في المغرب، كما في المشرق، خلق تجسيد شخصية الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان قبل بث مسلسل “معاوية” خلال شهر رمضان الجاري. 

بين من دافع عن هذا العمل الدرامي، وبين من مناهض له، خرج صوت من الأزهر الشريف ليوسع من هوة هذا التنافر في الرؤى حول الموضوع. 

يقول عبدالله النجار، وهو عضو لجنة الفتوى بالأزهر: “الرأي الشرعي يُحرِّم تجسيد الأنبياء أو الصحابة أو آل البيت الكرام، فلا يقبل المسلم أن يؤدي فنانٌ أدوار السُّكر ثم يعود ليمثل أحد المبشرين بالجنة”.

بعيداً عن هذا الجدل الدائر حول تجسيد شخصية معاوية بن أبي سفيان،  نقف في هذه الحلقات عند ما كتبه كتاب ومؤرخون حول سادس الخلفاء الراشدين، و واحد من  الصحابة والمبشرين بالجنة.

معاوية بن أبي سفيان.. الميلاد والنشأة

ولد أبو عبد الرحمن معاوية بن حرب بن صخر الأموي القريشي قبل البعثة بخمس سنين على أشهر الآراء، وكان والده أبو سفيان زعيمَ قريش وأحد سَراتها المعروفين، وأمه هند بنت عتبة من نساء قريش اللواتي يشار إليهن بالبنان، جمالا وثراء ونسبا.

وصفت الروايات التاريخية معاوية منذ نعومة أظفاره بالذكاء والفطنة، وجاء في طبقات ابن سعد أن أبا سفيان نظر يوما إلى ابنه معاوية وهو صغير فقال لأمه هند “إن ابني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه”، فقالت هند “ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة”.

نشأ معاوية في بيت توارث المنافسة مع بني هاشم، وحمل الضغينة على الإسلام وعلى نبيه ﷺ في وقت مبكر، فقد شهدت الجاهلية منافسة كبيرة بين البيتين القريشيين، الهاشمي والأموي، في حادثة التحكيم التي آلت فيها السيادة الدينية إلى هاشم وآله، وأخرجت أمية وبيته من مكة إلى الشام 10 سنين بحسب بنود الاتفاق.

وبعد بدر وفي أول صراع بين الإسلام وخصومه القريشيين، أسفرت الغزوة عن انتصار حاسم للمسلمين على قريش، ففقدت صناديدها وسادتها، وفيهم عتبة بن ربيعة جد معاوية، وشيبة بن ربيعة أخو جده، والوليد بن ربيعة خاله، وحنظلة بن أبي سفيان أخوه، وعقبة بن أبي معيط ابن عم أبيه.

وأسر فيها أخوه عمرو بن أبي سفيان، الأمر الذي أوغر صدور البيت الأموي على المسلمين وبني هاشم ومحمد ﷺ ودعوته.

ولم يلن قلب معاوية ويصبُ إلى الإسلام حتى عمرة القضاء بعد صلح الحديبية، غير أنه كان يخاف ثورة والديه عليه، فلم يجهر بالإسلام حتى يوم فتح مكة، حيث لقي النبي ﷺ فرحب به وسُرّ.

وبعد الفتح هاجر إلى المدينة فاستكتبه النبي ﷺ، إذ كان معاوية ممن يحسن الكتابة والحساب، فدخل على النبي ﷺ وعلى أذنه القلم يقول: هذا قلم أعددته لله ورسوله، فقال له الرسول ﷺ: “جزاك الله عن نبيك خيرا، والله ما استكتبتك إلا بوحي، وما أفعل من صغيرة ولا كبيرة إلا بوحي من الله”.

المصدر – الجريرة/ le12

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *