رغم أنها توارت نسبيا نحو الخلف لصالح مدن سياحية أخرى على غرار مراكش، وأكادير، والصويرة، إلا أن العاصمة العلمية فاس لم تفقد سحرها ومكانتها باعتبارها ضمن الوجهات السياحية الأساسية بالمغرب. فما تزال مدينتها العتيقة المصنفة ضمن الإرث الإنساني العالمي من طرف اليونسكو وآثارها المتنوعة وأماكنها الناطقة بعبق التاريخ تبوح بأسرارها التي لا تنتهي.
فاس مرشحة للعودة بقوة إلى الواجهة السياحية، بمناسبة احتضانها لمباريات كأس افريقيا للأمم 2025 ومباريات “مونديال 2030″، لكن قبل ذلك، وبالتزامن مع افتتاح ملعب الحسن الثاني بحلته الجديدة بعد إتمام أشغال الترميم والتحديث التي استمرت لأكثر من 13 شهرًا، أعاد مقال نشرته صحيفة “ذا ديلي تلغراف” البريطانية، إلى الواجهة، ما تتميز به المدينة من مؤهلات سياحية متفردة، حيث أشادت بسحر المدينة العريقة وبمدينتها العتيقة، وبحرفها التقليدية، والتاريخ، والروحانية.
وسلطت الصحيفة في تقرير نشرته، أول أمس السبت، الضوء على متاحف المدينة وشخصياتها، متحدثة عن متحف البطحاء، القصر السابق المحاط بحدائق أندلسية، معتبرة أنه مكان يستعرض أزيد من ألف سنة من التاريخ، تتقاطع فيه مسارات السلالات الحاكمة والهجرات وتطور العلم والصناعات اليدوية.
وكتبت ”ذا ديلي تلغراف”: “تحت الأسقف الخشبية المصنوعة من أرز الأطلس والمزخرفة بألوان زاهية، يكتشف الزائر أسطرلابات قديمة، ومخطوطات طبية مزوقة، وقفاطين مطرزة بالذهب، وزليجا فاسيا من أرقى ما يكون، في تجسيد للتفوق العلمي والفني للمدينة”.
وتوقفت الصحيفة عند عدد من الشخصيات البارزة التي بصمت تاريخ فاس، من بينها المولى إدريس الثاني، والسيدة فاطمة الفهرية، “المرأة التي أسست جامعة القرويين قبل أكثر من مئتي سنة من إنشاء أول جامعة أوروبية”.
ويتابع المصدر “من باب بوجلود إلى الطالعة الكبيرة، تزخر الحياة اليومية بمشاهد نابضة، تتيح للزائر تأمل الساعة المائية الذكية من العصر الوسيط، والمدرستين العتيقتين: البوعنانية والعطارين، قبل أن يصل إلى سوق العطور قرب زاوية مولاي إدريس الثاني، حيث تفوح روائح البخور والشموع وماء الزهر”.
ويختم التقرير رحلته في حدائق جنان السبيل، خلال فعاليات مهرجان فاس للموسيقى الروحية، حيث “ينشد الصوفيون القادمون من السنغال، ويرقص راقصو الفلامنكو الإسبان تحت ضوء الفوانيس”.
ووصفت الصحيفة البريطانية هذا المشهد بأنه “جميل، آسر، ولا مثيل له”، مؤكدة أن فاس، من خلال ثقافتها ومطبخها وحرفها التقليدية، “آلة للسفر عبر الزمان والمكان، تكافئ كل من يبطئ الخطى ويغوص في تفاصيل أزقتها”.