سي بن كيران، مع كامل الاحترام، حتى الأب في زمننا هذا لم يعد يصف ابنه بهذه الأوصاف، فكيف يحق لسياسي أن يخاطب شعباً بأكمله بهذا الأسلوب؟.
* رشيد الوالي
لستُ سياسياً، ولا أنتمي إلى أي حزب، لكنني مواطن مغربي، أحب وطني، وأفتخر بقضاياه، وأؤمن بأن التعبير عن الرأي حق، وأن احترام الرأي الآخر واجب.
ولهذا، شعرتُ بالحزن وأنا أستمع إلى تصريحات السيد عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وهو يصف بعض المغاربة بـ”الميكروبات” و”الحمير”، فقط لأنهم عبّروا عن رأيهم بأن القضية الوطنية تأتي أولاً بالنسبة لهم، دون أن ينقص ذلك من تضامنهم مع القضية الفلسطينية، التي لم يعترضوا يوماً على دعمها، والتي ينوب عنهم فيها ملكهم، بإرسال المساعدات وفتح المستشفيات وغيرها من أشكال الدعم.
سي بن كيران، مع كامل الاحترام، حتى الأب في زمننا هذا لم يعد يصف ابنه بهذه الأوصاف، فكيف يحق لسياسي أن يخاطب شعباً بأكمله بهذا الأسلوب؟.
كيف يمكن لرجل تقلّد مسؤولية رئاسة الحكومة يوماً ما أن يسمح لنفسه بأن ينزلق إلى هذا المستوى من الخطاب؟ حتى لو كانت هناك اختلافات، وحتى لو كنتَ على حق، فهناك دائماً كلمات تحفظ الكرامة، وتُبقي للّغة معناها الإنساني.
الخطاب السياسي يجب أن يكون مبنياً على الرصانة، لا على الانفعال. على الحكمة، لا على الشتائم. وإن كان العمر أو الضغط قد جعلك تفقد صبرك أمام الميكروفون، فربما آن الأوان لتترك المجال لدماء جديدة، لخطاب جديد، أكثر احتراماً، أكثر وعياً، وأكثر نضجاً.
لا أحد ينكر أنك عشت محطات قدّرتها فئة من المغاربة، لكنها لن تبقى في الذاكرة إذا غطّى عليها هذا النوع من التصريحات. فالتاريخ لا يرحم، والمغاربة لا ينسون الكلمة الجارحة.
سيدي الكريم، نحن في زمن نحتاج فيه إلى لغة تجمع، لا تفرّق. إلى كلمات تبني، لا تهدم. إلى قادة يُحسنون الإصغاء أكثر مما يكثرون من الكلام. وإن كنت ترى أن السياسة اليوم لم تعد تسعك، فانسحب في صمت، ودع الناس يذكرونك بالخير، لا بالإهانة.
هذه رسالة من فنان مغربي يؤمن أن الكلمة الطيبة، هي التي تخلّد الإنسان في قلوب الناس.
كما يقول المغاربة: “الفم اللي يقول الزمر يقول التمر.”
*فنان مغربي