لم تتسول حسنية أكادير امتيازات، ولم تطلب صدقة، بل رفعت صوتها لتدق ناقوس الخطر، محذّرة من وضع يهدد عدالة المنافسة وشرعية التباري وتكافؤ الفرص الذي هو  أساس كل منظومة رياضية عادلة.

*خالد أشكار

في زمن يُفترض فيه أن يُحترم صوت المؤسسات وتُصان كرامة من يجاهر بالحقيقة، يُفاجَأ المتتبع بأن يُقابل صوت مسؤول غيور من حسنية أكادير بالتأنيب لا بالتقدير، وكأن الإفصاح عن المعاناة أصبح جرمًا يستوجب العقاب.

لم تتسول حسنية أكادير امتيازات، ولم تطلب صدقة، بل رفعت صوتها لتدق ناقوس الخطر، محذّرة من وضع يهدد عدالة المنافسة وشرعية التباري وتكافؤ الفرص الذي هو  أساس كل منظومة رياضية عادلة.

نستغرب، بكل وضوح، تطبيق هذا القرار المفاجئ بفرض نظام مباريات السد بعد ثلاثين سنة من التوقف، وفي سنة استثنائية تعيش فيها كرة القدم الوطنية ظروفاً خاصة من واستعدادات قارية وعالمية، سواء لكأس إفريقيا أو كأس العالم. فالفريق وجد نفسه ضحية قرارات مرتجلة: من إغلاق الملاعب دون توفير بدائل، إلى فرض نظام “مباريات السد”، في غياب رؤية استباقية أو تخطيط مسؤول من الجهاز الوصي على كرة القدم.

نظام الدوريات الخمس الكبرى واضح وبسيط: 18 أو 20 فريقاً، ثلاثي ينزل مباشرة، وثلاثي آخر يصعد عبر منافسات بلاي أوف خاصة بالقسم الثاني وحده، دون أن يتبارى مع أندية القسم الأول، ضماناً لمبدأ تكافؤ الفرص واحتراماً لمجهود موسم كامل.أما نحن، نجد أنفسنا في بطولة من 16 فريقاً، مهددين بنزول أربع أندية، في مخالفة صريحة لروح العدالة الرياضية ومعايير المنافسة الشريفة المعتمدة عالمياً.

ثم نسأل: هل هذا هو النظام الذي سيواكب اتفاقياتكم مع لاليغا؟ هل هذه هي الصورة التي نريد تصديرها؟ نظام يفتقر للوضوح، للعدالة، وللرؤية المستقبلية؟

أما عن مداخيل الجمهور، ففريق حسنية أكادير كان دوماً وفياً لجمهوره العظيم، الذي لا يقدر بثمن، ولم يكن يوماً ممن يشتكون من مداخيل الجماهير على مر التاريخ كما فعلت أندية أخرى. جمهورنا قيمة مضافة لا رقم في موازنة، وهو جزء من كرامة هذا النادي وتاريخه. ونحن الفريق الوحيد الذي يتعرض دائما وعلى طول الموسم لانتقادات قوية واحتجاجات جماهيره، دون أن نشتكي من ذلك لأننا نعلم أن الأمر ناتج عن حبهم الكبير لهذا الكيان.

ورغم كل هذا، يُقال اليوم إن الفريق “عُوِّض” بمليار سنتيم، وكأن المال قادر على ترميم ما هدمه الترحال القسري، أو تعويض فقدان الجمهور والانتماء والدفء المعنوي. والحقيقة أن الحسنية ليست في حاجة لتعويضات مالية، فهي تتوفر على محتضن رسمي دعمها بما يكفي، بل هي في حاجة قبل كل شيء إلى مبدأ تكافؤ الفرص، ذاك الذي غاب هذا الموسم في صمت مريب، ووسط تجاهل غير مبرر.

المؤسف أن من يُفترض فيه حماية العدالة الكروية، ردّ على صوت الحقيقة بالتأنيب، مختارًا قمع المطالب المشروعة بدل التعامل معها بمسؤولية ونضج.

نقولها بكل وضوح: لن نصمت حين يُهان نادٍ بتاريخ الحسنية، ولن نتردد في الدفاع عنه باستماتة، لأنه ليس مجرد فريق، بل كيان يحمل وجدان جهة بأكملها.

*مسير كروي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *