الطريقة الشرقاوية القادرية الرازقية طريقة روحية معنوية تسعى إلى المحبة الإلهية وتهدف إلى جعل المريد عاشقا محبا تتجلى فيه الأسرار الربانية وتتكشف فيه المعالم النورانية بالإيمان بالعقائد في الصفات الإلهية.

تقديم -عبد الرزاق المراكشي  le12

“المغرب بلد الأولياء الصّالحين”.. مقولة تعكس المكانة الخاصّة التي يحظى بها التصوّف في المملكة المغربية، التي يمتدّ فيها الفكر والسلوك الصّوفيان إلى أزمنة بعيدة..

لو كنت مواطنا مغربيا، لربّما ساقتك الأقدار لأن تُجاوِر أحدَ هذه المباني الصّغيرة المسمّاة “الزّاوية”. فيها تقام الصّلوات الخمس في أوقاتها، باستثناء صلاة الجمعة. كما يُتلى في هذه “الرّباطات” القرآن وتقام العديد من العبادات التعبّدية الأخرى.

بمناسبة شهر رمضان المبارك، تقترح عليكم “Le12.ma” رحلة تاريخية في رحاب أشهر الزوايا والطرق الصّوفية في المغرب.

الطريقة الشرقاوية القادرية الرازقية طريقة روحية معنوية تسعى إلى المحبة الإلهية وتهدف إلى جعل المريد عاشقا محبا تتجلى فيه الأسرار الربانية وتتكشف فيه المعالم النورانية بالإيمان بالعقائد في الصفات الإلهية.

ويمتد نسب الطريقة الشرقاوية القادرية الرازقية إلى النسب الشريف إلى الزاوية الشرقاوية الغنية عن التعريف لمُؤسّسها أبو عبيد الشرقي، وإلى الطريقة القادرية عبد القادر الجيلاني، لتشق طريقها إلى مسار متجدد فتح أبواب الزوايا على قضايا الشباب المعاصر وتطلعاته واستقطابه إلى ثناياها، مع دعوته إلى سلوك النهج المحمدي.

وتعدّ الطريقة، التي تتخذ من منطقة بوسكورة في الدار البيضاء مقراً رئيسياً لها، من الطرق الحديثة التي تسعى إسقاط المفهوم الكلاسيكي للزاوية عن طريق نهج أسلوب جديد للتصوف يمزج بين الحفاظ على مبادئ وعراقة الزوايا في المغرب ودورها في تهذيب النفوس والليونة في تلقين المتصوف لتعاليم وأبجديات عالم التصوف والحضرة.

وتأسست الزاوية القادرية الشرقاوية على يد رزقي كمال الشرقاوي، الذي ولج عالم التصوف وهو في سن صغيرة، قبل أن يبدأ رحلة البحث عن شيخ يدله على مَسلك ”العارفين الأخيار“ ويوصله إلى بر النجاة ويولجه عالم المشيخة والزعامة الروحية .

وأخذ رزقي كمال الشرقاوي ورده عن جده مولاي المكي القادري بودشيش، المتوفي سنة 1936 والذي يوجد مرقده بضريحه في قرية نواحي مدينة بركان، بن مولاي المختار بودشيش. كما أخذ الشيخ رزقي الشرقاوي عن الشيخ العارف بالله مولاي الجنيد القادري بن مولاي عبيد الله، وانقطع اتصاله الظاهري به مدة لا يستهان بها حتى أرسل إليه وثيقة المشيخة وأجازه بتربية المريدين، وعن شيخ الطريقة التيجانية العارف بالله الواصل الموصل لحضرة الحق مولاي عبد الواحد أكنوض، أحد أكابر علماء سوس، وهو الذي تنبّأ له بأن طريقته سيكون لها صيت عظيم في كل أرجاء الكون، وعن الشيخ سيدي عبد الله أفقير، وقد أجازه بتربية المريدين .

ويتابع شيخ الزاوية تكوينه الجامعي في شعبة الدراسات الإسلامية وأيضاً العلوم القانونية في الجامعات المغربية، كما شغل العديد من المناصب والوظائف، منها رئاسة المجلس الوطني للطفل والشباب للحركة من أجل التواصل والتربية على المواطنة لمغاربة العالم ورئاسة اللجنة الوطنية للطفولة والشباب بالمنتدى المغربي الدولي للشباب الوطني، وعضوية في هيئة الشباب الملكي الشريف، ووظيفة مندوب دولي لمنظمة تأثير استدامة الشباب.

كما شغل مدير منظمة شباب الأجندة، ومستشارا في الرابطة المحمدية الصوفية، وأيضاً تتويجه سفيراً للسلام الدولي من قِبَل مُؤسّسة تابعة لهيئة الأمم المتحدة إذ شارك في العديد من الأنشطة الوطنية والدولية، منها الملتقى العالمي للتصوف ببركان، والملتقى العالمي للغة العربية بالدار البيضاء الكبرى، وملتقى أديان ومعتقدات مزوبوتاميا بسوريا، وملتقى الأصيل الدولي لحوار الأديان بأبي الجعد، وملتقى السلام الدولي في الأردن.

كما شارك الشيخ رزقي كمال الشرقاوي في المؤتمر الدولي للتصوف السني في الهند، وفي الملتقى السنوي الصوفي بتركيا حيث يخصص اهتماماته كثيراً للتراث الفكري والعلمي للمملكة المغربية الشريفة.

وتحتفل الزاوية كل سنة بمجموعة من المناسبات الدينية، منها مولد خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم.

ووُلد أبوعبيدة محمد القاسم الشرقي العمري (ولد سنة 926 أو 928 هـ وتوفي بأبي الجعد في 1010 هـ) مُؤسّس الطريقة الشرقاوية في مكان يبعد عن قصبة تادلة بنحو 3 كيلومترات، بجوار وادي أم الربيع.

حفظ كتاب الله، ودرس علوم الدين والأدب على يد والده سيدي بلقاسم الزعري، دفين ضفة نهر أم الربيع، قريبا من قصبة تادلة. ولمّا ظهرت نجابته ومحبته للعلم أرسله والده إلى مراكش ليتتلمذ على يد بعض كبار علمائها، كسيدي عبد الله بن ساسي السباعي، تلميذ عبد الله الغزواني مول لقصور، وسيدي عمر القسطلي.

تلقى تعليمه الأول على يد والده أبي القاسم الزعري، الذي حرص على تعليمه القرآن ومبادئ العربية والتربية الصوفية في زاويته بتادلا. وبعد ذلك، رحل أبو عبيد إلى زاوية الصومعة في مدينة بني ملال، وكانت آنئذ محج العديد من الطلبة المتحدرين من منطقة تادلة، بسهلها وديرها وجبلها. أخذ أبو عبيد الشرقي في زاوية الصومعة علوم التفسير والقراءات والحديث والفقه والتصوف.

أسس الولي الصالح سيدي بوعبيد الشرقي العمري الزاوية الشرقاوية في أبي الجعد في مطلع القرن الـ16 م كواحد من أهمّ المعالم الدينية والحضارية في المغرب. وتوفي في أول ليلة من محرم سنة 1010 هـ ودفن في زاويته بأبي الجعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *