لماذا لم يطالب بنعبد الله ابن كيران باحترام الطبقة العاملة وتفعيل الحوار الاجتماعي.. ولماذا لم ينصحه؟، كما يفعل اليوم مع الحكومة الحالية، بتشجيع المفاوضات والاتفاقيات الجماعية التي أدخلها ابن كيران إلى الثلاجة.. ؟.

جمال الريفي -le12.ma 

في تصريح صادر عن المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية بمناسبة اليوم العالمي للعمال، فاتح ماي 2025، وجّه محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام للحزب، انتقادات لاذعة إلى الحكومة الحالية، مقدّماً صورة قاتمة عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، ومتنصبًا نفسه مدافعًا عن الطبقة الشغيلة.

أطلق بنعبد الله العنان للسانه، متحدثًا عن ما سمّاه “الفشل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والحقوقي” للحكومة، وعن “تراجع القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار”، و”تفشي البطالة وفقدان مئات الآلاف من مناصب الشغل”.

لكن لو كان بنعبد الله صادقًا مع نفسه ومع الرأي العام، لآثر الصمت، إذ لا تضاهي محنة العمال والأجراء في عهد حكومة العدالة والتنمية، التي شارك فيها وتولى فيها حقيبة وزارية، أي محنة أخرى، حتى خلال أحلك فترات تاريخ المغرب.

لقد عانت الطبقة الشغيلة خلال تلك المرحلة من ظروف اجتماعية ومهنية قاسية، نتيجة توقف الحوار الاجتماعي، وتعنت الحكومة في فرض قرارات لا شعبية، أبرزها تفكيك صندوق المقاصة و”الإصلاح” الشكلي لصناديق التقاعد.

ومارس عبد الإله ابن كيران، رئيس حكومة “البيجيدي” حينها، سياسة الآذان الصماء تجاه مطالب الشغيلة والفئات المهنية المختلفة، ولم يُقدِم على أي إجراء لتحسين أوضاعها. بل عمد إلى تجميد الأجور والترقيات، مما عمّق من معاناة المواطنين. والأسوأ من ذلك، أنه عبّر بعد مغادرته رئاسة الحكومة عن رفضه التام للزيادة في أجور الموظفين، قائلاً حرفيًا في ماي 2022: “لو كنت رئيسًا للحكومة، لما أضفت ريالًا واحدًا للموظفين”.

قالها دون خجل، في وقت بادرت فيه الحكومة الحالية إلى إطلاق زيادات في الأجور والترقيات، وساهمت في تحسين ظروف عيش آلاف الأسر، بفضل سياسة اجتماعية واضحة لم تكن قطّ ضمن أجندات ابن كيران، ولا نبيل بنعبد الله.

وقد أثارت تصريحات ابن كيران استياءً واسعًا لدى الأجراء والموظفين، ودفعَت زعماء نقابيين إلى الرد عليه بقوة، حيث وصف الميلودي مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، تلك التصريحات بأنها “عار”، مؤكدًا أن العمال هم من “سيحاكمونه”.

إن زعيم التقدم والاشتراكية، وهو ينتقد الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في عهد الحكومة الحالية، كان الأجدر به أن يُذكّر بمسؤولية حكومة ابن كيران، التي شارك فيها، عن التراجع الحاد في القدرة الشرائية، واتساع دائرة الفقر والهشاشة، وتعطيل الحوار الاجتماعي، وتعميق الأزمة التنموية في البلاد.

كان من الأولى أن يُنصف الحكومة الحالية، التي أعادت إحياء الحوار الاجتماعي، بتكلفة مرتقبة تفوق 45 مليار درهم بحلول 2026، ومرشحة لتجاوز 46 مليارًا في 2027. هذا الإنجاز لم يجرؤ ابن كيران على الاقتراب منه، بل عطّله عمدًا.

لماذا لم يُطالب بنعبد الله، حين كان وزيرًا، ابن كيران باحترام الطبقة العاملة؟ ولماذا لم يحثه، كما يفعل اليوم مع الحكومة الحالية، على تفعيل المفاوضات والاتفاقيات الجماعية المجمدة؟ ولماذا لم يُحاسب وزيره آنذاك، عبد السلام الصديقي، على الأداء الضعيف في دعم المقاولات وإصلاح منظومة التقاعد؟.

الجواب واضح: لأن من يفشل في محاسبة نفسه أولًا، لا يملك المصداقية لمحاسبة غيره. 

إيوا فيق ا الرفيق !؟. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *