تحتضن مدينة العرائش، على غرار غيرها من المدن المغربية، العديد من المساجد، منها المسجد الأعظم.

أعدها للنشر- عبد المراكشيle12

اشتهر المغرب بكونه يتوفر على عدد كبير جدا من المساجد، حتى لَتجد من ينتقذون هذه الوفرة “الملحوظة” لـ”بيوت الله” على حساب مرافق حيوية أخرى ضرورية لحياة المواطن البسيط، مثل المدارس والمستشفيات والمصانع.

بناء على هذه المعطيات لا تكاد تخلو أية قرية نائية أو مدشر موغل في أعماق “المغرب غير النافع” من مساجدَ يُذكر فيها اسم الله، فما بالك بمُدن المركز وباقي الحواضر الكبرى في بلاد الـ مسجد.

سنأخذكم، من خلال هذه الفسحة الرمضانية “حكاية مسجد” في جولات عللا بساط من كلمات خطّتها أقلام مغربية مختلفة عن أشهر مساجد المغرب وجوامعه.

تحتضن مدينة العرائش، على غرار غيرها من المدن المغربية، العديد من المساجد، منها الجامع الأعظم.

وكتب بقلم : ذ. شكيب الأنجري عن هده المعلمة الدينية المتميزة “ظلت مدينة العراش طيلة فتراتها التاريخية تتعرض لمحاولات السيطرة عليها أو تدميرها، إذ كانت من بين الثغور الساحلية المغربية التي شكلت تهديدا مباشرا وخطيرا على التجارة الأوربية على طول محاور هذه الأخيرة في علاقتها مع إفريقيا جنوب الصحراء.

فقد نشطت حركة الجهاد البحري بها وبدعم من السلطة المركزية نظرا للمداخيل المهمة التي توفرها لخزينة الدولة للجهة، وللهيبة التي تتركها لدى الأجانب حول قوة ومناعة المملكة المغربية.

فمند نهاية القرن الرابع عشر تعرضت مرسى العراش سلسلة من الهجمات البحرية ألحقت أضرار جسيمة لبنياتها المعمارية، وخسائر فادحة في الأرواح وممتلكات. ولكنها على الرغم من ذلك لم تستطع السيطرة على المدينة واحتلالها، أو إيقاف حركة الجهاد البحري للمرسى وشل حركتها“.

وتابع “وقد اشتهر السلطان سيدي محمد بن عبد الله بدعمه لأسطول الجهاد البحري المغربي و إشرافه الشخصي على عملياته طيلة السنة.

ومن الأساطيل البحرية التجارية الأوربية التي تضررت جراء هذه الحركة الأسطول البحري الفرنسي الذي ذاق ضرعا للمضايقات التي تتعرض لها وحداته البحرية قبالة السواحل المغربية، لذلك قرر البلاط الفرنسي الإعداد منذ سنة 1700م لشن غارات وهجمات بحرية لقنبلة النقاط التي تتمركز سفن الجهاد البحري بها بالثغور الساحلية المغربية ومن جملتها ثغر العراش، الأمر الذي تم وبشكل قوي في يونيو 1765، بقيادة الأميرال دوشافولت، وهي العملية التي باءت بالفشل أمام مقاومة حامية العرائش والقبائل المحيطة بها.

وقد لحق المدينة جراء هذه القنبلة البحرية أضرار جسيمة على بنيتها المعمارية، إذ تهدمت الدور والمنازل، وفر أهلها إلى الضواحي“.

وعلى إثر ذلك، يواصل المصدر نفسه، قرر السلطان سيدي محمد بن عبد الله التوجه لمدينة العرائش قصد الوقوف على حالها ووضع برنامج لتهيئتها وتجديد تحصيناتها.

ويمكن اعتبار أعمال هذا السلطان بثغر العرائش من أضخم ما تم إنجازه في تاريخ المدينة قبل عهد الحماية. فقد بنى بها دار للسكة، السوق الداخلي، مدرسة قرآنية، فندقا للقوافل التجارية، تجديد التحصينات الدفاعية، وأعطى أمره لبناء مسجدها الأعظم وهو الذي عرف بين ساكنة المدينة ولحد اليوم بالجامع الكبير“.

وقد بني المسجد المذكور وسط مجموعة من الوحدات السكنية على مساحة مستطيلة الشكل تبلغ حوالي 638.12 مترا مربعا، يحده شمالا درب المقصورة و جنوبا فضاء السوق الصغير وغربا درب الجامع وشرقا زنقة 2 مارس (كاي ريال). وبابه الرئيسي الأصلي هو الموجود في “درب الجامع”، قبالة الوحدات السكنية لديوان العلوي (الديوان المفتوح) وأصبح في عهد الحماية الإسبانية جهة السوق الصغير.

وشُيّد المسجد الأعظم في مدينة العرائش “بالاعتماد على النمط المعماري الأندلسي الشائع في كبريات المدن الإسلامية في شبه الجزيرة الإيبرية.

وله أربعة أبواب ثانوية مرتبطة بوظائف المسجد الموازية للصلوات الخمس، وهي: باب المقصورة، باب الجنائز، باب مسجد النساء، باب قاعة الوضوء. وتتوفر قاعة الصلاة على مجموعة من الأعمدة مربعة الشكل تحمل أقواس هلالية التصميم تشكل دعامات قوية لسقف المسجد المعد بواسطة خشب الأرز.

ويتوسط المسجد فناء مكشوف مربع الشكل تصل مساحته إلى 117.74 مترا مربعا، وعند أعلى زاويته القائمة توجد ساعة شمسية رخامية لضبط أوقات الصلاة.

كما توجد في الجهة الجنوبية للمسجد وبضبط فوق بابه الرئيسي الحالي ما يعرف بـ”مقصورة المُؤقِّت”، التي كانت مقرا لمؤقت المسجد، الذي كان ممن لهم دراية واسعة بعلم الفلك ومنازل الكواكب”.

وكان آخر من شغل هذا المنصب في هذا الجامع، بحسب المصدر نفسه، هو الفقيه العدل سيدي أحمد بن فضول بن زروق.

للمسجد صومعة تنتصب بالشمال الغربي من تصميمه على مساحة 4.41 مترا مربعا، وهي ليست بصومعته الأصلية، إذ إن الصومعة التي تعود إلى زمن التأسيس دُمرت خلال قَنبَلة المدينة من قبل الأسطول البحري الإسباني سنة 1860 إبان حرب تطوان.

ورجّح المصدر المذكور أنه أعيد بناؤها بعد الحرب إذا ما وضعنا في الحسبام قداسة المساجد لدى المغاربة ومراعاتهم لحرمتها، على الرغم من أن المدينة بقيت مخربة لمدة طويلة جراء القصف الذي تعرضت له، ذلك أن خزينة الدولة المغربية سجّلت عجزا رهيبا نتيجة الغرامات مالية التي فرضتها إسبانيا على المراسي المغربية في ذلك الإبّان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *