‏مرة أخرى، يجد النظام في الجزائر نفسه في ورطة أكاذيبه الإعلامية، وهذه المرة مع صحيفة أمريكية مرموقة هي واشنطن بوست.

فبعد أن نشرت الصحيفة تصحيحا تقنيا متعلقًا بمقال سابق ذكر جبهة البوليساريو في سياق علاقاتها المشبوهة مع النظام إلايراني، سارع الإعلام الموجّه من عسكر الجزائر وذبابه الإلكتروني إلى التهليل بأن “واشنطن بوست تعتذر من البوليساريو”!.

‏لكن الحقيقة مختلفة تماما.

‏القصاصة المنشورة هي تصحيح صحفي (Correction) لا أكثر، وهو إجراء معتاد في المؤسسات الإعلامية المحترفة عندما تُسجَّل ملاحظة بشأن غياب تعليق أحد أطراف الخبر. واشنطن بوست لم تستخدم أبدًا كلمات من قبيل “نعتذر”، “نأسف”، أو “نتراجع”، بل اكتفت بإيراد رد البوليساريو على ما نُسب إليهم، وهذا هو الحد الأدنى المهني في الصحافة الأمريكية، ولا يعني تبني موقفهم أو الاعتذار لهم.

‏بل إن التصحيح ذاته زاد الطين بلة بالنسبة للبوليساريو، لأن الصحيفة كرّرت ذكرهم كـ”جماعة مسلحة” (militant group)، وهو توصيف ثقيل لا يُستخدم اعتباطًا في الإعلام الأميركي، ويضعهم ضمن خانة التنظيمات ذات الطبيعة غير السلمية.

‏الدعاية الجزائرية كالعادة تحرّف الحقائق.

‏فكما حاولت سابقًا تسويق وهم “الانتصارات الدبلوماسية” في مواعيد عديدة، ها هي اليوم تختلق “اعتذارًا” لم يصدر. والهدف؟ إيهام الرأي العام الداخلي المقموع بأن البوليساريو يحظى باعتراف دولي وأن موقف الجزائر يتّسع صداه عالميا، وهو وهم لا يصمد أمام أبسط قراءة نقدية للنص الأصلي.

‏ختاما:

‏إلى أبواق التضليل ومنابر الدجل السياسي نقول:

‏لن تصنعوا من وهم “الاعتذار” نصرًا دبلوماسيًا.

‏ولن تُخفي قصاصات التصحيح حقيقة أن العالم بدأ يرى البوليساريو على حقيقته: جماعة مسلحة مدعومة من نظام مهووس بالبروباغندا الفارغة.

*وليد كبير -صحفي جزائري 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *