le12.ma -مراكش

أسدل الستار على الدورة الثانية لمؤتمر مراكش الدولي للعدالة، التي نظمت تحت الرعاية الملكية السامية يومي 21 و22 أكتوبر الجاري في مراكش، حول موضوع “العدالة والاستثمار: التحديات والرهانات” بـ”إعلان مراكش 2019″.

وشمل الإعلان مجموعة من التوصيات التي صاغها المشاركون، والتي تمحورت أساسا حول أربعة محاور، هي ”دور القضاء في تحسين مناخ الأعمال” و“تحديث المنظومة القانونية للأعمال” و“رهانات التكتلات الإقليمية” و”توظيف تكنولوجيا المعلوميات”.

وأوصى المشاركون في ما يتعلق بمحور تحديث المنظومة القانونية للأعمال، بالعمل على تحديث المنظومة القانونية للأعمال والأمن القانوني من خلال ملاءمة المنظومات القانونية المنظمة لقضايا التجارة والأعمال مع المتطلبات والسياقات الوطنية والدولية وتعزيز دور السياسات الجنائية في تحسين مناخ الأعمال، مع توحيد آليات ومساطر تسوية منازعات الاستثمار على الصعيد الوطني والجهوي والدولي. ودعوا إلى تطوير وتجويد وتحديث المنظومات القانونية وملائمتها مع الاتفاقيات الدولية في مجال حماية الاستثمار، وتوظيف تكنولوجيا المعلوميات في مجال المال والأعمال، بما من شأنه الإسهام في تعزيز شفافية الخدمات القضائية وتخليق منظومة قضاء الأعمال وتحسين الحكامة والشفافية في إدارة الشركات وإرساء مقومات العدالة الرقمية لمسايرة متطلبات مناخ الأعمال.

وتضمّنت التوصيات، أيضا، ملائمة وتوحيد القوانين التجارية الوطنية لتحقيق تكتل اقتصادي ناجح يؤدي إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتحديث المنظومة القانونية المتعلقة بالأعمال والاستثمار بما يحقق الأمن القانوني ويعزز الثقة في الحماية القانونية التي توفرها الدول للمستثمرين.

وبخصوص المحور الثاني، الذي تجلى في دور القضاء في تحسين مناخ الأعمال، سجّل المشاركون أهمية توحيد العمل القضائي والحد من تضاربه من أجل تحقيق الأمن القضائي في مجال الاستثمار وجعل العدالة أهم مفتاح لتحسين مناخ الاستثمار وتشجيع المبادرة الحرة وحماية المقاولة وتطوير الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها من خلال مقاربة شمولية مندمجة تتعامل مع الاستثمار في مختلف جوانبه المرتبطة بالقوانين التجارية والبنكية والجمركية والضريبية. وطالبوا في هذا الصدد بتأهيل عناصر السلطة القضائية وتطوير الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها بإرساء مقومات المحكمة الرقمية وتحديث خدماتها وتيسير انفتاحها على محيطها، مع رفع مستوى البنية التحتية للمحاكم ومؤهلاتها. وشدّدوا على ضرورة إرساء قضاء مستقل كفء منفتح قائم بذاته من خلال دعم استقلال السلطة القضائية وتأسيس اجتهاد قضائي مبني على المبادئ الناظمة للأمن القضائي بما يحقق الثقة للمستثمرين والفاعلين الاقتصاديين، مع تشجيع الولوج إلى الوسائل البديلة لحل النزاعات المتعلقة بمجال الأعمال والاستثمار، إضافة إلى تعزيز الثقة في العدالة الوطنية من خلال العمل على حسن تدبير الزمن القضائي وتصريف الملفات بطريقة فعالة.

وألحّ المؤتمرون في ما يخص المحور الثالث، المتعلق بتوظيف تكنولوجيا المعلوميات بالنظر لأهميته في التغلب على المعيقات التي تواجه تدبير منظومات العدالة في مختلف بلدان العالم، على ضرورة تطوير وتجويد وتحديث المنظومة القانونية وتوظيف تكنولوجيا المعلوميات في مجال المال والأعمال والعمل على مسايرة الثورة الرقمية لحسن تدبير مرفق العدالة ومواكبة التغيرات العالمية في مجال المال والأعمال، مع تسخير واستعمال تكنولوجيا المعلوميات والاتصالات لتحقيق عدالة حديثة ومتطورة لمسايرة حركية الاقتصاد المتسارع وتحقيق التحول المنشود في مجال تدبير عمل المحاكم. كما أبرزوا الحاجة إلى تعزيز البنية التحتية التكنولوجية للمحاكم، من خلال التوسل بنظم معلومياتية متطورة ووضع برامج ذكاء الأعمال رهن إشارة المسؤولين القضائيين وإداريي المحاكم، ما يمكّنهم من تشخيص سريع واستباقي للقصور الذي يمس استمرارية المقاولة، وقياس فعالية الأداء وضمان السير اليومي للمحاكم.

وجرى التركيز على محورية دور ترشيد عمل المحاكم وتدبير الزمن القضائي وتحسين الولوج إلى العدالة وإلى المعلومات القانونية والقضائية، من خلال استعمال أمثل للذكاء الاصطناعي ولآليات التحرير الإلكتروني للملفات والمحاضر، مع تطوير تطبيقات تمكن من تتبع الملفات والإحاطة علما بالقرارات القضائية والأحكام.

وفي ما يتعلق بالمحور الرابع، والمتمحور حول ”رهانات التكتلات الإقليمية”، دعا المشاركون إلى ملائمة وتوحيد القوانين والتشريعات التجارية قصد بلورة كتلة اقتصادية فعالة وجاذبة للاستثمارات الأجنبية، مع موائمة الخصوصية القانونية الوطنية مع فرص الاندماج الاقتصادي الإقليمي، إضافة إلى تعزيز جهود التعاون والاندماج الإقليمي على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، من خلال تبنّي سياسات وإستراتيجيات تشجع تقاسم التجارب والخبرات بين البلدان وتيسير تنقل الأشخاص والممتلكات والرساميل مع توسيع حجم الأسواق المشتركة. كما ثمّنوا دور الأوفاق والمعاهدات الدولية في تأطير العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف داخل التكتلات الدولية والإقليمية، من خلال تحديد الأسس والمرتكزات القانونية وتعيين الأطراف التي يعهد إليها تسوية النزاعات والتذكير بصلاحياتها، إضافة إلى توطيد دور التكامل القانوني كحجر زاوية كل تكتل اقتصادي ناجع.

وركزت التوصيات على تحديث المنظومات القانونية الجهوية من خلال ملاءمة القوانين الوطنية مع كتلة القوانين النموذجية وتطوير النظم القضائية بالشكل الذي يضمن الأمنين القانوني والقضائي، مع تعزيز ثقة المستثمرين في بلدان الاستقبال والإسهام في تشجيع مناخ الأعمال وبلورة قطاع خاص متين وفعال وتوحيد آليات ومساطر تسوية النزاعات المتعلقة بالاستثمار من خلال إحداث هيئات مختصة في تسوية هذا الصنف من النزاعات.

وشهد المؤتمر مشاركة أزيد من 40 وزيرا للعدل وعدد مهمّ من كبار المسؤولين في المجالس العليا للقضاء والوكلاء العامين وفاعلين بارزين في المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية المختصة.

واندرج هذا المؤتمر المهمُ، الذي نظمته وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة على امتداد يومين، في إطار التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى تحفيز الاستثمارات وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين مناخ المقاولات، لاسيما عبر اعتماد ثقافة الحوار والتشاور والتنسيق بين مختلف الفاعلين في قطاع العدل والفاعلين الاقتصاديين الرئيسيين بالمغرب وعلى الصعيد الدولي.

وسعى المشاركون في الدورة الثانية لـ”مؤتمر مراكش الدولي للعدالة” إلى التعرف على الممارسات الجيدة بغية الاستفادة منها وتيسير انخراط الاقتصاد الوطني في نظام العولمة، الذي يعدّ لا محيد عنه، وتعزيز قنوات التواصل والتقارب بين الأنظمة القانونية والقضائية. وسعت الدورة، أيضا، إلى تحقيق التبادل المستمر للمعرفة والمعلومات وتقديم مقترحات مبتكرة وتوصيات عملية ليصبح المؤتمر إطارا ملائما لتبادل التجارب والخبرات ورافعة لتطوير الأنظمة القانونية والقضائية، سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل.

وتضمّن برنامج هذا المؤتمر الدولي عقد أربع ورشات عمل موضوعاتية حول كل من “تحديث النظام القانوني للأعمال” و”دور العدالة في تحسين مناخ الأعمال” و”رهانات التجمعات الإقليمية” و”تكنولوجيا المعلوميات القضائية ومناخ الأعمال”.

وكانت هذه الورشات فرصة للتبادل والنقاش حول السؤال المحوريّ للمؤتمر، المتمثل في العلاقة بين العدالة وتنمية الاستثمار، وكذا دور العدالة والقانون في تحسين جاذبية مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار. كما شكلت الدورة الثانية من المؤتمر مناسبة لإجراء مشاورات بين البلدان والمنظمات والتوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *