رشيد بن الطيبي
رشيد بن الطيبي

 

 

 

في إطار الجهود المبذولة من مختلف السلطات العمومية المختصة ببلادنا للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد والتخفيف من تداعياته الإقتصادية والإجتماعية، وكذلك حملات تضامن  مختلف فعاليات المجتمع المغربي ،  ولدت مبادرة داخل كلية علوم التربية والتعليم بالرباط أطلق عليه اسم شبكة الدعم النفسي  يرشف من خلالها مجموعة من أساتذة وأطباء علم النفس والذين وضعوا على عاتقهم مهمة المصاحبة النفسية لكل مواطن يشعر بضغط نفسي وقلق أو أية أعراض للحجز الصحي المنزلي .

 للحديث عن التأثيرات النفسية لتداعيات فيروس كورونا وتأثيراته السلبية على الأشخاص والأسر وخاصة في زمن الحجر الصحي ، كان لجريدة le12.ma هذا الحوار مع عضو الشبكة رشيد بن الطيبي الأستاذ الجامعي المتخصص في علم النفس التربوي .

وفي يلي نص الحوار .

 

  في إطار المجهودات المبذولة للحد من انتشار فيروس كورونا ببلادنا، كيف ترون الاجراءات الاحترازية التي قام بها المغرب ؟.

“أعتقد جازما أن المغرب من الدول القلائل التي اتخذت مجموعة من الإجراءات والتدابير الحاسمة والمشددة في وقت مبكر من أجل محاصرة واحتواء وباء انتشار فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19 وحماية مواطنيه من آثار هذه الجائحة التي طالت كل بلدان العالم بدون استثناء، فالمغرب منذ ظهور هذا الفيروس الفتاك بالصين، نهج سياسة استباقية، متيقظة، متبصرة و ذكية في الوقت المناسب قبل تفشيه على أراضيه بإعلانه عن حالة الطوارئ الصحية منذ يوم الجمعة الماضي معلقا جميع الرحلات الجوية الدولية ومغلقا كل المدارس والجامعات بانخراط تام لكل مكونات المجتمع المغربي. 

 

ما هي في نظركم التأثيرات النفسية لإجراء الحجر الصحي على الأشخاص والأسر المغربية، وكيف السبيل للقضاء على هذه التأثيرات والضغوطات النفسية؟.

“إن التأثيرات النفسية لحالة الطوارئ الصحية والبقاء في المنزل كثيرة ومتنوعة حسب المحيط الذي يعيش فيه الأفراد، وحسب الإمكانيات المادية والمعنوية التي يتوفرون عليها وكذلك درجة تمكنهم من تحمل البقاء في عزلة عن الآخرين.

فبنية المجتمع المغربي وكذا الثقافة السائدة فيه يطبعهما دائما الانفتاح على الآخر ونسج علاقات إنسانية واجتماعية قوية تغذيها قيم التضامن والتآزر والتعاون وتقبل الآخر كيفما كان المحيط الذي يعيشون فيه وخاصة في الأوقات الصعبة والحرجة.

فحالة الطوارئ الصحية والبقاء في المنزل ستكون لها  حتما تداعيات و تأثيرات نفسية على الأسر باعتبارها وضعية معقدة تشكل ضغطا رهيبا وغير مسبوق عليها يلتحم فيه الخوف من الإصابة من الجائحة و عدم القدرة على كيفية التصرف في حال اشتباه أحد أفرادها بالإصابة بالعدوى بالإضافة إلى كيفية الحفاظ على توازن واستدامة وتماسك العلاقات الإنسانية والتواصلية والصحية فيها، ويبقى السبيل الوحيد للتخفيف من هذه التأثيرات والضغوطات النفسية على الأسر، هو إيلاء المزيد من الانتباه والاهتمام بها من طرف الخبراء والأخصائيين والمهتمين، عبر تخفيف الضغط عليها وطمأنتها من خلال تقديم الدعم والمساعدة النفسية والاجتماعية والاقتصادية…

ما هي أنواع المشاكل النفسية التي تتلقونها داخل شبكة الدعم النفسي من قبل المواطنين ؟.

” شبكة الدعم النفسي التي تم خلقها اثر هذه الجائحة، بمبادرة من مجموعة من الأساتذة والأخصائيين والخبراء النفسيين بكلية علوم التربية تهدف إلى تقديم خدمات المواكبة والدعم النفسي عن بعد لفائدة المواطنين المغاربة أينما وجدوا، عبر الإنصات لهم وتقديم الاستشارات والنصائح والتوجيهات اللازمة التي من شأنها التخفيف من وطأة هذا البلاء والتأثيرات النفيسة السلبية المرافقة له.

 وتتجلى أنواع المشاكل النفسية التي يتلقاها الخبراء والأخصائيون النفسيون بشبكة الدعم النفسي من قبل المواطنين، في بعض الاضطرابات النفسية المختلفة والمتنوعة، نفسها التي نجدها بكل بلدان العالم  التي أصابتها هذه الجائحة في هذه الظرفية العصيبة، والتي تتجلى أساسا بالشعور بالخوف، الهلع الشديد، القلق، الوسواس القهري،عدم الثقة بالنفس والأمان والإجهاش بالبكاء… فالأخصائيون والخبراء النفسيون بالخلية يتعاملون مع كل الحالات بمقاربات علمية وبحس مهني كبير وبسرية تامة تحفظ كرامة الأفراد وتضمن مواكبتهم حتى يجتازوا هذه الظرفية بكل أمان”.

بالنسبة للتعليم عن بعد  وبحكم كونكم أستاذ جامعي ومتخصص في علم النفس التربوي كيف تقيم عملية إجراء التعليم عن بعد ومدى استعداد التلاميذ والطلبة نفسيا للتأقلم مع  هذا الأجراء وانعكاسات ذلك على المسار الدراسي؟.

” في ظل الظرفية الحالية، واعتبارا للحاجة المتزايدة إلى مواجهة الحجر الصحي والمكوث بالبيت، أصبح لزاماً على المُؤسَّسات التعليميَّة والجامعية أن تأخذ بأحدث تقنيات الاتصال والمعلومات، وأن تُوظِّفها لخدمة التعليم، وتحقيق أهدافه.

فمبادرة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بضمان الاستمرارية البيداغوجية من خلال تمكين التلاميذ والطلاب من متابعة التحصيل الدراسي والعلمي في أفضل الظروف الممكنة عن طريق ضمان مجانية الولوج مؤقتا إلى جميع المواقع والمنصات المتعلقة ب “التعليم أو التكوين عن بعد” ودعوة الأساتذة باعتبارهم المسؤولين عن الفعل البيداغوجي لمواصلة توفير الدروس للطلبة عن طريق هذه المنصات من شأنها أن يكون لها تأثير إيجابي من جهة على نفسية المتعلمين وتحفيزهم على التعلم الذاتي ومن جهة أخرى على مسارهم الدراسي.

فاعتبارا للمزايا المتعددة والمختلفة التي يقدمها التعلم عن بعد بنوعيه المتمثل في الاتصال المباشر المتزامن أو الاتصال غير المباشر غير المتزامن كالمرونة ،الحرية والاستقلالية في اختيار الدعائم التعلمية وتوفير الوقت والتحكم فيه، اعتقد أن التلميذ والطالب المغربي، اعتبارا لبنيته الشخصية والنفسية واستعداداته الفطرية وحبه إلى تنمية وتقوية معارفه ومهاراته المعرفية والعملية قادر على التأقلم مع كل الظرفيات والاستفادة الفعالة منها قصد تسنّم أعلى مراتب الامتياز العلمي، واكتساب ثقافة المعرفة التي ينبغي علينا منحه إياها.  وفي نظرنا، يبقى حجر الأساس والتحدي الوحيد لاعتماد هذا النوع من التعليم هو توفير شروط نجاحه وتعميمه وأيضا توفير الحاجات التعليميَّة للطلبة، وهو المقياس الذي يتم على أساسه تقويم كل جهد يُبذل في هذا المجال”.

حوار:مصطفى قسيوي

 

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *