سجال مستمر بين كجمولة بيت ابي القيادية في حزب التقدم والاشتراكية، التي ترى أن سكان البوليساريو ” أحرارا ” وبين الاستاذ الجامعي عبد الفتاح نعوم، الذي يقول إنهم “محتجزون”وفق الإجماع الوطني.
الرباط- جريدة le12
النقاش، إحتدم حول الموضوع خلال ندوة نظمها حزب نبيل بن عبد الله، وحضرها عبد الفتاح نعوم، الذي إشتكى من مصادرة رأيه لفائدة رأي كجمولة (القيادية سابقة في البوليساريو)، حول حقيقة الوضع القانوني لسكان البوليساريو، فوق التراب الجزائري.
ذلك ما يفصل فيه، الدكتور عبد الفتاح نعوم، في مقال له تحت عنوان : “كي لا يتقلّب علي يعتة في قبره!!!”.
*عبد الفتاح نعوم
ينبغي على حزب التقدم والاشتراكية أن يوضح موقفه من الطبيعة القانونية لساكنة مخيمات تندوف: هل هم لاجئون؟ أم محتجزون؟ أم عشاق تخييم وسفر عبر البراري؟ أم مواطنون جزائريون؟ أم ماذا بالضبط؟
ومناسبة هذا التساؤل هو السماح لصوتٍ يعتبرهم “أحراراً كاملي الحرية اختاروا المكوث في تندوف”، بأن يعبّر من داخل حزب علي يعتة عن موقف كهذا. بل ويُسمح له بأن يعبّر “بسوء نيّة أو بسوء إدارة للنقاش”، دون أن يُمنح صوتٌ مضاد الفرصة للرد بما تقتضيه الإجابة من تفصيل وتدقيق، على نحوٍ يجعل ندوة تمتد لساعات مجرد منصة يستغلها هذا الصوت لتمرير دعاية انفصالية باهتة، ساقطة قانونيًا وواقعيًا.
أعيد ما قلته: “سكان المخيمات لا يتوفرون على صفة ‘لاجئ’ لأن الدولة المضيفة ترفض السماح للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بإحصائهم، وهي الوصفة الوحيدة لمعرفة عددهم ومواقفهم، وهل يستحقون صفة لاجئين، وهل هم هناك بإرادتهم أم لا؟ لا يمكن لأي منظمة تقدم المساعدات، ولا للجزائر، ولا لمرتزقة البوليساريو، ولا لأي متعاطف معهم، أن يمتلك صلاحية إحصائهم أو تحديد أوضاعهم القانونية. ومن يحصل منهم على منّة من البوليساريو أو جواز سفر جزائري، فذلك لا يُعدّ معياراً بديلاً عن المفوضية”.
وأضيف ما كان ينبغي إضافته لولا أن مُسيّر اللقاء كان له رأي آخر: “بما أن سكان المخيمات لا يتوفرون على صفة لاجئ، وبما أن هناك واقعًا لا يرتفع، يتمثل في العسكرة غير القانونية للمخيمات، من طرف تنظيم مسلح تلقى تفويضًا غير قانوني من سلطات الجزائر، وبما أن عشرات الأصوات تمكنت – بعد صراع مرير – من الهروب من حياة الماعز ونقلت صورة المأساة هناك، من المحجوب السالك إلى خديجتو محمود، فاضل بريكة، مصطفى سلمى ولد سيدي مولود وغيرهم… فإن هذه الحيثيات تؤكد أن الوصف القانوني الوحيد الممكن لحالة أولئك السكان هو أنهم “محتجزون” لم تتح لهم فرصة التعبير عن آرائهم. وإن كانوا غير ذلك، فلماذا لا تسمح الجزائر لمفوضية الأمم المتحدة بأداء مهامها هناك؟”.
إن هذه الحقيقة لا يمكن للدعاية الانفصالية، ولا لمن استُهْوُوا بها، أن يُخفوها. ولا يمكن ذرُّ الرماد في العيون من خلال السماح لذوي الحظوة بالسفر والتنقل، أو من خلال الاتجار بالأطفال بجعل عائلات أوروبية تتكفل بهم، أو بالاختباء وراء قصص رفض طلبات راغبين في العودة؛ وإن صحت، فلا تعدو أن تكون مرتبطة بتقدير أمني لا يحق لمن يتحدثون بهذه الطريقة أن يدّعوا فهمه أكثر من الجهات المخولة بذلك. اللهم إلا إذا كانوا هم أنفسهم يريدون منا أن نصدق هذياناتهم بشأن متهمين بالتجمهر المسلح والقتل العمد والتمثيل بالجثث، ونكذب مؤسسة القضاء التي أدانتهم.
فكيف لحزب مغربي وطني عريق في النضال من أجل الوحدة الترابية أن يسمح للدعاية الانفصالية باستغلال منابره لتجميل واقع موبوء بالإجرام والاحتجاز والاغتصاب، فضلاً عن الاختطاف والتهجير القسري الذي واكب صناعة تلك المخيمات في السنوات الأولى للنزاع؟.
وإذا كان هذا التساهل بسبب هاجس “انتخابي” ما، فهل يُعقل أن خطابًا كهذا سيجلب الأصوات والمقاعد؟ وهل هو نفسه الخطاب الذي بفضله ينجح المنتخبون في الأقاليم الجنوبية في الظفر بالأصوات والمقاعد؟!.
فإذا كان من “الصواب” استقبال أصوات تمرّر مغالطات كهذه دون فسح المجال الكافي للرد عليها، فالأجدر إذن بالحزب أن يستقبل، عبر تقنية التناظر المرئي، حتى إبراهيم غالي نفسه! ولمَ لا دعوته للحضور الفعلي؟ ولم لا يبادر الحزب إلى زيارة المخيمات، مادام التدبير “الديمقراطي” للنقاش بات يقتضي الانفتاح على تلك الدعاية والاستماع إليها لسنوات في كل نشاط حزبي دون إبداء أي اختلاف معها؟
وحينما تتاح الفرصة ويكون من بين الحاضرين مَن يريد مناقشتها، يُمنع من ذلك بحجة تدبير زمن النقاش وإعلان نهاية الندوة؟!.
لطالما جرى اتهام الأحزاب السياسية بأنها منسحبة من أدوارها في تأطير النقاش العمومي بشأن القضايا الكبرى، وعلى رأسها القضية الوطنية الأولى، بل ووصمها بأنها تحولت إلى “دكاكين انتخابية”.
لذا، يُحسب لحزب يساري عريق كـحزب التقدم والاشتراكية أن يُبادر لاستعادة فضيلة النقاش، تلك التي تُعد حجر الزاوية في التراث اليساري، ويساهم في تأطير هذا النقاش تحديدًا.
لكنني لا أتصور أن علي يعتة سيكون مرتاحًا في قبره، وحزبه يدير نقاشًا هامًا بهذه الطريقة، دون أن يُبدي موقفًا واضحًا من رأي يخالف الإجماع الوطني، تسرب منذ سنوات إلى بنياته، وصار يُتسامح معه، بل ويُدافع عن بروزه لاعتبار انتخابي صرف ربما.
وختامًا، أدعو حزب علي يعتة إلى التأمل قليلًا في هذين النصين الواضحين وضوح الشمس، لغةً وموقفًا وفكرًا، عساهما يُشكّلان مرجعية لا تقبل المزايدة، لكل من يسعى إلى إنتاج موقف وطني مسؤول تجاه القضايا المثارة في المساهمة المتواضعة أعلاه.
مقتطفات من خطب ملكية :
“فهناك من يطالب بالاستفتاء، رغم تخلي الأمم المتحدة عنه، واستحالة تطبيقه، وفي الوقت نفسه، يرفض السماح بإحصاء المحتجزين بمخيمات تندوف، ويأخذهم كرهائن، في ظروف يُرثى لها، من الذل والإهانة، والحرمان من أبسط الحقوق”.
(الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء – 6 نوفمبر 2024)
“إننا نعرف جيدًا أن هناك من يخدم الوطن، بكل غيرة وصدق. كما أن هناك من يريد وضع الوطن في خدمة مصالحه… هؤلاء الانتهازيون قلة ليس لهم أي مكان بين المغاربة. ولن يؤثروا على تشبث الصحراويين بوطنهم”.
(الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء – 6 نوفمبر 2014)
صور من المائدة مستديرة المنظمة من طرف مؤسسة علي يعته يومه الخميس 12 يونيو 2025 حول موضوع : “الوحدة الترابية المغربية ومقترح الحكم الذاتي كآلية للحل النهائي”. بالمقر الوطني لحزب التقدم والإشتراكية، بالرباط.