شهدت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، اليوم الخميس، جلسة محاكمة مثيرة للجدل شملت محمد كريمين، البرلماني الاستقلالي السابق، ورئيس جماعة بوزنيقة سابقا، الملقب بـ”إمبراطور بوزنيقة”، وعبد العزيز البدراوي، الرئيس الأسبق لنادي الرجاء البيضاوي، وصاحب شركة “أوزون” للنظافة، إلى جانب المهندس مصطفى الطنجي، المهندس السابق بجماعة بوزنيقة، وذلك على خلفية اتهامات تتعلق بتدبير قطاع النظافة بالجماعة نفسها.
وخلال الجلسة، طالب دفاع”إمبراطور بوزنيقة” بإبطال محاضر الضابطة القضائية التي أعدتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، مشيرًا إلى وجود خروقات قانونية، منها غياب التواريخ والساعات في محاضر الاستماع، وعدم إشعار المشتبه فيه بحقه في التزام الصمت. كما أشار الدفاع إلى أن بعض الوقائع التي سبق لعناصر الدرك الملكي التحقيق فيها تم ضمها لهذا الملف، مما يُعد مخالفًا للمساطر المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية.
ومن جانبه، رفض النقيب محمد حيسي، دفاع صاحب شركة “أوزون” للنظافة، تقديم دفوع شكلية، معتبرًا ذلك جزءًا من استراتيجية تدبير القضية.
أما دفاع المهندس مصطفى الطنجي، فطالب باستدعاء الشاهد الرئيسي في الملف، (م.ح) مؤكدًا أن شهادته حاسمة نظرًا لتتبعه الصفقات العمومية ومراقبته لأوراش الجماعة، مستندًا في ذلك إلى الفصل 287 من قانون المسطرة الجنائية.
وفي المقابل، شددت النيابة العامة على قانونية المحاضر المنجزة، معتبرة أن الخروقات المزعومة لم يتم إثباتها بشكل واضح، مما لا يبرر المطالبة بإبطاله.
تهم ثقيلة
وكانت الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قد وجهت يوم الـ9 من يناير الماضي، لكل من البدراوي وكريمين، رسميا تهم تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ، بعدما حسمت في كل ما تقدمت به النيابة العامة وقاضي التحقيق بالاستئناف، من تهم وطعون.
وجاء قرار الغرفة الجنحية، بعد مسار طويل من الاستنطاق مع محمد كريمين، بصفته الرئيس السابق لجماعة بوزنيقة، وعزيز البدراوي، بصفته كمستثمر رفقة موظفين سابقين بجماعة بوزنيقة.
وقررت الغرفة ذاتها، متابعة كل من محمد كريمين عزيز البدراوي، من أجل جنحة استغلال النفوذ الغرض منه القيام بعمل يشكل جناية التبديد، والتصريح بمتابعته من أجل ذلك طبقا للفصلين 129 و250 و252 من القانون الجنائي.
إيداع البدراوي وكريمين سجن عكاشة
وتم، في الساعات الأولى من الجمعة 9 فبراير 2024، إيداع كل من محمد كريمين، وعبد العزيز البدراوي، السجن المحلي عين السبع “عكاشة”.
وجاء ذلك بعدما أعطى قاضي التحقيق باستئنافية الدار البيضاء تعليماته من أجل وضع كل محمد كريمين وعبد العزيز البدراوي، السجن المحلي بعين السبع “عكاشة”، عقب الاستماع إليهما في شبهة تلاعبات في صفقة النظافة بجماعة بوزنيقة التي كان يرأسها كريمين قبل عزله من طرف وزارة الداخلية.
وكانت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، قررت مساء الثلاثاء 6 فبرير 2024، تمديد الحراسة النظرية في حق المتهمين لمدة 48 ساعة إضافية.
كريمين سبق العرس بليلة
واستبق كريمين، في وقت سابق قرار المحكمة الدستورية بالتجريد من عضوية البرلمان، بعدما أحال مكتب مجلس النواب ملفه عليها من أجل اتخاذ المتعين بشأنه، منذ إصدار قرار عزله من رئاسة جماعة بوزنيقة.
وكانت المحكمة الادارية بالدار البيضاء، قد قررت يوم الأربعاء 03 ماي 2023، عزل محمد كريمين، رئيس مجلس الجماعة الترابية لبوزنيقة من مهمة رئاسة المجلس بعد أزيد من 20 سنة من تسيير شؤون المدينة، بناء على الطلب الذي تقدم به عاملها إقليم بنسليمان، مع ما تترتب عن ذلك من آثار قانونية مع النفاذ المعجل.
جمعية حماية المال العام تعلق
وجاءت أولى الردود وأقواها، من لدن، محمد الغلوسي، المحامي المتخصص في قضايا مكافحة الفساد، ورئيس جمعية حماية المال العام.
وقال الغلوسي، “لقد، تم إعتقال عزيز البدراوي صاحب المقاولة المسيطر على صفقات التدبير المفوض في مجال النظافة والمعروف بإنتهاكه لحقوق العمال والتنكيل بهم وطرد كل عامل يريد أن يرفع رأسه في مواجهة تسلطه الذي استمدّه من علاقاته المتشعبة مع بعض رؤساء الجماعات وبعض رجال السلطة”.
وأفاد، الغلوسي، أن اعتقال كريمين، “جاء على خلفية التعليمات الصادرة عن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء”.
وعلق في تدوينة له على الخبر قائلا، “هي قرارات لا يمكن إلا أن نثمنها، ونتمنى أن يستمر هذا التوجه من أجل مكافحة الفساد ونهب المال العام والقطع مع الإفلات من العقاب”.
وأضاف، “ولكي يكون لهذه القرارات صدى وأثر في المجتمع لابد من حجز ممتلكات وأموال لصوص المال العام في افق مصادرتها”.
وشدد على أن قوة الدولة وهيبتها، “رهين بتمنيع المؤسسات ضد الفساد والرشوة ومحاسبة المفسدين وربط المسؤولية بالمحاسبة وتجريم الإثراء غير المشروع”.
وقال، “لا نشعر بأي حرج لكي نقول بأن العمل الذي تقوم به الأجهزة الأمنية والسلطة القضائية هو عمل مهم وضروري ويجب أن يستمر بكل الحزم والصرامة وأن يتسم بالإستدامة والشمولية دون أي تمييز أو إنتقائية وأن يمتد إلى كل المدن من أجل التصدي للفساد والإفلات من العقاب حتى لا تسطو شبكات الفساد على مؤسسات الدولة وتحولها لخدمة أجنداتها”.