تشكل ذكرى فاتح ماي مناسبةً للوقوف على ما قدمته حكومة عزيز أخنوش لفائدة الطبقة الشغيلة، رغم حملات الاستهداف الممنهجة التي تتعرض لها من بقايا تيار “الدجل السياسي”
رغم تعدد الأزمات التي واجهتها، من تداعيات جائحة كورونا إلى التضخم المستورد، ومن الجفاف إلى الزلزال، فضلًا عن تركة عقدٍ من السنوات العجاف، تبقى هذه الحكومة الأكثر جرأة في زيادة الأجور في تاريخ الحكومات المغربية، والأشدّ اهتمامًا بالطبقة الشغيلة. ويكفي تذكّر فترة “عفا الله عما سلف”، حيث توقفت الزيادات، وتجمّد الحوار الاجتماعي، وتعرضت المكتسبات الاجتماعية لهزّات قوية.
تشكل ذكرى فاتح ماي مناسبةً للوقوف على ما قدمته حكومة عزيز أخنوش لفائدة الطبقة الشغيلة، رغم حملات الاستهداف الممنهجة التي تتعرض لها من بقايا تيار “الدجل السياسي” وبعض الطامحين للعودة إلى السلطة بأي ثمن، ولو عبر التضليل، وترويج المغالطات، أو توظيف الأزمات المناخية والاقتصادية لتبخيس منجزات لم يُتحقق مثلها في أقل من ولاية حكومية.
هذه الحكومة كانت السباقة إلى تثمين مهنة التدريس، فرفعت أجور رجال ونساء التعليم بزيادة صافية تتراوح بين 1,500 و2,000 درهم لفائدة 340 ألف مدرس وإطار تربوي وإداري، كما صرفت تعويضات للأطر الإدارية استفاد منها 20 ألف شخص، بكلفة إجمالية تفوق 17.5 مليار درهم.
وأنهت نظام “التعاقد” المهين الموروث عن حكومتي العدالة والتنمية، وأدمجت جميع العاملين في قطاع التربية الوطنية ضمن أسلاك الوظيفة العمومية، وأحدثت درجة استثنائية فوق “خارج السلم” لفائدة 80 ألف موظف وموظفة في التعليم الابتدائي والإعدادي.
أما في قطاع الصحة، فقد رفعت الحكومة أجور الأطباء بما يصل إلى 3,800 درهم شهريًا لفائدة 15,534 طبيبًا، وزادت أجور الممرضين بـ1,500 درهم، والإداريين بـ1,200 درهم، وأقرت نظامًا أساسيًا جديدًا للملحقين العلميين تضمن زيادة صافية قدرها 1,800 درهم شهريًا، بكلفة سنوية إجمالية تقارب 3.5 مليار درهم.
كما أصدرت قانون الوظيفة الصحية لتعزيز جاذبية هذا القطاع، واضعةً نظامًا جديدًا للأجور يتضمن جزءًا ثابتًا وآخر متغيرًا مرتبطًا بحجم العمل المنجز، مما أتاح تعويضات إضافية تنضاف إلى الراتب الشهري.
وفي مجال التعليم العالي، أنصفت الأساتذة الباحثين من خلال زيادة قدرها 3,000 درهم في أجور 19,050 أستاذًا باحثًا، بكلفة إجمالية بلغت 2 مليار درهم، إضافة إلى تخويلهم أقدمية اعتبارية لتسريع مسارهم المهني.
كما خصّت العاملين في قطاع الصحافة بزيادة قدرها 2,000 درهم، تقديرًا لدورهم في تطوير الإعلام الوطني.
ومن أبرز القرارات، الزيادة العامة في الأجور لجميع موظفي الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية، بمعدل شهري صافٍ قدره 1,000 درهم، ما أدى إلى رفع متوسط الأجر الصافي في القطاع العام من 8,237 درهم سنة 2021 إلى 10,100 درهم سنة 2026.
وتميّزت الحكومة بشجاعة إصلاح الضريبة على الدخل، مما أتاح زيادات شهرية تراوحت بين 300 و400 درهم في أجور الموظفين والأجراء، بتكلفة مالية قدرها 6 مليارات درهم.
كما رفعت الحد الأدنى للأجور في الوظيفة العمومية من 3,000 درهم سنة 2021 إلى 4,500 درهم ابتداء من يوليوز المقبل، بزيادة تقارب 50%. ورفعت الحد الأدنى للأجر في القطاع غير الفلاحي بنسبة 20% ليصل إلى 3,266 درهم، وفي القطاع الفلاحي بنسبة 25% ليبلغ 2,400 درهم، تمهيدًا لتوحيد الأجر الأدنى في كل القطاعات بحلول 2028.
أما المتقاعدون، فقد استفادوا من قرار تاريخي، إذ تم تخفيض الحد الأدنى للاشتراك في الضمان الاجتماعي من 3,240 يومًا إلى 1,320 يومًا فقط، ما مكّن 200 ألف شخص من الحصول على معاش بعد أن كانوا مهددين بالإقصاء، فضلًا عن تمكين غير المستوفين لهذا الحد من استرجاع اشتراكاتهم وحصة المشغّل، بتكلفة إجمالية قدرها 9.5 مليار درهم، تعادل تقريبًا ميزانية نظام “AMO تضامن”.
كما فتحت الحكومة ورش إصلاح النظام الأساسي لموظفي الجماعات الترابية، وسعت إلى تحسين الأنظمة الأساسية المشتركة بين الوزارات، ومراجعة وضعية مفتشي الشغل وتحسين شروط عملهم.
ورغم حملات التشويش والتبخيس، فإن الأرقام لا تكذب: فقد بلغت الكلفة الإجمالية لهذه التدابير 45.7 مليار درهم، ترتفع إلى 55.2 مليار درهم باحتساب إصلاح نظام التقاعد، أي ما يفوق ميزانية بناء وتأهيل ملاعب مونديال 2030 في المغرب وإسبانيا والبرتغال مجتمعة.
إن هذه الأرقام تعكس إرادة سياسية حقيقية، وفعالية قيادية واضحة في معالجة الملفات الموروثة، ورفع الحيف عن فئات واسعة من المغاربة، عبر مأسسة الحوار الاجتماعي والالتزام بمخرجاته، مما يجعل هذه التجربة الحكومية مثالًا على النجاح، رغم كل العواصف.
وستبقى هذه الإنجازات راسخة في الذاكرة الجماعية للوطن، وشاهدة على حكومة اجتهدت لدعم القدرة الشرائية، وتحسين العيش الكريم للمواطنين، في زمن الأزمات.
ـ منير الأمني