لاشك أن المشهد السياسي المغربي، بات يوجد بين مطرقة تبخيس العمل السياسي وسندان رهانات التشبت بأدوار كل المتدخلين والفاعلين.
.م إدريس مدغري علوي
لاشك أن المشهد السياسي المغربي، بات يوجد بين مطرقة تبخيس العمل السياسي وسندان رهانات التشبت بأدوار كل المتدخلين والفاعلين.
فما هي يا ترى هذه الوصفة الإيديولوجية التي ستؤطر كل السبل والوسائل القادرة على إسترجاع ثقة وهبة المؤسسات السياسية ببلادنا ؟.
لعل من الرهانات التي ينبغي اليوم الانكباب على الاشتغال عليها وبالتالي كسبها بشكل جدي و مسؤول في المشهد السياسي المغربي هي مسألة تخليق الحياة السياسية، وما يقتضيه ذلك من تملك لوسائل تصب أساسا في فتح نقاش عمومي يهدف إلى قراءة نقدية للمشهد الحزبي في بلادنا .
لذلك يشكل مبدأ كسب رهان الثقة في المؤسسات السياسية اليوم هدفاً أسمى، بل مدخلا أساسيا للإصلاح.
إنه لمن اللزوميات وضرورة ملحة لاغنى عنها لتأكيد انخراط الكل في هذه الإصلاحات، لأنه يدخل ضمن التفاعل الايجابي الوطني لجيل من الأوراش الإصلاحية الكبرى التي يظطلع إليها عاهل المملكة من خلال حث جلالته على ذلك في عدة مناسبات آخرها الرسالة الملكية السامية الموجهة خلال الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي.
وعطفا على ذلك ،وتعزيزا لولوج النساء وفئة الشباب بشكل أكبر الى الهيئات السياسية،و تفعيلا للمقتضيات الدستورية المنصوص عليها في دستور 2011، وتنزيلا لما تم التنصيص عليه في القوانين التنظيمية 29|11 و 36|04 الذي يحدد أدوار ومهام الاحزاب السياسية، بل يجعلها مدخلا لتخليق المشهد الحزبي المغربي ويقر لمنظومة أخلاقية تعزز التشبث بالحق في التمثيلية فإن المسؤولية المشتركة تقتضي أكثر من أي وقت مضى تفعيل مبدأ التزيل الفعلي لكل هذه القوانين والانخراط في إصلاحات كبرى قوامها تفعيل دسترة الديمقراطية التشاركية والمواطنة وحث المجتمع المدني على الاظطلاع بادواره وتمتيع المواطنات والمواطنين بحقهم الدستوري وتشجيعهم للانخراط الفعلي في العمل السياسي المؤسساتي.
عندما نتحدث عن إصلاح المنظومة السياسية ببلادنا يستوقفنا دور الدولة والفاعل السياسي في تأطير هذا النقاش لتجاوز مرحلة غياب الفكر وتأطير فئة الشباب التي تعاني من الاندفاعية مما جعلها غائبة عن هذا النقاش وبالتالي قد تمارس السياسة بطريقة غير مؤطرة.
وهو ما أدى الى تراجع الفعل الحزبي بنسبة كبيرة في مهامه المرتبطة بتأطير الشباب، الشيئ الذي يدعونا اليوم الى العودة في نقاش مسألة تخليق الحياة السياسية.
إنه تذكير متجدد بإرادة الفاعل السياسي والنخب السياسية في تخليق الحياةالسياسية.
وتأسيسا على ذلك فالفاعل السياسي وكذا مسؤولية الدولة هما الحجر الزاوية في الاصلاح وذلك بالنظر الى مجموعة من الاختيارات وتزكية الأحزاب لمجموعة من النخب السياسية في إطار تقديمهما للاستحقاقات السياسية.
إن التغيير والإصلاح، هي إرادة جيل يؤمن بما حققه السلف من مكتسبات سياسية ،بل ويعمل على الحفاظ عليها، في إطار رؤيا موحدة وتصورات استشرافية تواقة الى الإسهام في هذه الإصلاحات .
وعليه لابد أن نستحضر في هذه الإصلاحات مسألة تعزيز كل السبل والوسائل الخاصة بقدرة الاحزاب على إنتاج نخب سياسية جديدة قادرة على إحداث آليات داخلية ناجعة للأحزاب لها من المناعة ما يجعلها تقف أمام كل ما من شأنه ان يحدث تقاطبات مبنية على صراعات شخصية تثير انتقادات الرأي العام الوطني.
هي إذن، مرحلة هامة تجعل من إرادة الفاعل السياسي في التغيير والتزامه بضرورة احترام ميثاق أخلاقي هدفا أسمى يؤطر هذه العلاقة ويقطع الطريق على الفاسدين والمفسدين،
ويجددالدعوة مرة أخرى للانخراط في جيل جديد من الإصلاحات التشريعية والسياسية التي تعمل على الاشراك الفعلي للشباب والنساء في عملية تخليق الحياة العامة ليس بمفهومها الديني أو الفلسفي لكن يجب أن يحكم هذا التخليق بعدا سياسيا.
وأجزم إنها من أوجه التحديات الكبرى التي تقف امام الفاعل السياسي ببلادنا ،وتبعد كل مكونات الاحزاب السياسية على الدخول في مجموعة من التجاذبات التي تأخر هذه الإصلاحات السياسية وبالتالي تعطل تنفيذ مقتضيات مدونة الأخلاق، ويأخر بناء نموذج سياسي مغربي جديد قوامه روح التشييد والثقة والاحترام المتبادل و يروم الى تجويد الفعل السياسي والعمل الحزبي بشكل عام ببلادنا.
*سياسي وفاعل مدني