اليوم، أصبحت كرتنا على عهد صناع المحتوى،  في قبضة بعض المتطفلين، ممّن ركبوا موجة التحوّل الرقمي، واعتلوا أرقام العالم الافتراضي.

عمر الشرايبي

لقد أصبح الأمر أخطر مما كنا نتصوّر.. كرتنا التي لعبناها في الأزقّة والملاعب الترابية، وتابعناها عبر الشاشات الصغيرة، وعشقناها من مدرجات الملاعب، كرتنا التي كنّا نتسابق لجمع ملصقات نجومها، ونبتهج عند شراء أقمصة أنديتها.. كرتنا التي جعلناها الأكثر شعبية في العالم قبل زمن “السوشال ميديا”.

اليوم، أصبحت كرتنا في قبضة بعض المتطفلين، ممّن ركبوا موجة التحوّل الرقمي، واعتلوا أرقام العالم الافتراضي.

غرباء عن هذا العالم، سقطوا سهوًا في مدرجات الملاعب، ولم يعرفوا دروبه إلا بعد ظهور العلامات الزرقاء في “إنستغرام” و”فيسبوك”. أشخاص جعلوا من كرة القدم مجرد “محتوى” لكسب شعبية وهمية، وأرقام ترتقي بهم في عوالمهم الرقمية.

نحن اليوم أمام خطر حقيقي يهدد كرتنا، خطر لا يختلف عن ذلك السكين الذي كان يشهره أحد سكان الحي في طفولتنا حين تُزعجه الكرة. لم يعد للشغف مكان وسط محتوى زائف، مليء بـ”المايك أب”، ومجرد من التلقائية والعفوية.

محتوى مصطنع هدفه دغدغة العواطف، وكسب المتابعة، ثم بعدها تأتي “الصفقات” و”عقود الإشهار”.

بالأمس، رأيت  مجسم كأس العالم يقدم  في الدار البيضاء في  غياب الزاكي وبودربالة والتيمومي..بحضور  زملاء “X بيوتي” في النشاط المهني

بالأمس، شاهدت صامويل إيتو يبحث عن مقعد بالمقصورة الرئيسية بينما كان أحد صناعنا للمحتوى جالسا  في مقعده VIP يوثق للحظة بهاتفه. 

بالأمس، أصبحنا في سلة واحدة..Media & Influencers

يا حسرتاه على الأمس!

في وقت تعاني فيه جل أنديتنا المحلية من الفقر وقلة الموارد، وغياب المستشهرين، نجد شبابًا على مواقع التواصل يستفيدون من امتيازات عقود إشهارية، فقط لأنهم يصنعون محتوى كرويًا.

بعضهم يحمل أرقام مسؤولي شركات، ويجلس في مقصورات الـVIP، ويتقرب من صناع القرار الكروي، ويقتحم رقعة الميدان ومستودعات الملابس.. كل ذلك فقط لأن سلاحه هو الهاتف المحمول، وأرقام زائفة قد تزول في أي لحظة، إذا ما قرر إيلون ماسك أو مارك زوكربيرغ أن يُغلق عالمهم الافتراضي.

اليوم، نريد أن نحقّق حلم شعب بأكمله بالتتويج بكأس أمم إفريقيا المقبلة، فهل نعوّل على هؤلاء “صنّاع المحتوى” في الخطوط الأمامية للدعم والمواكبة؟.

اليوم، بدأت تظهر بوادر الانحدار.. فهل يُعقل أن نفتتح ملعبًا جديدًا لكرة القدم في مدينة مارتيل الجميلة، دون دعوة نجوم كرة القدم الوطنية؟.

ما الرسائل التي نوجّهها بتنظيم مثل هذه المباراة؟.

ومن يكون صابر الشاوني حتى تُمنح له كل هذه الصلاحيات لتنظيم حدث بهذا الحجم، ودعوة من يشاء للمشاركة فيه؟.

في الختام، أدعو صابر الشاوني ومن معه في هذه “القائمة” إلى مناظرة علنية تضم مئة سؤال حول تاريخ كرة القدم الوطنية.

أتحدّاهم أن يجيبوا عن عشرين سؤالًا فقط!

كرة القدم للجماهير ليست لصناع المحتوى

*عمر الشرايبي/ كاتب صحفي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *