعم والحماية الاجتماعية الموجه للفئات الهشة أو الفقيرة. لكن لا بد هنا من طرح بعض الملاحظات والتي نراها ضمانا لنجاح هذا السجل إحصائيا وعمليا:

السجل الاجتماعي يجب أن يشمل جميع المغاربة بدوت استثناء وأن يتوفر كل مواطنة أو مواطن على رقم اجتماعي وطني وهذا سيمكن الدولة من تتبع الوضعية الاجتماعية للمواطنات والمواطنين بطريقة أوتوماتيكية عبر مجموعة من مصادر المعلومات: الصناديق الاجتماعية، الأملاك العقارية، الانتماء المهني، عدد الأبناء وسنهم ومعطيات أخرى.

من المفترض إحداث صندوق وطني موحد توجه له كل ميزانيات برامج الدعم المؤسساتية للدولة ومفتوح على مساهمات المؤسسات الخاصة ويتم تسيير هذا الصندوق من طرف وزارة الداخلية عبر مؤسسة للتضامن الاجتماعي سيتم إحداثها وذلك بتنسيق مع وزارة الاقتصاد والماليةوإصلاح الإدارة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي والصناديق الوطنية للتقاعد ومؤسسات أخرى. وبطبيعة الحال سيتطلب ذلك التوفر على نظام معلومات حديث وقادر على تدبير المعطيات والمعلومات.

عمليا، بعد إنجاز السجل الاجتماعي الوطني لكل المغاربة، ستتوفر كل مواطنة وكل مواطن على رقم خاص وبطاقة إلكترونية ستخول له الاستفادة من كل الخدمات الاجتماعية ولكن بطريقة متفاوتة حسب الدخل ودرجة الهشاشة. فهناك من لن يستفيد من أي دعم اجتماعي لأن دخله مرتفع، وهناك من سيستفيد فقط من التغطية الصحية، وهناك من سيستفيد من التغطية الصحية ودعم السكن، ثم خدمات التغذية بقفة شهرية يأخذها من مراكز ومحلات تجارية معتمدة للغرض من طرف الدولة. ولا ننسى كذلك الخدمات الأخرى المتعلقة بالتمدرس والنقلوخدمات أخرى ستحددها الدولة في النصوص التنظيمية المنظمة للسجل الاجتماعي والصندوق الخاص بالدعم.و من جهة أخرة ستجنب البطاقة و التي يتم تحيين معطياتها شهريا المواطنات و المواطنين متاعب التنقل و الوثائق.

وفي الأخير لا بد من الإشارة على انه لإنجاح السياسة العمومية المتعلقة بالدعم الاجتماعي، لا بد من الحزم في منع كل أنواع الدعم الخاص الغير المراقب ولا بد من الحصول على رخصة عند كل عملية لتوزيع الدعم الخاص تحت طائلة المتابعة تجنبا للاستعمال السياسي الديني وضمانا لكرامة المواطنين.

*خبير في التنمية الترابية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *