في تقرير استراتيجي نشره معهد هادسون الأمريكي، كشفت الباحثة زينب ريبوعا أن جبهة البوليساريو لم تعد سوى أداة بيد قوى إقليمية ودولية معادية للاستقرار.
*وليد كبير / صحفي جزائري
في تقرير استراتيجي نشره معهد هادسون الأمريكي، كشفت الباحثة زينب ريبوعا أن جبهة البوليساريو لم تعد سوى أداة بيد قوى إقليمية ودولية معادية للاستقرار.
فمن خلال شبكة من العلاقات المشبوهة مع إيران وحزب العمال الكردستاني، وبرعاية رسمية من الجزائر، ودعم سياسي من جنوب إفريقيا، تحولت الجبهة من حركة انفصالية مزعومة إلى تهديد إرهابي عابر للحدود.
يؤكد التقرير أن الحرس الثوري الإيراني، عبر ذراعه حزب الله، يوفر للبوليساريو التدريب العسكري والدعم اللوجستي، بما في ذلك الطائرات المسيرة، ضمن استراتيجية تهدف إلى خلق بؤر توتر جديدة في شمال إفريقيا لضرب استقرار حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية .
ولم تكتفِ إيران بذلك، بل نسجت الجبهة علاقات تعاون مع حزب العمال الكردستاني (PKK)، أحد أخطر التنظيمات الإرهابية المصنفة لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مما وسّع دائرة التهديدات العابرة للحدود التي ترتبط بالبوليساريو.
التقرير لا يغفل الدور الجزائري المحوري، حيث يوفر النظام الجزائري الدعم المالي والعسكري للجبهة، ويسهّل عمليات نقل الأسلحة والتدريب عبر أراضيه، مما حول مخيمات تندوف إلى ملاذ آمن للعناصر المتطرفة وشبكات التهريب.
وعلى المستوى الدولي، لعبت جنوب إفريقيا دور الغطاء السياسي للبوليساريو، عبر الاعتراف بما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”، وإعاقة الجهود الأممية لإيجاد حل سلمي للنزاع.
في مواجهة هذا التهديد المركب، يرى معهد هادسون أن على الولايات المتحدة أن تتخذ خطوة حاسمة بتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية، لما لذلك من فوائد استراتيجية متعددة.
أولاً، سيسمح هذا التصنيف بتجميد أصول البوليساريو، مما سيضعف شبكاتها لتهريب الأسلحة ويفصلها عن إيران ووكلائها.
ثانيًا، سيسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي عبر دعم جهود المغرب في مكافحة الإرهاب وترسيخ شرعية خطة الحكم الذاتي.
ثالثًا، سيوجه ضربة موجعة للحرس الثوري الإيراني عبر قطع خطوط الإمداد إلى إفريقيا وتقليل الضغط على الموارد الأمريكية.
رابعًا، سيفضح الدور الجزائري في زعزعة الاستقرار، ويرسل رسالة حازمة بأن واشنطن لن تتسامح مع رعاية الدول للميليشيات المسلحة.
خامسًا، سيساهم في الحد من تدفق الأسلحة إلى الجهاديين في الساحل، وتعزيز الشراكات الأمنية الأمريكية مع القوى الإقليمية.
سادسًا، سينزع الغطاء الإعلامي والسياسي الذي تحاول البوليساريو تسويقه في المنتديات الدولية.
وأخيرًا، سيفضح استغلال مخيمات اللاجئين في تندوف لأغراض سياسية وعسكرية، ويضغط على الجزائر للسماح برقابة دولية مستقلة عليها.
إن استمرار تجاهل هذا التحالف الخطر يفتح الباب أمام نشوء بؤر إرهابية جديدة تهدد الأمن الإقليمي والدولي، خاصة مع تصاعد أهمية منطقة الساحل كممر حيوي للطاقة والمعادن الإستراتيجية التي تعتمد عليها سلاسل الإمداد العالمية.
في ظل هذا المشهد المضطرب، يبرز المغرب كحليف وشريك موثوق للولايات المتحدة، حيث يواصل جهوده لتحييد الخلايا الإرهابية، وتدريب القوات الإقليمية، وتوفير بوابة أساسية للانخراط الغربي البناء في القارة.
لذلك، فإن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية لم يعد مجرد خيار دبلوماسي، بل ضرورة استراتيجية لتعزيز التحالف الأمريكي-المغربي، وتقويض نفوذ إيران ووكلائها في شمال وغرب إفريقيا.
إن تقاعس الولايات المتحدة عن اتخاذ هذه الخطوة المصيرية حسب معهد هادسون لن يؤدي إلا إلى تقويض مصداقيتها، وتعريض مصالحها وحلفائها في المنطقة والعالم لمخاطر متزايدة.
تأسس معهد هادسون للأبحاث سنة 1961، وهو من أبرز مراكز التفكير السياسي في الولايات المتحدة، يركز على السياسات الدفاعية والخارجية، ويلعب دورًا محوريًا في صياغة الرؤى الاستراتيجية الأمريكية تجاه القضايا الدولية.
وقد أعدت هذا التقرير الهام الباحثة زينب ريبوعا ضمن سلسلة دراسات معهد هادسون حول الأمن الإقليمي.