يؤكد المقربون من الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران، الذي ظل واثقًا من الفوز بعهدة ثانية على رأس الحزب بفضل دعم حوارييه، حب الرجل للسلطة وضعفه أمامها.
الرباط-جريدة le12.ma
خلال ما سمي بواقعة “البلوكاج” عام 2016، والتي كانت في حقيقتها فشلًا لابن كيران في تشكيل الحكومة، كان كثيرون ينتظرون أن يقدم استقالته.
لكن ما حصل هو أن ابن كيران ظل متشبثًا بالبحث عن سبيل لتشكيل حكومته، ما أدى إلى إضاعة وقت سياسي ثمين، حيث ارتخى واستسلم لانتظارية امتدت لشهور.
وقد حاول ابن كيران تقديم هذه الواقعة على أساس أنها نتيجة صراع بين حزب العدالة والتنمية وعزيز أخنوش، رئيس حزب الاحرار.
غير أن مصطفى الرميد، أحد مؤسسي حرس العدالة والتنمية ورجل دولة، فضح حقيقة الأمر في أحد حواراته، معتبرًا أن البلوكاج كان موقفًا شخصيًا لابن كيران، وانتهى بتعيين سعد الدين العثماني رئيسًا للحكومة.
وفي الحوار ذاته، كشف الرميد عن حب ابن كيران للسلطة وتمسكه بها.
في كثير من المناسبات، وجد ابن كيران نفسه في مواقف تستدعي مغادرته رئاسة الحكومة وحتى الزعامة الحزبية، لكنه لم يفعل، بفعل غواية “السلطة” والجاه، وارتباطه بلوبي داخل الحزب يتطلع إلى تحقيق مزيد من المكتسبات داخل دواليب الدولة، بعيدًا عن الانشغالات بتدبير الشأن الحكومي.
ابن كيران يحب السلطة والجاه لأنه شغوف بالأضواء، ويرعبه التواري إلى الخلف.
إنه رجل يخشى التقاعد السياسي، ويخاف أن يطويه النسيان.
فالشخص الذي اعتاد أن يشغل الناس بخطاباته الشعبوية وخرجاته المثيرة، لا يتحمل أن يبقى خارج “السياق”، بعيدًا عن الناس، لذلك ظل متمسكًا بالسلطة الحزبية بعد فقدانه للسلطة الحكومية.
وظل ابن كيران متشبثًا بقيادة الحزب رغم تقدمه في السن وتراجع قوته الجسمانية، مدفوعًا بإغواء السلطة، وإن ادعى أنه لا يرشح نفسه وأن القرار بيد المؤتمرين؛ ادعاء يكرّس حبه للسلطة وسعيه لضمان بقائه زعيمًا للحزب، بعدما تخلص من معارضيه داخل التنظيم، وجمع حوله الموالين والمطبلين له والمقربين منه.
يدرك ابن كيران أنه انتُخب في مؤتمر استثنائي عقب النكسة الانتخابية التي تكبدها الحزب في استحقاقات 2021، ولم ينجح رغم مرور أكثر من أربع سنوات على انتخابه أمينًا عامًا في إعادة الحزب إلى السكة.
بل ظل حزب العدالة والتنمية طريح غرفة الإنعاش إلى اليوم.
خلال السنوات الأربع الماضية، عجز ابن كيران عن تقديم مشروع سياسي بديل يقنع به المغاربة، بل عوقب في الانتخابات الجزئية الأخيرة من طرف الناخبين، في مؤشرات تحمل دلالات عميقة قبل عام واحد فقط من الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
غالبية المغاربة طووا صفحة “البيجيدي” ولا يريدون عودته.
وفي خضم هذا السياق، سيواجه ابن كيران، بعد تجديد ثقة المؤتمرين فيه، تحديات وإكراهات ستعمق تراجع الحزب وانحداره نحو الهاوية.
فلم تبق للرجل أي ورقة صالحة لإعادة إحياء الحزب أو تعزيز مكانته في مشهد سياسي يتصدره منافسون أقوى وأكثر حضورًا من العدالة والتنمية.