في علاقة المغرب بالتضامن مع فلسطين، أتمنى أن نسمح لأنفسنا بالتفكير خارج ذلك الصندوق الذي صنعته آلة إعلامية تفتي للعرب والمسلمين في كل قضاياهم، و تريد توجيه الوعي المجتمعي في كل البلدان.

*يونس التايب 

في ظل ما تشهده الساحة من نقاشات حادة حول كيفية التعاطي مع الحرب المدمرة الجارية في قطاع غزة، والتي عطّلت الحياة الطبيعية وبدّدت آمال السلام في منطقة الشرق الأوسط، يبرز موضوع التضامن مع ضحايا العدوان في غزة كقضية مركزية في النقاش العمومي، سواء على أرض الواقع أو في الفضاء الرقمي.

وفي هذا الإطار، يجب الاعتراف – بكل موضوعية – بأن الدولة المغربية، بخلاف عدد من الدول العربية، تصرّفت بحكمة ورُقي، فلم تمنع التظاهر ولا منعت الأشكال التضامنية التي عبّر من خلالها المواطنون المغاربة عن مواقفهم، عبر المسيرات والوقفات والندوات، كما دأبوا على ذلك تاريخيًا مع كل ما يخص القضية الفلسطينية.

ورغم أن بعض الأصوات تسعى لتوتير الأجواء دون مراعاة حساسية المرحلة ودقة السياق الجيوسياسي، أعتقد أننا مدعوون لتعزيز هذا التوازن الإيجابي بين احترام السلطات العمومية لحق التظاهر والتعبير، وبين ما تفرضه مسؤولية الدولة من التزامات استراتيجية لحماية الأمن القومي واتخاذ مواقف سيادية بقدر من الحذر والحنكة الدبلوماسية.

وفي هذا السياق، فإن المطلوب من جميع الفاعلين، كلٌّ من موقعه، ما يلي:

  1. الوعي بخطورة المواقف الانفعالية التي قد تضر بمصالح المغرب ولا تخدم قدرته على مجابهة تعقيدات المشهد الجيوسياسي بحكمة وفعالية؛
  2. رفض الإساءة إلى الدول والرموز الوطنية، وفي مقدمتها دولتنا ومؤسساتها؛
  3. نبذ خطابات التخوين والتشكيك في الذمم والنوايا، خاصة حين يتعلق الأمر باختلاف في وجهات النظر؛
  4. الحذر من التحريض السياسي أو الإعلامي الذي يهدد وحدة الصف الوطني ويقوّض التجانس المجتمعي؛
  5. رفض استغلال التضامن مع الشعب الفلسطيني لأغراض حزبية أو أجندات ضيقة؛
  6. الكف عن الانتقائية في المواقف، والتعامل بمعايير مزدوجة إزاء قضايا التطبيع حسب الحسابات الأيديولوجية والمصالح؛
  7. التحرّر من التأثير الخارجي الذي تمارسه منصات إعلامية مشبوهة تصوغ الوعي الجماعي العربي وفق أجندات لا تعنيها قضايا شعوبنا بقدر ما تخدم مصالحها الخاصة.

علينا أن نفكر خارج “الصندوق الإعلامي” الذي صُنع ليقودنا إلى مواقف لا تنبع من وعينا الوطني، بل من سرديات مستوردة تصنعها “نشرات على رأس الساعة” يقودها أناس لا يعرفون شيئًا عن همومنا، ولا تهمهم قضايا أوطاننا إلا بقدر ما نخضع لهم.

لكن، هيهات أن يكون لهم ذلك!

لنتحاور بهدوء وعقلانية، بعيدًا عن الانفعالات والتخوين، لأننا سئمنا من منطق التشكيك الذي ينسف كل إمكانيات النقاش الهادف والبنّاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *