le12.ma

عاشت الولايات المتحدة يوما مرعبا أمس الأربعاء بعدما وصلت طرود مفخخة إلى شخصيات ديمقراطية بارزة، من بينهم الرئيس السابق باراك أوباما وهيلاري كلينتون، في سلسلة “إرساليات” خطيرة ومخيفة في الأيام القليلة الماضية عمّقت التوترات السياسية قبل أسبوعين من الانتخابات الجزئية.
وحتى الآن لم تنفجر أي من القنابل السبعة ولم يصب أحد بأذى، بعدما صادرت السلطات في كل من نيويورك وواشنطن العاصمة وفلوريدا وكاليفورنيا مجموعة من الطرود المشبوهة، لكن هذه الإرساليات القاتلة فجّرت جدلا كبيرا بشأن الاستقطاب السياسي في واشنطن، الذي يعزى إليه تشجيع الجماعات اليمينية على ارتكاب مثل هذه الأعمال.
في هذا السياق، قال مسؤول إنفاذ قانون إن طول القنابل بلغ نحو ست بوصات وإن كل كل واحدة منها تحتوي على بطارية صغيرة، وكانت معبأة بمسحوق وشظايا زجاج. وتابعالمتحدث ذاته أن القنابل صُنعت من أنابيب بلاستيكية وكانت مغطاة بشرائط سوداء.
وقد أرسلت أول قنبلة يوم الاثنين الماضي إلى منزل الملياردير جورج سورس، المساهم البارز في حملات الديمقراطيين، الذي يقع منزله في ضواحي نيويورك.
بعد ذلك ذكر مكتب التحقيقات الفيدرالي أن قنبلة أخرى كانت موجهة إلى المدعي العام السابق إريك هولدر، لكنها وصلت إلى مكتب النائبة الديمقراطية في فلوريدا، ديبي واسرمان شولتز، التي كُتب عنوانها كمرسلة على الطرد..
بعد ذلك (الأربعاء) قال مكتب التحقيقات الفيدرالي “إف بي آي” إنه اعترض طردين مشبوهين إضافيين أُرسلا إلى ماكسين ووترز، النائبة الديمقراطية عن كاليفورنيا.

في ظل هذا الغليان، أدان الرئيس دونالد ترامب الهجمات بشدة، قائلا، في تجمع انتخابي بولاية ويسكونسن “لا مكان لهذه الأفعال أو التهديدات السياسية العنيفة في الولايات المتحدة..هذا السلوك الفاضح بغيض”.
أمّا مسؤولو إنفاذ القانون فقال إن جميع الطرود كانت متشابهة، عليها “مغلفات مانيلا” وفيها ستة طوابع وعنوان المرسل إلى شولتز في فلوريدا، التي كانت رئيسة للجنة الوطنية في الحزب الديمقراطي، والتي اتهمها منافسو كلينتون بتقديم مساعدة سرية للمرشح الرئاسي للحزب..
وأُرسل إلى محطة “سي إن إن” الإخبارية طرد آخر اضطر معه المسؤولون إلى إجلاء مركز “تايم وورنر” في مانهاتن، حيث توجد مكاتب للمحطة التلفزيونية.

والملاحظ أن المستهدين من هذه القنابل هم شخصيات طالما انتقدها الرئيس دونالد ترامب، الذي لا يزال يهاجم كلينتون في التجمّعات الانتخابية، في الوقت الذي يردد مناصروه “اسجنها … اسجنها!”.. بعد عامين من إلحاق الهزيمة بها ومغادرتها المشهد السياسي إلى حد كبير. كما درج ترامب على مهاجمة شبكة “سي إن إن” بوصفها “تمثيلا لإعلام الأنباء المزيفة”.

وأضافت هذه الهجمات، التي تسببت في عمليات إخلاء مبان وبث الذعر في العاملين، إلى مخاوف الأمريكيين من أن تكون الخطب السياسية “المحمومة” يمكن أن تؤدي إلى عنف مميت، إذ ينخرط الحزبان في معارك بشأن الهجرة والمحكمة العليا ومعاملة النساء وغيرها من القضايا.
وقد وجّه السياسيون الديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي انتقادا حادا للرئيس ترامب، معتبرين أن “هجومه” المستمر على السياسيين ووسائل الإعلام هو الذي وفّر أرضية لهذه الجرائم.

وفي هذا السياق، قال تشاك شومر، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ، ونانسي بيلوشي، زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، في بيان مشترك إن “الرئيس تغاضى باستمرار عن العنف الجسدي وبث الفرقة بين الأمريكيين بأقواله وأفعاله”، وأن “دعوة ترامب إلى الاتحاد لن تلقى صدى ما لم يتراجع عن تصريحاته التي يتغاضى فيها عن أعمال العنف”.
كما اتهما الرئيس الأمريكي بأنه “عبر عن دعمه لبرلماني طرَح صحافيا أرضا ولـ”النازيين الجدد” الذين قتلوا امرأة شابة في شارلوتسفيل، ولأنصاره خلال الاجتماعات التي أظهروا خلالها عنفا مع المتظاهرين، وللطغاة في جميع أنحاء العالم الذين يقتلون مواطنيهم”. وأشار شومر وبيلوسي إلى أن ترامب يصف “الصحافة الحرة بـ”عدوة الشعب”.
واعتبر محللون أنه يتعين على الحزبين الرئيسيين تخفيف حدة الخطاب المتبادل بينهما، في حين بدأت الكلمات تتحول إلى أفعال مميته.

وحتى الآن، لم تعلن السلطات بعد عن أي جهة يُشتبه في وقوفها وراء هذه الهجمات، لكن مراقبين وجهوا أصابع الاتهام إلى الجماعات اليمينية المتطرفة، التي تعادي المؤسسات السياسية الليبرالية، وعلى رأسها الحزب الديمقراطي.

ولم يخلُ الأمر من “نظرية المؤامرة” أيضا، فقد وجّه العديد من المعلقين المحافظين البارزين، ومن بينهم أكثر المدافعين حماسة للرئيس، أصابع الاتهام إلى اليسار، متهمين “محرّضين ليبراليين” لم يكشف أسماءهم بإرسال الطرود في حيلة لجعل الجمهوريين يبدون كمتطرفين قبل الانتخابات النصفية.
ومن جانبه، تساءل المذيع راش ليمبو، الذي يقدم واحدا من أكثر البرامج الإذاعية شهرة، عما إذا كانت الطرود المرعبة جزءًا من حيلة متقنة ارتكبها النشطاء الديمقراطيون من أنصار هيلاري كلينتون. وقال ليمبو في حلقة أمس الأربعاء برنامجه: “كلينتون، هذا حزبك، سامحيني، إنه يشجع على هذا النوع من الأمور.. الحزب الديمقراطي هو موطن كل هؤلاء الغوغاء”.
أمّا أليكس جونز، أحد أبرز المعتنقين لنظرية المؤامرة والذي يدير موقع “Infowars”، فقال في برنامجه اليومي على الإنترنت: “افعلوا هذا لكي يبدو أن هناك ضحايا مستهدفين”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *