شكل هذا القرار ضربة موجعة للمضاربين الذين دأبوا على استغلال اقتراب العيد لرفع أسعار الأضاحي، مما ينعكس بدوره على أسعار اللحوم الحمراء في السوق.

جمال بورفيسي

ساهم القرار الملكي القاضي بإلغاء شعيرة ذبح أضحية عيد الأضحى لهذه السنة في كبح ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، حيث شهدت الأسواق استقرارًا ملحوظًا بفعل تراجع الطلب ووفرة العرض. 

وقد شكل هذا القرار ضربة موجعة للمضاربين الذين دأبوا على استغلال اقتراب العيد لرفع أسعار الأضاحي، مما ينعكس بدوره على أسعار اللحوم الحمراء في السوق.

وتسجل محلات الجزارة وأسواق بيع اللحوم إقبالًا عادياً في مختلف المدن المغربية، وهو ما ساعد على الحفاظ على استقرار الأسعار، وسط ارتياح شعبي واسع عبّر عنه المواطنون، الذين رأوا في القرار الملكي خطوة حكيمة خفّفت الضغط عن قدرتهم الشرائية في ظل سياق اقتصادي صعب.

وبحسب عدد من المهنيين، فقد تراجعت أسعار اللحوم الحمراء بأسواق الجملة بجهة الدار البيضاء-سطات بما يقارب النصف، حيث انخفضت من 120 إلى 130 درهمًا للكيلوغرام الواحد، إلى ما بين 60 و70 درهمًا، نتيجة القرار الملكي الذي قلّل الطلب المعهود في هذه المناسبة.

ويُعزى هذا التراجع بالأساس إلى التوجيه الجماعي للمربين بتصريف أعداد كبيرة من الماشية، التي كانت مخصصة أساسًا لسوق العيد، نحو الأسواق العادية، ما أدى إلى وفرة في العرض وساهم في تراجع الأسعار.

ويتوقع المهنيون أن تستمر هذه الدينامية خلال الأسابيع المقبلة، مع تعزيز استقرار الأسعار وتخفيف تداعيات الغلاء الذي شهدته الأسواق خلال الأشهر الماضية، خصوصًا في قطاع اللحوم.

وكان جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، قد دعا المواطنين في نهاية فبراير الماضي إلى التخلي عن ذبح الأضاحي هذه السنة، اعتبارًا “لما تواجهه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية”.

وجاء في الرسالة الملكية، التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق:

“لهذه الغاية، وأخذًا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررًا محققًا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود. ومن منطلق الأمانة المنوطة بنا في إقامة شعائر الدين وفق ما تتطلبه الضرورة والمصلحة الشرعية، وما يقتضيه واجبنا في رفع الحرج والضرر وتحقيق التيسير، والتزامًا بما ورد في قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، فإننا نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة”.

وقد لقي القرار تجاوبًا واسعًا من المواطنين، الذين اعتبروه استجابة واقعية لظروف المرحلة، وحمّلوه دلالات اجتماعية وإنسانية عميقة تعبّر عن قرب المؤسسة الملكية من نبض المواطن وهمومه اليومية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *