لم يكن تفكيك الشبكة الإرهابية قبل أيام حدثا استثنائيا، بل تأكيدا على نجاح الأجهزة الأمنية في استباق التهديدات، وهو نجاح معترف به دوليا. لكن الأهم هو نهج التواصل الاحترافي الذي تتبناه المؤسسة الأمنية، والذي يستحق التقدير والتعميم.
تعتمد المؤسسة الأمنية على وسائل وآليات متنوعة لضمان وصول المعلومة الأمنية إلى المواطنين بأسلوب واضح ومفهوم.
ومن خلال تتبع نهجها في التواصل، يمكن الجزم بأنها من أكثر المؤسسات العمومية احترافية في هذا المجال.
يتجلى ذلك في البلاغات الرسمية الدقيقة، والندوات الصحافية التي تفتح أمام الصحافيين بلا قيود، وحوارات مسؤولي المكتب المركزي للأبحاث القضائية الجهاز العلني للديستي التي تُجرى دون قيود أو تدخل.
هذه لممارسات تعكس نموذجا رائدا في التواصل المؤسساتي.
شخصيا، لمست عن قرب مدى احترافية هذا التواصل في أربع مناسبات على الأقل، عندما أجريت قبل التحاقي بالجامعة 4 حوارات مطولة مع كبار المسؤولين الأمنيين: 3 مع رئيسي المكتب المركزي للأبحاث القضائية، واحد مع الراحل عبد الحق الخيام في أكتوبر 2017، واثنان مع السيد حبوب الشرقاوي في فبراير 2021 ويونيو 2022، والحوار الرابع مع السيدة يحيى حكي، مديرة المختبر الوطني للشرطة العلمية والتقنية).
في كل هذه الحوارات، لم يُطلب مني تعديل أي سؤال، أو الاطلاع عليه مسبقا، أو التهرب من الإجابة، وهي حرية نادرا ما يمنحها حتى بعض السياسيين.
طرحت خلال هذه الحوارات ما بين 17 و28 سؤالا، وكان يكفي تقديم طلب للمديرية للعامة للأمن الوطني وتحديد موضوع الحوار فقط، ليتم قبول الطلب دون أي استفسار عن نوعية الأسئلة أو موضوعاتها. كان المتحدثون دائما مستعدين للحوار، مما أتاح لي إدارته بحرية وطرح الأسئلة التي رأيت أنها ستخدم نقل المعلومة للجمهور.
أكاد أجزم أن مثل هذه الحوارات لم يعد يقدر عليها كثير من المسؤولين، ويمكن للصحافيين أن يتحدثوا حتى الغد عن معاناتهم لإجراء حوار مهني بالطريقة المثلى.
في عالم السرعة والمعلومة، التواصل المؤسساتي ليس مجرد نقل للأخبار، بل جسر للثقة، وأداة لصناعة الفارق، لأن كل رسالة واضحة هي خطوة نحو الشفافية.
*محمد كريم لخصاصي/ صحفي وجامعي