وسعت جلسة عرض «قانون الإضراب»، على مجلس النواب، الهوة الساحقة بين مكونات المعارضة، التي تمر برأي مراقبين بأسوأ تجربة لها في تاريخ البرلمان المغربي.

وشق الفريق الحركي اليوم الأربعاء، بمناسبة القراءة الثانية لمجلس لمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، عصا الطاعة داخل مكونات المعارضة.

وصار الفريق الحركي كما عبر على ذلك رئيسه إدريس السنتيسي، في مداخلة له، عكس توجه باقي مكونات المعارضة.

وأعلن السنتيسي، عن تصويت الفريق الحركي من موقع المعارضة على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب كما أحيل من مجلس المستشارين، مع تصحيح خطأ مادي، وذلك في إطار قراءة ثانية.

وجاء إعلان تصويت الفريق الحركي لفائدة مشروع «قانون الإضراب»، ليتعزز موقف فرق الاغلبية البرلمانية( الاحرار، الاستقلال، البام) وحلفائها ( الدستوري، الحركة الديمقراطية الاجتماعية الشعبية ).

وساهم موقف الحركة الذي عبر عنه إدريس السنتيسي في ضعف صف المعارضة البرلمانية، التي تضم (الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والحركة الشعبية، والعدالة والتنمية).

يذكر أن الفريق الحركي ومجموعة العدالة والتنمية، سبق أن قادا عقب إنتخابات 2021، مبادرة إحداث تحالف للمعارضة من 9 أحزاب لكن هذه المبادرة ولد ميتة.

وبسبب خلافات جوهرية خاصة بين الاتحاد والبيجيدي، لم تدوم طويلا مبادرة بناء تحالف الاتحاد يضم كل من (الاشتراكي للقوات الشعبية وله 34 مقعدا، وحزب الحركة الشعبية 28، حزب التقدم والاشتراكية 22، حزب الاتحاد الدستوري 18، وحزب العدالة والتنمية 13، وحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية 5، وحزب جبهة القوى الشعبية 3).

وظل التنسيق خلال الدورة التشريعة الثالثة من عمر الولاية التشريعية الجارية مقتصرا على ثلاثة فرق وهي (الحركة والعدالة والتنمية والتقدم والاشتراكي)، قبل أن ينهار هذا التنسيق بسبب خلافات التقدم والاشتراكية مع البيجيدي حول إصلاح المدونة، وتصويت الحركة لفائدة مشروع قانون الاضراب، الذي يعارضه فريق العدالة والتنمية.

مصادقة اللجنة

‎وصادقت لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب في اجتماع عقدته أمس الثلاثاء، بالأغلبية، على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب كما أحيل من مجلس المستشارين، مع تصحيح خطأ مادي، وذلك في إطار قراءة ثانية.

وحظي مشروع القانون بموافقة 11 نائبا برلمانيا ومعارضة 7 آخرين، فيما لم يمتنع أي نائب عن التصويت.

وفي مداخلة خلال هذا الاجتماع، أكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، أن النقاش الذي عرفه مشروع القانون خلال كل المراحل أسهم في تجويد النص بشكل كبير وجعله يستجيب لأغلب التعديلات الشكلية والجوهرية المقترحة، مضيفا أن النص الحالي يقيم التوازي المطلوب بين حقوق المشغلين وحقوق الأجراء.

وأبرز السيد السكوري أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب، كما أحيل من مجلس المستشارين، هو نص متوازن وفيه العديد من الآليات التي تنذر بنجاحه.

وبخصوص التعديلات، قال الوزير إن النص عرف تطويرا كبيرا نزولا عند رغبة العمال والنقابات، من خلال إعطاء الأفضلية للمقتضيات التي تكون في صالح الشغيلة والنقابات كلما تعلق الأمر بحالة تنازع في التشريعات الجاري بها العمل.

وأفاد أنه تمت إضافة تعديلين جوهريين يتعلقان بإمكانية تنظيم الإضراب من أجل الدفاع على المصالح غير المباشرة للعمال، بالإضافة إلى المصالح المباشرة، ‘وبذلك أصبح الإضراب التضامني و السياسي متاحا بشكل واضح في القانون”.

وفيما يتعلق بفئات المضربين، أشار الوزير إلى أن الحق في الإضراب بات اليوم يشمل المهنيين بجميع أصنافهم والعاملات والعمال المنزليين والعمال المستقلين والعمال غير الأجراء.

وبخصوص تدخل رئيس الحكومة في منع أو وقف الإضراب، أكد الوزير أن “النص احتكم إلى المرجعية الدولية في المجال، التي تقول بصريح العبارة إنه بإمكان السلطات العمومية أن توقف وتمنع الإضراب في حالة وجود كارثة طبيعية أو أزمة وطنية حادة”.

وأشار الى أنه بمقتضى الصيغة الحالية لمشروع القانون التي من المنتظر أن تحال يوم غد الأربعاء على مجلس النواب للتصويت عليها في إطار جلسة عامة، في قراءة ثانية، لم تعد لدى المشغل إمكانية لعرقلة حق الإضراب، تحت طائلة غرامات تتراوح بين 20.000 و200.000 درهم.

وفي السياق ذاته، أشار السيد السكوري إلى أنه لم يعد بإمكان المشغل أن يطرد أو ينقل بتاتا العامل المضرب، أو أن يعرضه لأي إجراء تعسفي آخر، مضيفا أن مشروع القانون عمل، كذلك، على توسيع الحرية النقابية من خلال تمكين النقابات ذات التمثيلية و ليس بشرط حصولها على صفة الأكثر تمثيلية، من الدعوة إلى الإضراب على المستوى الوطني في كل القطاعات أو على المستوى القطاعي.

وفي مداخلاتها بخصوص مشروع هذا القانون التنظيمي، نوهت فرق الأغلبية بـ “الضمانات الحقيقية” التي يقدمها هذا النص لممارسة الإضراب باعتبارها حقا دستوريا وحيويا للشغيلة.

وأشادت الفرق البرلمانية بـ “التشاور الواسع الذي قادته الحكومة من أجل إخراج هذا القانون الأساسي الذي سيحفظ حقوق العمال ويكرس الحفاظ على مناصب الشغل والاستثمارات على حد السواء”.

من جهتها، اعتبرت المعارضة النيابية أن بلورة هذا النص “لم تحترم منهجية الحوار الاجتماعي والتوافق”، مبرزة أن “القانون مغلف بتقويض الحق في الإضراب ويجهز على حق دستوري أساسي”، داعية إلى الأخذ بعين الاعتبار التعبيرات المجتمعية المختلفة والعمل وفق مقاربة تشاركية ناجعة، لا سيما في قضايا من هذا القبيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *