لا أدري.. كل ما أدري اللحظةَ أنّ صاحبتنا الفاسية كانت هي من أطلقت الجملة المنتظرة:

عافاك أسيدي مول الطاكسي إلى دغتِ هناي حُطّني..

 مراكش– عبدو المراكشي

الليلةَ سأركب مع “مول الطاكسي” المراكشي وفي بالب رجْعُ خبر “مول الطاكسي” الفاسي الذي صنع الحدث في وقت لاحق من اليوم، بعدما ذهبت به “الترمضينة” إلى حد “التعري” فوق ناقلته، في مشهد انتهى بصاحبنا هذا، الذي “سخن عليه راسو” إلى حيث “تبرد” الرؤوس وغير الرؤوس..

فقد تمكّنت عناصر الشرطة في منطقة أمن فاس الجديد “دار الدبيبغ”، الاثنين، 10 مارس 2025، وفق ما أوردت الصحافة الإلكترونية، من إيقاف سائق سيارة أجرة يُشتبَه في تورّطه في قضية تتعلق بالسبّ والشتم والإخلال العلني بالحياء العام.

وأفاد بلاغ  للمديرية العامة للأمن الوطني بأنّ إيقاف السائق المشتبه فيه حرى بعد انتشار مقطع فيديو عبر شبكات التواصل الاجتماعي يظهره وهو يرتكب أفعالاً تخدش الحياء العامّ في الشارع العام، إضافة إلى تعريض أحد مستعملي الطريق للسبّ والشّتم (…).

وقد تم الاحتفاظ بسائق سيارة الأجرة تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث القضائي الذي تشرف عليه النيابة العامة المٌختصّة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، التي تعكس مظهرا من مظاهر “الترمضينة” التي لا يمكن لبعض “الصّايْمينْ” (والله أعلم) أن يكملوا يوم صيام دون أن تظهر عليهم أعراضها ومضاعفاتها الجانبية ولو مرة واحدة في اليوم…

الثامنة وعشرون دقيقة، تتنبّه حواسي وأعود من هذه الرحلة الأثيرية إلى فاس عبر بوّابة هذا الخبر الطريف، على صوت فاسيّ بلكنته المميزة، وهي تخاطب الراكب الأخير (فتى دون العشرين):

– يالاه أوليدي إلى غادي.. طلع اللوغ، الله يْغضي عليك، خلينا نتحرّكو نقضيو شغالاتنا..

إلى جانبي شابة في مكالمة هاتفية:

أهلا، بخير؟.. لا، أنا دابا ف الطاكسي.. شوية نكون فالدار.. المهم، إلى بغيتيني غدا الصباح نكون عندك، ماشي مشكل، شوفي غير انت اللي تسلّكك…

إلى جانبها صاحبتنا الفاسية جالسةً في وقار تتأمل حركة السير من ملف الزجاجة الباردة. الشابة بجانبي أنهت مكالمتها وأدخلت هاتفها “الخلوي” إلى محفظتها اليدوية.. وأخشى أن تكون الآن بصدد التجسّس على شاشتي أو محاولة ذلك..

في المقعد الأمامي راكب أحول، وهو يتحدث إلى السائق بكلام غير مسموع أظنه يخاطبني.. فعينه الظاهرة لي تنظر إليّ فعلا، وليس إلى السائق. والأدهى أن حديثهما تخللته -على ما يبدو- عبارات مضحكة.. وحين وقعت عيناي على عينيه ووجهه الضاحك لم أتمالك نفسي وكدت أنفجر بالضّحك لولا أن “تمّرتُ” في آخر لحظة وجمعتُ الضحكة.

قاومتُ كثيرا للأمانة حتى لا أنفجر ضحكا.. سيكون ضحكا بلا سبب، خصوصا بعدما انتبهت إلى أن صديقنا الأحول أعرج أيضا (مثلي، حتى لا تذهبوا بعيدا في تأويلاتكم المتطرفة)…

“لا يعرج ولا يعور إلا البلا المسلّط”؟!…

لا أدري. هذا مثل وجدنا عليه آباءنا… (وهل كلّ ما وجدنا عليه آباءنا وجب الأخذ به أو وضعه في الحسبان؟)..

أيضا، لا أدري.. كل ما أدري اللحظةَ أنّ صاحبتنا الفاسية كانت هي من أطلقت الجملة المنتظرة:

عافاك أسيدي إلى دغتِ هناي حُطّني..

ونزلت من ذكّرتني بصانع الحدث اليوم: “مول طاكسي فاس”، الذي لا أدري ما الذي قد يجعله في مثل “الحالة” التي وصل إليها “عاريا كما ولدته أمّه”.. وهو صائم ونحن، والله أعلم…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *