يعدّ الجامع الكبير أو المسجد الأعظم في تازة، المغرب هو المبنى الأبرز في المدينة العتيقة لتازة، وهو ليس بعيدا عن باب الريح.
أعدها للنشر- عبد المراكشيle12
اشتهر المغرب بكونه يتوفر على عدد كبير جدا من المساجد، حتى لَتجد من ينتقذون هذه الوفرة “الملحوظة” لـ”بيوت الله” على حساب مرافق حيوية أخرى ضرورية لحياة المواطن البسيط، مثل المدارس والمستشفيات والمصانع.
بناء على هذه المعطيات لا تكاد تخلو أية قرية نائية أو مدشر موغل في أعماق “المغرب غير النافع” من مساجدَ يُذكر فيها اسم الله، فما بالك بمُدن المركز وباقي الحواضر الكبرى في بلاد الـ مسجد.
سنأخذكم، من خلال هذه الفسحة الرمضانية “حكاية مسجد” في جولات عللا بساط من كلمات خطّتها أقلام مغربية مختلفة عن أشهر مساجد المغرب وجوامعه.
يعدّ الجامع الكبير أو المسجد الأعظم في تازة، المغرب هو المبنى الأبرز في المدينة العتيقة لتازة، وهو ليس بعيدا عن باب الريح.
بني من قبل السلطان الموحدي عبد المومن في فترة ما بعد 1142 م.
وفقا لكتاب “الاستبصار” استكملت الجدران في 1172م. وتم توسيع المسجد في عهد المرينيين في 1292 -1293.
المسجد هو واحد من آخر وأقدم الأمثلة الباقية للتميز في مجال العمارة الموحدية. كما يشتهر المسجد بين عامة الناس بثريا كبيرة (مع نقش) وزنها حوالي 3 أطنان، منقوش عليها الأبيات الشعرية التالية:
يا ناظرا في جمالي حقق النظرا ** ومتع الطرف في حسني الذي بهرا
أنا الثريا التي تازا بي افتخرت ** على البلاد فما مثلي الزمان يرى
أفرغت في قالب الحسن البديع كمـا ** شاء الأمير أبو يعقوب إذ أمرا
في مسجد جامع للناس أبدعه ** ملك أقام بعون الله منتصرا
له اعتناء بدين الله يظهره ** يرجو به في جنان الخلد ما ادخرا
في عام أربعة تسعون تتبعها ** من بعد ست من المئتين قد سطرا
تاريخ هذه الثريا والدعاء لأبي ** يعقوب بالنصر دأبا يصحب الظفرا
بدأ الموحدون بناء هذا المسجد بدأ في 542 هجرية. وفي عهد المرينيين أضيفت إلى المسجد زيادات مهمة: بلاطات في قبلته وبلاطان شرقي وغربي، مع إصلاح صحنه الذي كان آيلا للسّقوط، وتم الانتهاء من بنائه في أواخر شوال 691 هـ.
كما يضم المسجد الأعظم تحفة عملاقة، بمثابة ثريا معلقة وسط المسجد، تعدّ من أكبر الثريات في العالم العربي والإسلامي، وحتى العالمي، إضافة إلى منبر خطيب قديم يعود إلى فترة الموحدين، وأمر بصناعتها السلطان يوسف أبو يعقوب.
وتعدّ هذه الثريا مفخرة من مفاخر المغرب، فقد ركبت أجزاؤها بأياد مغربية متأثرة بالفن الأندلسي، ويفوق وزنها 32 قنطارا وتحتوي على 514 سراجا، تم تعويضها اليوم بمصابيح كهربائية، ونقشت عليها بالخط الكوفي آيتان: الأولى من سورة «النور» تبتدئ بقوله تعالي: (الله نور السماوات والأرض… إلى قوله تعالى: يرزق من يشاء بغير حساب).
أما الآية الثانية تبتدئ بقوله تعالى (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون… إلى قوله تعالى: وانصرنا على القوم الكافرين). ولم تخل الثريا من أبيات شعرية -على عادة المغاربة- تؤرخ حالَها وروعةَ جمالها وحسن هندستها.
وقد أنفق على هذه الثريا مع الزيادة في المسجد 8000 دينار ذهبي بأرقام زمنها، وهي عالقة نازلة في وسط المسجد، تنير بضيائها فضاءات الكراسي العلمية والأساكيب والبلاطات في كل اتجاه.
كما يوجد بقلب هذا المسجد الكبير خزانة، يرجع تاريخ تأسيسها إلى العهد المريني، تضمّ مخطوطات من علوم مختلفة، وقد أنشئت بدءا بغرض حفظ كتب القاضي عياض (ت. 544 هـ) من التلف، وتسمى “خزانة المسجد الأعظم“.
وتعدّ هذه الخزانة أقدم مركز لحفظ الكتب المخطوطة عرفها المغرب -ولاتزال قائمة إلى الآن- فهي تضم المخطوطات والوثائق والرسائل الموحدية الأصلية التي في مجملها للمهدي بن تومرت (ت. 524 هـ).
ويعدّ هذا المسجد الذي يكبر جامع القرويين من حيث المساحة، معلمة دينية قائمة الذات، احتفظت – وما تزال – بإشعاعها العلمي والتنويري لحدود كتابة هاته الاسطر.
“عالقةٌ نازلة وسَط المسجد، يخترق نورُها فضاءات المجالس العلمية بين الأساكيب والبلاطات في كل اتجاه”.. بهذا التقديم البديع تمّ استهلال البطاقة التعريفية لثُريّا المسجد الأعظم بمدينة تازة العليا، وهي أقدمُ وأكبر ثُريا من نوعها في العالم.
من سقْف المسجد الأعظم بتازة العليا تتدلّى الثريا الضخمة، المقدّر وزنْها بـ32 قنطارا، وقْد عُلقت بسقف المسجد منذ سنة 1294 ميلادية، وهي مصنوعة من النحاس الخاص، وتحتوي على كؤوس زجاجية جرى تعويضها مؤخّرا بمصابيح كهربائية.
على حوافّ الثريا النحاسية الضخمة، التي أمرَ بصناعتها السلطان المريني يوسف أبو يعقوب، نُقشت أبيات شعرية كتبها شاعر لا يُعرف اسمه، تبتدئ ببيت يتغنّى فيه بجمال الثريا: “يا ناظرا في جمالي حقّق النظرا/ ومتّعِ الطرْف في حُسْني الذي بَهَرا“.
وإلى جانب القصيدة الشعرية المشكّلة من سبع أبيات، نُقشت على حواف الثريّا النحاسية آيات من الذكر الحكيم، مكتوبة بأشهر الخطوط وأجملها، وخاصة الخط الكوفي.
ويروي الدكتور امحمد الباهي العلوي، الباحث في التاريخ، في كتابه “علماء تازة ومجالسُهم العلمية”، أنّ المسجدَ الأعظم بتازة العليا بُني في العهد الموحدي، وتمّ تزيينه بالثريا الكبيرة ليستقطب عددا كبيرا من المصلّين، ويستقطب الكثير من المجالس العلمية.
وحسب المعطيات التي تضمّنها كتاب امحمد العلوي الباهي، فإنّ ثريّا المسجد الأعظم بتازة تضمّ 514 مصباحا، تُنير جنبات المسجد وفضاءات مجالسه، وقد أنفق السلطان على صناعتها، مع توسعة الجامع، 8 آلاف دينار ذهبي.