اليوم، يعود قادت “البيجيدي”، للحديث بلغة فقدت كل مصداقية، تمامًا كما فقدوا ثقة المواطنين، وهو ما عبّرت عنه نتائج انتخابات 2021، وتكرّر في مختلف الانتخابات الجزئية التي عرفتها عدة دوائر وجماعات.
جمال بورفيسي
شهدت العاصمة الاقتصادية، الخميس، إنزالًا لافتًا لقيادة حزب العدالة والتنمية، بمناسبة احتفالات فاتح ماي.
لقد بدا جليًا أن الغرض الأساسي من هذا الحضور المكثف لم يكن الاحتفاء بعيد الشغل، بقدر ما كان مناسبة للهجوم على الحكومة الحالية، والطعن في إنجازاتها الاجتماعية والاقتصادية، رغم السياق الصعب الذي تولّت فيه تدبير الشأن العام عقب انتخابات 2021.
أطلقت قيادة الحزب العنان لخطاب مليء بالتضليل والافتراء، في محاولة لاستعادة بعض من وهج فقدته، رغم أن الحزب ذاته تولى تدبير الشأن الحكومي لأكثر من عقد من الزمن، وأسفر عن حصيلة اجتماعية واقتصادية وُصفت في أكثر من مناسبة بـ”الكارثية”. واليوم، يعود قادته للحديث بلغة فقدت كل مصداقية، تمامًا كما فقدوا ثقة المواطنين، وهو ما عبّرت عنه نتائج انتخابات 2021، وتكرّر في مختلف الانتخابات الجزئية التي عرفتها عدة دوائر وجماعات.
ما معنى أن يتحدث بعضهم من على منصات الخطابة، في احتفالات فاتح ماي 2025 بالدار البيضاء، عن “فشل الحوار الاجتماعي”، والحال أن الحكومة الحالية هي التي أعادت الحياة إلى هذا الحوار بعد أن عطّلته حكومتهم لسنوات؟ وما معنى الحديث عن “استمرار الاحتقان”، في وقت كان فيه احتقان الشارع سمة بارزة في عهد “البيجيدي”، بفعل الشلل الذي أصاب الحوار الاجتماعي، ورفض الحكومة السابقة التجاوب مع مطالب النقابات، ما دفع هذه الأخيرة إلى مقاطعة جلسات الحوار ورفع وتيرة الإضرابات والمسيرات الاحتجاجية؟
كما يُطرح تساؤل مشروع حول الدعوة التي أطلقها إدريس الأزمي الإدريسي، النائب الأول للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى “إلغاء الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني وإغلاق مكتب الاتصال”، في حين أن التوقيع على هذه الاتفاقيات تمّ في عهد حكومته، وبمباركة واضحة من قيادته.
اللافت أيضًا هو الاستغلال المكشوف للقضية الفلسطينية، التي تحوّلت في خطابات الحزب إلى أداة للمزايدة السياسية ومحاولة يائسة للنيل من الحكومة الحالية، في وقت يعلم فيه الجميع أن هذا الحزب فشل في تقديم أي قيمة مضافة خلال عشر سنوات من التدبير، ويحاول اليوم إخفاء إخفاقاته عبر توجيه الأنظار إلى ملفات خارجية.
مهما اجتهد قادة “البيجيدي” في محاولة استغباء المواطن، فإن هذا الأخير أذكى مما يتصورون، وذاكرته السياسية لم تنسَ بعد ما عايشه في سنوات التراجع والتقشف والاحتقان. أما موعد 2026، فسيكون الفيصل في كشف من يحتفظ بمصداقيته ومن أفقدته المناورات السياسية ثقة الشارع نهائيًا.