محجوب البرش السباعي، تؤكد حكايته، مع ابن كيران وصحبه، أن حزب العدالة والتنمية «إختطف» سرا منذ الشرعية، من بين أيدي قادته الحقيقيين.
لا بل تؤكد، أنه لولا الكولسة والتآمر، ما كان ابن كيران، وصحبه شيئا مذكورا في المشهد الحزبي.
البرش السباعي، الذي يرى بعض مما ينظرون إلى تاريخ حزب العدالة والتنمية بأعين الامانة والإنصاف، أن هذا المناضل الوطني الصادق، كان بالإمكان أن يكون اليوم، رجلا من رجالات الصف الاول في حزب «المصباح».
في رسالة له الى من يهمهم الأمر إطلعت جريدة le12.ma، على نسخة منها، يقول البرش السباعي:«كنت عضوا فاعلا في مدينة القنيطرة في جمعية الجماعة الاسلامية نهاية الثمانينات بعد خروج بنكيران و العثماني و يتيم و غيرهم من جماعة الشبيبة الاسلامية…. و هذه هي بداية الجماعة التي صارت حزبًا..».
الرباط – جواد مكرم le12.ma
في رسالة عاصفة، فضح القيادي وأحد أبرز الجيل المؤسس في حزب العدالة والتنمية، محجوب البرش السباعي، ورئيس مركز رأس بوجدور للأبحاث والدراسات، ما وصفه بـ”خديعة تنظيمية” دبّرها قادة الصف الأول داخل الحزب، وعلى رأسهم عبد الإله ابن كيران وسليمان العمراني، لإجباره على تقديم استقالته من الحزب سنة 2011، رغم إنصافه بقرار صادر عن هيئة التحكيم التي كان يرأسها آنذاك سعد الدين العثماني.
السباعي، الذي يُعتبر من الوجوه التنظيمية البارزة في بدايات “البيجيدي”، أكد أنه تعرّض لـ”غدر منظم” تقف وراءه شخصيات نافذة في الحزب، بينهم الراحل عبد الله باها والحبيب الشوباني وعبد الله بوانو، الذين “أوصوا باستقالتي ضمن مناورة داخلية”، حسب تعبيره. وقال: “خدعونا بالله فانخدعنا لهم…”.
وفي سياق حديثه، قدّم السباعي سرداً تاريخياً لمساهمته في بناء الحركة الإسلامية بالمغرب، بدءاً من انخراطه في جمعية الجماعة الإسلامية بالقنيطرة أواخر الثمانينيات، مروراً بتأسيس فصيل “الطلبة التجديديين” سنة 1992، وانخراطه في المسار الاندماجي بين حركة الإصلاح والتجديد ورابطة المستقبل الإسلامي، إلى جانب شخصيات مثل الشيخ أحمد الريسوني ومصطفى الرميد وعبد الرزاق المروري.
كما أشار إلى أنه كان من أوائل من التحقوا بـ”الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية” بزعامة الدكتور الخطيب، وساهم في ترجمة الوثائق المرجعية للحزب إلى الإنجليزية، بل وشارك في تأسيس الهياكل الإقليمية للحزب بعد تغيير اسمه إلى “العدالة والتنمية”.
ورغم هذا المسار الطويل، قال السباعي إنه اضطر للاستقالة سنة 2011 عقب ما وصفه بـ”معركة صفّين” تنظيمية داخل الحزب. وأضاف: “منذ ذلك الحين، والكولسة التنظيمية، التي كان يرعاها ابن كيران والعمراني، مستشرية في كل هياكل الحزب”، مؤكداً أن فضح هذه الأساليب منذ سنة 2009 أدى إلى موجة من الاستقالات الفردية والجماعية، وتسريبات متكررة للصحافة.
المثير في تصريحات السباعي أيضاً، كشفه عن خلاف شخصي حاد مع عبد الإله ابن كيران، بلغ حد تبادل السبّ والشتم داخل سيارة هذا الأخير، قائلاً: “سبني فسببته، وغادرت السيارة غاضباً إلى القنيطرة”.
ورغم كل ذلك، شدد السباعي على احتفاظه بمشاعر التقدير تجاه غالبية من عرفهم في الحزب، باستثناء “المكولسين”، حسب وصفه، مشيراً إلى أن بعض أفراد عائلته ما زالوا داخل الحزب، وبينهم برلمانيون سابقون وحاليون.

قراءة نقدية
تفتح تصريحات السباعي، مرة أخرى، ملف أخلاقيات العمل السياسي داخل حزب العدالة والتنمية، وتعيد إلى الواجهة إشكالية الكولسة التنظيمية التي لطالما اتُّهِم بها قادة الحزب خلال فترات الأزمات والاستقالات المتكررة.
كما تعكس هذه الشهادة تحوّلاً عميقاً في الخطاب الداخلي للتيارات الإسلامية المغربية، حيث تنتقل من منطق التماسك الإيديولوجي إلى منطق التفكك التنظيمي، في ظل صراعات على الشرعية والنفوذ داخل البيت الواحد.
وتُعد شهادة السباعي وثيقة سياسية بامتياز، تُسائل التاريخ الداخلي لـ”البيجيدي”، كما تفتح نقاشاً حقيقياً حول حدود الديمقراطية الداخلية في الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، حين تصطدم الشعارات بقواعد الممارسة.