بعد فشلها السابق، تحوّل تلويح المعارضة بفزاعة ملتمس الرقابة، لدى بعض مكوناتها، إلى ورقة ضغط تستخدم لتسجيل المواقف أكثر من كونها أداة رقابية جدية.
جمال بورفيسي – le12.ma
عادت المعارضة البرلمانية، مجددًا، إلى التلويح بملتمس الرقابة في وجه الحكومة، في خطوة باتت توصف لدى بعض المتابعين بـ”المناورة السياسية” التي تروم الضغط على الأغلبية ومحاولة لفت الانتباه إلى حضورها الباهت في المشهد السياسي خلال الولاية التشريعية الحالية.
وتأتي هذه المبادرة بعد فشل المحاولة السابقة التي تقدم بها الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، والتي لم يكتب لها النجاح بسبب غياب الجدية في توقيتها، حيث تزامنت مع استعداد الحكومة لتقديم حصيلة منتصف الولاية.
كما أثار هذا الطرح تحفظات من داخل المعارضة نفسها، إذ عبّر أحد زعماء الأحزاب المعارضة عن تشككه في خلفيات التحرك الذي قاده الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر.
في هذا السياق، كان محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، قد طالب، وسط الجدل حول تعديل حكومي مرتقب آنذاك، بموقف واضح من الاتحاد الاشتراكي يؤكد عدم انخراطه في أي مشاورات تتعلق بالتعديل، باعتبار أن هذا الأمر يخص الأغلبية فقط. غير أن أوزين لم يتلقّ أي جواب في حينه.
وتتكون المعارضة البرلمانية من كل من الاتحاد الاشتراكي، الحركة الشعبية، حزب التقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية.
وقد عانت هذه المكونات من ضعف تنسيقها وعجزها عن أداء أدوارها الدستورية كقوة اقتراحية ورقابية قادرة على مواجهة الحكومة وتقديم بدائل واقعية.
وغالبًا ما اكتفت المعارضة، حسب بعض المتابعين، بانتقاد “هيمنة” الحكومة وتوظيف أغلبيتها العددية لتمرير مشاريعها، دون أن تقدم أداءً معارضًا فعالًا.
وقد تحوّل ملتمس الرقابة، لدى بعض مكوناتها، إلى ورقة ضغط تستخدم لتسجيل المواقف أكثر من كونها أداة رقابية جدية.
وتُطرح اليوم تساؤلات عديدة حول مدى جدوى تحريك هذه الورقة في السنة الأخيرة من عمر الحكومة، لا سيما في ظل غياب أسباب موضوعية أو طارئة تبرر تقديم ملتمس الرقابة، في وقت تقترب فيه الحكومة من استكمال ولايتها بحصيلة توصف من قبلها بـ”الإيجابية” على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة، في ظل الظرفية الحالية، ليست سوى محاولة لتغطية الإخفاقات وتفادي المساءلة السياسية من لدن الرأي العام والناخبين، خاصة أن بعض أطراف المعارضة كانت تطمح في وقت سابق للانضمام إلى الحكومة عبر التعديل الذي جرى في أكتوبر الماضي، لكنها بقيت على الهامش، ما زاد من حدة التوتر داخلها.
ويُذكر أن الفصل 105 من الدستور المغربي ينص على أن “لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، بالتصويت على ملتمس للرقابة؛ ولا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. ولا تصح الموافقة عليه إلا بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس”.
أما المادة 252 من النظام الداخلي لمجلس النواب، فتنص على أن يُودع ملتمس الرقابة لدى رئيس المجلس في شكل مذكرة مفصلة مرفقة بأسماء وتوقيعات الموقعين، مع تحديد انتماءاتهم الحزبية أو وضعهم كأعضاء غير منتسبين، ويُأمر بنشر الملتمس في محضر الجلسة، والنشرة الداخلية للمجلس، وموقعه الإلكتروني.
